د. محمد مصطفي راشد، ود. لالاه بختيار وفوزية العشماوي وأزهريون آخرون يعتقدون أن الدور علي الحجاب بعد أزمة النقاب. د. راشد درّس العلوم الإسلامية في الجامع الأزهر، بينما تدرسّها د. فوزية في جنيف، وترأس د. لالاه قسمها في جامعة ألمانية. هم مجتهدون في الدين، يرون "الحجاب" مسألة فقهية سلفية تحولت إلي مسلمة ليست منصوصاً عليها في الإسلام. وأن كثيراًَ من المسلمات في فقه العبادات نفذت إلي العقيدة من باب "المجاملات التاريخية"، لا من باب "القيود النصية". السلفية طغت واستكبرت وتجمدت بعد مائة عام من نشأتها. أزمة المسلمين، والأفكار "السوقية" التي امتزجت بالعقيدة كانتا السبب في تطور السلفية نهايات الخلافة العثمانية. في الأزمات تمتزج الخرافات والشعوذة بتفسيرات "هلامية" لنصوص القرآن. فتظهر تأويلات مختلطة بالسحر للأحداث الدينية التاريخية، وحكايات ممتزجة بالخرافة عن مآثر مقام النبوة والصحابة.. والتابعين. رأي التيار السلفي في بدايته أن السياسة هي المسئولة عن تغيير شكل الإسلام، وعن الكذب في الحديث النبوي. وأن السياسة أيضا هي التي فصلت فقه الأئمة فيما بعد عن الخط الذي نزلت به الرسالة في بدايتها. السلفية أشاروا لأنفسهم في البداية ب"أهل السنة والجماعة"، قبل أن يدخلوا حربًا ضروساً مع الخرافات الدينية. فرفض التيار الوهابي مثلاً الاعتقاد في تحول جسد النبي (ص) إلي مادة بيضاء في قبره، ورفضوا القول بعصمته (ص)، ثم هدموا شواهد القبور.. وحرموا التبرك بأضرحة الأولياء، أو الاعتقاد في هيام أوراحهم بعد الوفاة. رأي السلفيون أيضاً أن مقاومة ما ادخلته السياسة علي الدين، هو العودة للاقتداء بالسلف الصالح. واعتبروا أنفسهم حركة إصلاحية، وكان هذا صحيحاً في البداية. في عصورها الأولي أظهرت "السلفية" مرونة في الفقه، وبراحاً في الاجتهاد، حتي إن جيلهم الأول استدل في الأحكام الشرعية علي ما يتواكب مع الحياة العصرية دون تزمت. واعتبروا أن الأساس في الأحكام الشرعية هو السبب. أو علة الحكم، واستغلوا "مرونة الإسلام" في أحكام جديدة لعصر مختلف عن عصر الرسول. لكن السياسة لعبت بهم أيضا، ولعبوا هم بالدين. فأغلقوا علي أنفسهم الحجرة، حتي ضاقت دوائرهم عليهم، فتركوا الأفكار الكبيرة بعد جيلين، وتعلقوا بمسلمات لم يفحصوها، ففتحوا ملفات "فقه الجماع" و"دخول الخلاء"، وقصروا الدين من معاملات المسلم، إلي لحيته ولباس زوجته. السلفية ظلمهم التاريخ، ظلمهم لأنفسهم. سطوة التيارات الشيعية، و"الخزعبلات" التي ارتبطت بأذهان العامة، هي التي حولت السلفيين إلي أقصي اليمين بسرعة. لذلك أبطلوا "العقل" ب"النقل".. وحرموا الأخذ بالرأي، وقالوا إن الحديث الضعيف أحب إليهم من الاجتهاد. فلعب بهم الحديث الضعيف.. وفرضوا الحجاب. [email protected]