وصلني مؤخراً الكتاب الأخير للصديق العزيز مصطفي بيومي بعنوان (محمد فوزي.. المجد والدموع). ولقد تعجبت بشدة حينما عرفت أن الفنان محمد فوزي قد ولد في 28 أغسطس سنة 1918 ورحل في 20 أكتوبر سنة 1966 أي أن رحلته الإبداعية لم تزد علي 48 سنة فقط. ورغم ذلك فإنه قد ترك لنا ثروة فنية وصلت لما يقرب من 36 فيلماً سينمائياً و 400 لحن لنفسه ولغيره.. وهو ما جعله بحق من علامات السينما المصرية وزمن الفن الجميل. لا أخفي أنني قد تعجبت بشدة من صدور كتاب عن الفنان محمد فوزي ضمن سلسلة رواد الاستثمار، ولكن عندما قرأت الكتاب.. اكتشفت أنه أول من أنتج فيلماً سينمائياً ملوناً. ثم قام بتأسيس شركة لإنتاج الأسطوانات (مصر فون) وهي أول شركة من نوعها علي مستوي الشرق الأوسط كله، وقد ألحق بها ستوديو لتسجيل الأغاني، وقد حقق نجاحاً ملحوظاً، ولكن عاصفة التأميم هبت عاتية لتطيح بمشروعه الناجح الذي كرس له كل ثروته وممتلكاته. نعم، لم يكن محمد فوزي عدواً للشعب كما حاول البعض أن يصفه حينذاك، ولقد تأثر محمد فوزي بالصدمة القاسية غير المتوقعة من التأميم.. لتبدأ مسيرته المضنية مع المرض حيث انخفض وزنه من 77 كيلو جرامًا إلي 40 كيلو جرامًا.. ولم يجد الأطباء الأمريكيون تفسيراً طبياً يبشر بالعلاج أو يكشف عن غموض مرضه المحير والمعقد بالنسبة لهم. نعم للمرة الثانية.. الاعتذار واجب لفنان الشعب محمد فوزي، ورد الاعتبار إليه مطلب ضروري بعد نصف قرن تقريباً من تعرضه للظلم والاضطهاد والتعسف والقهر. وحقاً كان محمد فوزي بعيد النظر حينما انتبه مبكراً لأهمية أن يكون الفنانون هم من يديرون العمل الفني علي الصعيد الاقتصادي. أعجبتني جداً العبارة التي جاءت في سياق الكتاب بأن أمثال محمد فوزي لا يموتون ولا يغادرون الذاكرة الوطنية.. خاصة أنه اتسم بالبساطة والتواضع والقدرة علي التواصل مع جمهوره، أما عن مرحه وخفة دمه وإقباله علي الحياة.. فمما يضرب به المثل كما أثبت كتاب (المجد والدموع.. محمد فوزي). تحية إلي د.محمود محيي الدين (وزير الاستثمار) للمبادرة التي أطلقها بشأن رد الاعتبار لرواد الاقتصاد، ونشر ما ساهموا به من رفع شأن الاستثمار بمصر.. ولقد قامت وحدة التطوير المؤسسي بوزارة الاستثمار بإصدار سبعة إصدارات قبل ذلك عن كل من: محمد أحمد فرغلي (ملك القطن)، وأحمد عبود (الاقتصادي العصامي)، وفاطمة اليوسف (روزاليوسف)، وعبداللطيف أبورجيلة (إمبراطور الأتوبيس)، وسيد جلال (ابن البلد)، وآسيا داغر (صانعة البهجة)، وطلعت حرب (مدرسة العظمة). وهي سلسلة تعيد الاعتبار للعديد من الرواد المصريين الوطنيين من خلال توثيق تحليلي لحياتهم ودورهم. أنه كتاب هام وقيم عن فنان جميل.