مرحلة جديدة من التحديات دخلها الجهاز المصرفي بعد تحديد البنك المركزي لاستراتيجيته الخاصة بتطبيق مقررات بازل 2 وهي المقررات التي ترسي قواعد جديدة لتطوير القطاع المصرفي محلياً وعالمياً التحديات تكمن في صعوبة الإجراءات التي لابد أن تتخذها البنوك لتنفيذ الاتفاقية والتي من ضمنها الخضوع لاختبار ضغط يتحدد علي أساسه إذا ما كان البنك سيستمر في العمل منفرداً أم سيتم دمجه مع آخر حتي يكون الكيان الجديد قادراً علي مواجهة المخاطر، المصرفيون أكدوا أن تنفيذ المقررات يتطلب تقوية 3 عناصر أولها الكوادر البشرية وثانيها البنية التكنولوجية وثالثها الإمكانيات المادية ورأس المال، لافتين إلي أن اختبارات الضغط التي تم تنفيذها علي البنوك الأمريكية في ضوء تنفيذ هذه المقررات تسببت في اغلاق 99 بنكاً ضعيفاً. أحمد الألفي الخبير المصرفي الذي يقوم في الوقت الحالي بإجراء دراسة حول مقررات بازل 2 يقول إن تنفيذ المقررات يتطلب وجود كوادر مصرفية عالية الكفاءة لابد من بنائها في البنك المركزي والبنوك علي السواء لافتاً إلي أن المقررات ستفرض علي المركزي تطبيق معايير رقابية متنوعة تتمثل في مدخلين أولهما معياري يحدد ضوابطه المركزي والثاني في هيئة نماذج تعدها البنوك وتحدد فيها الضوابط التي تتلاءم معها. الألفي يوضح أن المدخل المعياري لتطبيق مقررات بازل 2 يحدد نسبة مئوية لترجيح كل أصل من البنك واستثماراته بالمخاطر وعلي أساسه يتم ضرب نسبة ترجيح المخاطر في الأصل فيكون الأصل مرجحاً بالمخاطر وعلي أساسه يتم احتساب كفاية رأس المال في أنها تساوي قيمة الأصول مرجحة بالمخاطر أما المدخل الثاني متمثلاً في النماذج الداخلية فيقتضي أن يقوم كل بنك بعمل نموذج داخلي يقيس به المخاطر لكن لابد أن يعتمده البنك المركزي وهذا المدخل يتطلب التحديث المستمر. ويشير الألفي إلي أن المدخل الثاني ممثلاً في مدخل النموذج يتوقف علي أمر مهم وهو اختبارات الضغط قائلاً إن هذه الاختبارات تضع في النموذج أصول البنك واستثماراته علي أساس أن السوق حدث فيه انهيار ومن خلالها يتم معرفة إذا ما كانت البنك سيتحمل أم لا مشيراً إلي أن البنوك في أمريكا تخضع حالياً لاختبارات الضغط وأن هناك 99 بنكاً تم اغلاقهما نتيجة هذه الضغوط، لكن الذي اضعف من قدرة تلك البنوك الأزمة العالمية التي ضربت السيولة في السوق الأمريكي. ويقول حسن عبد المجيد - العضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية - إن البنك المركزي أقر خلال الاجتماع الذي جمعه برؤساء البنوك نهاية الأسبوع الماضي أن يتم تطبيق المقررات علي مرحلتين الأولي تخضع فيها البنوك لضوابط ومعايير يضعها البنك المركزي وبعدها تكون البنوك مؤهلة لمرحلة النموذج التي تضعه هي بنفسها والذي يجب أن يعتمده البنك المركزي. ويشير عبد المجيد إلي أن المركزي قصد أن يبدأ بالمرحلة السهلة ثم بعدها يتم تنفيذ المرحلة الأصعب قائلاً إن البنوك بها الكوادر الكافية والتي تؤهلها لتنفيذ المقررات في الوقت المحدد مشيراً إلي أن بنك الشركة المصرفية العربية قام بالتعاقد لتطبيق نظام تكنولوجي جديد يتلاءم مع مقررات بازل 2 ويساعد في مواجهة أي عمليات لغسل الأموال قائلاً إن التكلفة عالية إلا أن التكاليف حالياً غير مهمة لكن المهم هو التنفيذ الصحيح والدقيق للمقررات. تؤكد بسنت فهمي - الخبيرة المصرفية المتخصصة في مقررات بازل 2 والمستشارة ببنك التمويل المصري السعودي - أنه من الضرورة في المرحلة الأولي أن يستعين البنك المركزي بشركة تقييم دولية كمؤسسة موديز مثلاً حتي تقوم بوضع معايير التقييم التي تسير عليها البنوك وبعدها يتم السماح للبنوك بالتقييم الداخلي، متوقعة أن يشهد القطاع المصرفي حركة اندماجات واستحواذات واسعة لأن المؤشرات تؤكد أن هناك بنوكاً لن نستطيع توفيق أوضاعها وما تقرره "بازل 2" محددة عام 2011 ليكون عام الاندماجات والاستحواذات. ويقدر الدكتور فؤاد شاكر، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، حجم الخسائر الإجمالية للبنوك العربية، نتيجة الأزمة المالية العالمية، بنحو ملياري دولار، بما يقل عن 1٪ من إجمالي ميزانيات هذه البنوك مشيراً إلي أن الخسائر لم تطل أموال المودعين مؤكداً أن حجم السيولة لدي البنوك العربية يزيد علي 51٪ من إجمالي ميزانياتها والتي تقدر بنحو 2.1 تريليون دولار، مشيراً إلي أن إحجام البنوك عن الإقراض، خلال الفترة الأخيرة، يرجع إلي ارتفاع المخاطر في السوق، قائلاً إن الملاءة المالية للبنوك العربية تتراوح بين 12 و20٪، أي ما يزيد علي ما تفرضه مقررات بازل 2 إلا أنه أكد علي ضرورة تطبيق مقررات بازل 2 حتي تستطيع البنوك أداء دورها بشكل أفضل.