الموقف الأمريكي من المقترحات الإيرانيةالجديدة بخصوص ملفها النووي لن يختلف عن الموقف الأوروبي الذي عبر عنه خافير سولانا الممثل الأعلي للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فهناك تنسيق أوروبي- أمريكي كبير في هذا الأمر، ويتمثل هذا الموقف في دراسة هذه المقترحات والترحيب بمناقشتها مع المسئولين الإيرانيين، خاصة أن إيران هي الأخري، وقبل أن تقدم اقتراحاتها لمجموعة الست "الدول الخمس الدائمة+ ألمانيا"، أعربت عن استعدادها لمناقشة أية تحفظات أو أي غموض في هذه المقترحات. ولذلك قد لا تتمكن واشنطن خلال هذا الشهر وحلفاؤها الأوربيون من اتخاذ خطوة في اتجاه فرض عقوبات جديدة علي إيران، ما دام الباب سيظل مفتوحا لدراسة المقترحات الجديدةلإيران، بل مناقشة هذه المقترحات، فسوف تستغرق الدراسة والمناقشة بالطبع بعض الوقت، ربما أسابيع، وربما أيضا شهوراً. وهكذا، جاءت المقترحات الإيرانيةالجديدة بمثابة طوق إنقاذ للجميع من المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه بعد أن حددت قمة الثماني السابقة شهر سبتمبر موعدا لتلقي رد ايجابي من إيران علي دعوة أوباما لها بالحوار حول ملفها النووي، إيران بمقترحاتها الجديدة، التي لم تعرض تفاصيلها الكاملة بعد لأنها ستقدمها بعد نحو أسبوعين، قالت إنها راغبة في الحوار ولا ترفضه، وإدارة أوباما يمكن أن تعتبر ذلك ردا مقبولا علي دعوتها للإيرانيين للحوار، وإن كان الرد لم يأتها بشكل مباشر، رغم أنها خاطبت الإيرانيين مباشرة برسالتين للمرشد الأعلي خامنئي. وقد جاء تقرير د.محمد البرادعي ليعزز هذا الاتجاه أكثر، فهو لم يتضمن ما كانت تتمناه واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون من توجيه اتهامات واضحة لإيران بأن برنامجها النووي له أغراض عسكرية، بل إن البرادعي نفسه قال في تصريحات صحفية بعد أن قدم تقريره إن مثل هذه الاتهامات مغالي فيها، وإن كان اتهم الإيرانيين، كما فعل دائما، بعدم الشفافية بخصوص برنامجهم النووي، في ظل وجود مخاوف من نواياهم المستقبلية، وبذلك افتقدت الإدارة الأمريكية ما يمكن أن تستند إليه في إقناع كل من روسيا والصين بتشديد العقوبات علي إيران. هنا علينا أن نتوقع زيادة الحديث أمريكيا وأوروبيا عن الحوار مع الإيرانيين حول الملف النووي الإيراني، خاصة أن الإيرانيين يقولون إنهم مستعدون لهذا الحديث ومناقشة أي شيء يتعلق بحزمة مقترحاتهم الجديدة التي ستكون في الأغلب صياغة جديدة لنفس مقترحاتهم السابقة، لأنهم مازالوا يعلنون حتي الآن رفضهم للمطلب الأمريكي والأوروبي السابق بوقف تخصيب اليورانيوم. والأغلب أيضاً أن أكثر ما سيدور حوله الحديث ليس الحوار مع إيران ومداه الزمني وإنما جدول أعماله، فالإيرانيون يطرحون جدول أعمال شاملا، لا يقتصر فقط علي برنامجهم النووي، إنما يتسع ليشمل عددا من القضايا المختلفة الإقليمية مثل العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وكل ما يهم الخليج، وملخص الموقف الإيراني هو الحصول علي اعتراف أمريكي- أوروبي بدور إقليمي خاص لإيران، وبحق الفيتو في القضايا المختلفة التي تخص الإقليم، بينما يريد الأمريكيون والأوروبيون أن تكون البداية الملف النووي الإيراني أولا قبل الانتقال لمناقشة دور إيران في المنطقة.. أي أن الخلاف علي ترتيب مناقشة الموضوعات والقضايا. وإذا كان الحديث حول الحوار سوف يتزايد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فإن الحديث عن العقوبات لن يتوقف أيضا حتي وإن لم تمض واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون في اتجاه خطوات عملية في هذا الشأن، فربما يكون هذا الحديث ضروريا من وجهة نظر الأمريكيين والأوروبيين لدفع إيران دفعا لتليين مواقفها في أي حوار مقبل، وهذا معناه أن أوباما في الوقت الذي لن يسحب يده الممدودة بالحوار لإيران الآن، فإنه سيمد يده الأخري لها ملوحا بالعقوبات.