أخطر ما يواجهه الآن فاروق حسني في معركة انتخابات اليونسكو ليست الحملة التي يقودها الآن المندوب الجديد للولايات المتحدة في هذه المنظمة الدولية، رغم أن هذه الحملة تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، من تهديد ووعيد ورشاوي انتخابية بهدف اسقاط وزير الثقافة المصري وابعاده عن منصب مدير اليونسكو، وهو ما يتناقض مع وعد من واشنطن للقاهرة بأنها لن تمنح صوتها لوزير الثقافة المصري ولكن لن تحاربه. وأخطر ما يواجهه الآن فاروق حسني في معركة انتخابات اليونسكو في أيامها الأخيرة ليست أيضا تلك الحملات التي نشطت منظمات يهودية استخدمت صحفاً أوروبية وأمريكية للنيل من المرشح المصري لادارة اليونسكو وتشويهه وحضرت الدول التي لها حق التصويت علي عدم انتخابه، رغم ان الإسرائيليين وعدوا مصر وقالوا ذلك علنا بأنهم لن يحاربوا حسني بل بعضهم وعد بانتخابه وفي مقدمتهم إيطاليا! وأخطر ما يواجهه الآن فاروق حسني في معركة انتخابات اليونسكو ليست كذلك احتمال ان يحنث عدد من القادة الأوروبيين بوعودهم التي قطعوها علي أنفسهم للقاهرة بمنح أصواتهم لوزير الثقافة المصري في معركته التي وصفها البعض بمعركته الأخيرة، وهي الاحتمالات غير المستبعدة نظرا لأن التصويت في انتخابات اليونسكو سري ولن يعرف بالتالي من أعطاه ومن لم يعطه صوته.. مما يجعلنا لا نتحدث بثقة عن أكثر من ثلاثين صوتا مضمونة لحسني في الجولة الأولي من هذه الانتخابات والتي تتعدد في الغالب جولاتها، نظراً لكثرة المرشحين، لدرجة جعلت الأوروبيين غير قادرين علي الاتفاق علي مرشح واحد لهم. كل ذلك ليس هو أخطر ما يواجهه فاروق حسني الآن في معركة اليونسكو التي يخوضها.. الأخطر منه هو أن نتقبل الهزيمة والمعركة لم تنته بعد والانتخابات لم تتم، ونعتبر ان هزيمة وزير ثقافتنا في هذه المعركة شيء عادي ولا يجب أن يزعجنا لأنها ستكون هزيمة له وحده بمفرده وليست هزيمة لمصر! مفهوم بالطبع ان نتقبل بروح رياضية نتيجة أي معركة انتخابية لواحدة من المنظمات الدولية والاقليمية، فلا نقيم مندبة إذا ما حدث ذلك.. ولكن غير المفهوم أن يتحدث البعض بذلك الآن والمعركة مازالت دائرة وبشدة، بل لقد اشتدت أكثر من أيامها الاخيرة التي تسبق عملية التصويت. صحيح أن الدنيا لم تنهدم حينما أخفق المرشح المصري من قبل لليونسكو، وصحيح أيضا أن مصر لم ينلها سوء حينما أخفق ايضا مرشحها الرسمي لهيئة الطاقة الذرية من قبل.. ولكن الصحيح أن الأمر هذه المرة مختلف.. مختلف لأن المعركة اكتسبت منذ الوهلة الأولي طابعا سياسيا، حينما أصر البعض علي تحويلها زورا إلي معركة ضد العنصرية ومعاداة السامية، مستغلين تصريحات أدلي بها فاروق حسني حول حرق كتب اسرائيلية.. وبمرور الوقت صار الطابع السياسي هو الغالب لهذه المعركة، خاصة حينما تدخلت مصر وعلي أعلي مستوي لاقناع عدد من الدول المؤثرة للتصويت لصالح مرشحها، حينما سعت لحث اسرائيل علي ايقاف حربها العلنية ضد وزير الثقافة المصري، وحينما أيضا نشطت دبلوماسياً للحصول علي تأييد ثلاثة تجمعات مهمة لحسني هي التجمعات العربية والأفريقية والإسلامية.. لذلك كله خسارة حسني لن تكون له وحده. أما الاقتناع بغير ذلك فهو خطر علي حسني لأنه يشيع فتورا لدي الأجهزة المصرية المنوط بها مساندته حتي اللحظة الأخيرة، يجعلها لا تؤدي عملها بذات الحماس الذي كانت تقوم به لمساندته مادامت ان الدنيا لن تنهدم إذا أخفق في الوصول إلي منصب مدير اليونسكو. إن حسني أحوج ما يكون الآن في هذه الأيام القليلة المتبقية من معركة اليونسكو الي حشد كل ما لدينا لمساندته ودعمه، ويحتاج لتكثيف الاتصالات بيننا وبين من لهم حق التصويت ومن بينهم الذين يخوضون حملات ضده سواء علنا أو بشكل مستتر.. أي يحتاج أن نؤدي واجبنا تجاهه حتي اللحظة الأخيرة.