يتناول المؤلف والمؤرخ اللامع تايلور برانش - الحاصل علي جائزة بوليتزر للآداب - السيرة الذاتية للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في أحدث كتاب له والذي يحمل اسم "شرائط كلينتون"،وكما يبدو من عنوان الكتاب فإن مادته مأخوذة عن شرائط مسجلة بصوت الرئيس السابق كلينتون كان الرئيس قد سجلها مخصوص في مشروع سري بدأه بهدف مدّ مؤرخي المستقبل بسجل غير منقح عن التجربة الرئاسية. يفتتح برانش كتابه بحوار صادم بين كل من كلينتون وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين حول مثليي الجنس في الجيش قال فيه روبرت بيرد - سيناتور وست فيرجينيا - أن المثلية الجنسية شيء كريه وأنها هي التي تسببت في سقوط الإمبراطورية الرومانية بسبب العلاقة المفترضة بين يوليوس قيصر والملك نيكوميديس،وبينما يركز الجميع علي الفساد الجنسي في الجيش يبدو كلينتون غير مبال،حتي يلتقط طرف الحديث ليقول أن المثلية الجنسية ليست خطيئة كبري في "قائمة الخطايا العشرة" التي أنزلها الله علي حد تعبيره. ويتأرجح الكتاب ما بين الأحاديث السياسية الغنية مثل رأي كلينتون في العلاقة بين إسحاق رابين وعرفات اللذين وصفا بالالتزام ومابين رأيه في نجمات هوليوود مثل،صوفيا لورين،الذي اتهم ذات مرة بتعمده النظر لصدرها في مأدبة عشاء رسمية لكن كلينتون من خلال شرائطه المسجلة ينفي التهمة ويقول أن نظرته كانت مجرد نظرة غير مقصودة. ويكمن تفرد هذا الكتاب في أنه لم يحكي فقط تفاصيل حياة كلينتون الطفل الأبيض الوحيد الذي يلعب مع الأطفال السود،ولا عن تجربته الرئاسية المجردة وإنما يكمن في تعزيز المؤرخ المتميز برانش لحكايات الرئيس المشاكس بوصف تعبيراته وشعوره تجاه كل كلمة ينطق بها. ومن خلال كتابه كذلك يصف برانش الرئيس كلينتون بالبهلوان الساحر الذي ينغمس في شهواته ويحطم صورته علي الرغم من ذكائه وألمعيته،ويبدي المؤلف الذي يعتبر صديقا شخصيا لكلينتون- استغرابه من نظرة العامة للرئيس بعد فضيحة مونيكا لوينسكي،ويتساءل عن سر ازدواجية شعب يتغني بسحر كينيدي وتعدد مغامراته في حين يلقي بكلينتون في قفص الاتهام بسبب علاقة عابرة واحدة. وعلي المستوي العائلي يتضح من الكتاب أن علاقة كلينتون بزوجته هيلاري علاقة متينة لم تهزها تلك النزوة العابرة،كما يتضح أيضا أن كلينتون أب متفان حيث رفض ذات مرة الذهاب لليابان لحل أزمة عابرة هناك لأن ابنته تشلسي كانت تحتاجه في مساعدتها في الاستذكار لامتحانات المرحلة الثانوية. وأخيرا يري برانش من خلال رصده لسياسة كلينتون الداخلية أن كلينتون تمكن بالفعل من إحراز تقدم حقيقي خاصة مع الحزب الجمهوري،كما أن سياسته الاقتصادية قد ساعدت الفقراء ورفعت مستوي العمال لذا فإنه قدم لبلاده خدمات ليست بالقليلة يستحق بها المسامحة علي هفواته وسقطاته الخاصة.