إسرائيليون فى دمشق.. قريبا أعلنت سوريا أنها ألغت زيارة مقررة للرئيس محمود عباس إلي دمشق يوم 7 أكتوبر، وتزامن هذا مع الصخب الذي دار في غزة ومن قبل حركة حماس اعتراضا علي ما وصف بأنه خيانة من الرئيس أبومازن لضحايا حرب غزة.. حين طلب تأجيل عرض تقرير (جولدستون) علي مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.. وقد وصل الأمر إلي حد أن تظاهر "غزاويون" ضد عباس.. وداسوا علي صوره وطالبوا بإقالته ومحاكمته. واقع الأمر أن سوريا قد أعطت انطباعا بأنها إنما تشارك في هذه الحملة مع عباس.. لكن الحقيقة تقول إن سوريا كانت تريد أن تتفرغ لترتيبات زيارة ضخمة للملك عبدالله عاهل السعودية.. حتي إن دمشق قد أعدت برنامجا كبيرا يشمل أن يقوم بزيارة حلب واللاذقية.. وتجهزت الأمور.. لكن الملك قصر زيارته علي دمشق دون غيرها.. ما أحبط السوريين. ما يتعرض له أبومازن يكشف عن نوايا متجمعة، لا داعي حتي الآن أن نصفها أنها مؤامرة، فقد يعود من يدبرونها عنها، تمثل المسعي المنظم من قبل أطراف ثلاثة.. هي سوريا وحماس وقطر.. لإفشال المصالحة المتفق علي إبرامها بين الفصائل الفلسطينية يوم 25 أكتوبر الحالي.. لاسيما أن وكالات الأنباء قد طيرت أنباءً حول كلام منسوب لمصادر من حماس في هذا الاتجاه.. وبما يتناقض مع الموقف المعلن من حماس من قبل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة قبل أيام في مؤتمر صحفي لا يحتمل اللبس في قلب القاهرة وبعيد لقاء له مع رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان. وموضوع المسعي إلي الإفشال هو تأجيل تقرير جولدستون.. الذي تقول حماس إن أبومازن قد تواطأ مع إسرائيل حين طلب تأجيل مناقشته.. في حين أن تأجيله وإبقاءه ورقة ضغط علي إسرائيل كان أفضل كثيرا من إسقاطه بالتصويت.. وهو ما ثبت بالدليل القاطع حين رفض مجلس الأمن مناقشة الموضوع حسبما طلبت ليبيا. تتجاهل حماس أن التقرير نفسه يحملها كثيراً من الإدانة.. وأن أبومازن قد راعي ذلك الأمر.. وهي تتخذ من الموضوع ذريعة لكي تفشل المصالحة.. ولكي تدق اسفينا جديدا بين طوائف الشعب الفلسطيني.. ومحاولة منها للفت في عضد شعبية عباس. ومن الواضح أن قطر تريد أن تتجه إلي نفس الإفشال.. خاصة أنها كانت قد فشلت في أن تجد لنفسها دورا في لبنان حين دعت إلي (مؤتمر الدوحة 2) من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية لبنانية.. ولم يصغ إليها أحد.. ولذا فإنها عن طريق قناة الجزيرة تمارس أعلي درجات التسخين.. مدفوعة في ذلك بمرارات فشل متكرر لها في اليمن وفي دارفور. وكان أولي بسوريا أن تقف بعيداً عن هذا التحريض.. خاصة أن المعلومات تقول إنها قد تلقت من الولاياتالمتحدة مجموعة من الطلبات التكتيكية لكي تثبت حسن نيتها الإقليمي.. مثل ترسيم الحدود مع لبنان.. والمساعدة في تشكيل الحكومة.. وإغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في دمشق.. لكنها نحت إلي اتجاه آخر حين ألغت زيارة أبومازن. موضوع تأجيل التقرير خضع لمزايدات متنوعة من هذه الأطراف.. وبالتأكيد هناك أطراف كثيرة تعرف أنه لم يكن للتقرير أن يحرز نتائج مؤثرة في مقابل ما سوف يحصل من تأجيله.. وقد أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارا ضد الجدار العازل ولم توقف بناءه إسرائيل.. وكل المتابعين كانوا يدركون أنه لم يكن من الممكن تمرير التقرير من مجلس حقوق الإنسان.. في المقابل كان لأبي مازن أن يستفيد من تأجيل التصويت علي مستويات مختلفة أقلها ألا يعطي ذريعة لإسرائيل بالإفلات من الضغوط الأمريكية. أولي بهؤلاء الذين يحاولون أن يقوضوا المصالحة وأن يفجروا الساحة الفلسطينية بدلا من ترك الجهود المصرية للم الشمل الفلسطيني دون تخريب.. أن ينشغلوا بما يحدث في القدس.. وأن يركزوا جهودهم ضد تهويد العاصمة المنتظرة للدولة الفلسطينية.. وأن يقفوا وقفة جماعية في اتجاه هذا المخطط المرسوم.. وألا يعطوا فرصة للتطرف لكي يسود. أولي بهم أن يتعاملوا بوجه واحد لا وجهين.. وأن يعلنوا مواقف صريحة لا التواء فيها.. بدلا من أن يمارسوا دق الأسافين بين الفلسطينيين.. التي لا تفيد سوي نتانياهو.. وفي هذا السياق إنني أشير إلي واقعة شديدة الأهمية جرت في أغسطس حين أرسل الرئيس بشار الأسد خطابا إلي مجلس الكنائس العالمي يطلب فيه عقد المجلس في سبتمبر 2010 في دمشق دون شروط مسبقة.. وأنه سوف يسمح بدخول جميع الشخصيات المشاركة سواء من إسرائيل أو غيرها.. أو الذين سبق لهم دخول إسرائيل.. والسماح بمناقشة جميع القضايا.. وهو ما وافق عليه مجلس الكنائس العالمي خاصة أن سوريا قالت إنها سوف تمنح خمسين في المائة تخفيضا في الإقامة بكل فنادق دمشق لحضور المؤتمر. هذه الروح المسالمة السلمية الراغبة في فتح القنوات سرا.. والتي تسعي إلي مد الجسور مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل.. لماذا هي نفسها التي تفسد المصالحة الفلسطينية؟! www.abkamal.net [email protected]