لا يمكنني القول إن جلعاد شاليط سيكون بيننا غداً أو بعد غد هناك أخبار تنشر ولا تعكس الحقيقة، ويجري تضخيم كبير في وسائل الإعلام لهذا الموضوع. هكذا نفي نتانياهو الأخبار التي بدأت في نشرها صحف إسرائيلية ثم تلتها صحف عربية وأخيراً ألمانية حول قرب إتمام عقد صفقة لتبادل الاسري بين الحكومة الاسرائيلية وحركة حماس تقضي بالافراج عن الجندي الاسرائيلي المختطف جلعاد شاليط، وذلك بعد مشاركة الألمان في الوساطة بين الاسرائيليين وحركة حماس، وهي المشاركة التي كان الرئيس مبارك أول من كشف النقاب عنها قبل اسبوعين. وكما نفي نتانياهو قرب إتمام هذه الصفقة نفت حركة حماس علي لسان أحد قيادييها ذلك أيضا، وإن كانت لم تنكر تجدد المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين عبر مصر وألمانيا لانجاز هذه الصفقة، كذلك لم تنكر لا الحكومة الاسرائيلية ولا حركة حماس الأنباء التي ترددت أن هناك عرضا إسرائيليا بالافراج عن قائمة جديدة من الأسري والمتعقلين الفلسطينيين، وأن خالد مشعل ينوي زيارة القاهرة قريباً للرد علي هذا العرض ومقابلة الوسيط الألماني الذي يزور العاصمة المصرية حاليا. وهذه ليست هي المرة الأولي التي يزيد فيها الحديث عن قرب اتمام صفقة تبادل الاسري بين الحكومة الاسرائيلية وحركة حماس. وحتي ما تحدثت عنه الأنباء الجديدة عن تفاصيل لهذه الصفقة لا يختلف عن التفاصيل التي سبق أن خاضت فيها الصحافة الإسرائيلية والعربية من قبل عدة مرات. ربما يكون الاختلاف الوحيد هذه المرة هوالاسماء الجديدة في قائمة الأسري الفلسطينيين التي عرضت الحكومة الإسرائيلية الإفراج عنهم، وذلك بعد أن رفضت حماس القائمة أو بالأصح القوائم التي اقترحتها الحكومة الإسرائيلية السابقة. وحتي طريقة اتمام الصفقة وزمن تنفيذها، بما في ذلك استلام مصر الجندي جلعاد شاليط من حركة حماس حتي يتم الافراج عن كل الأسري الفلسطينيين لم يتغير. ولكن الجديد هذه المرة أنها تتسم بمشاركة الألمان في الوساطة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، وإن كان الحديث عن مشاركتهم ليس بجديد، بل انه بدأ يتردد بقوة غداة العدوان الإسرائيلي الوحشي علي قطاع غزة قبل ثمانية أشهر مضت. وقتها كان هذا الحديث يردد أن حركة حماس هي التي تفضل مشاركة الألمان في الوساطة بينها وبين الحكومة الإسرائيلية، علي غرار وساطة الألمان بين إسرائيل وحزب الله، وهي الوساطة التي أسفرت عن الافراج عن معتقلين لبنانيين وفلسطينيين مقابل رفات جنديين إسرائيليين مختطفين، أما هذه المرة فإن الحديث يتردد حول دعوة ألمانية للوساطة بناء علي رغبة الحكومة الإسرائيلية أساسا التي رأت كما تقول صحف إسرائيلية أنها تحاول تفادي انحياز مصر لحركة حماس في مطالبها سواء عدد الأسري التي تتمسك بالإفراج عنهم أو بأسماء بعض الأسري التي تشترط أن تشملهم الصفقة ومن بينهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات. وبغعض النظر عن مدي صحة هذه الأخبار المتداول الآن إسرائيلياً وعربياً وألمانياً حول صفقة الأسري بين إسرائيل وحماس، فالمؤكد أن مصر لم تكن مجرد وسيط بين الإسرائيليين وحماس، ولكنها كانت ومازالت تقوم بدور تراه ضروريا لاتمام الافراج عن أكبر عدد من الأسري الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وفي هذا الاطار كان موقف مصر الرافض للطلب الإسرائيلي بإبعاد عدد من الأسري المفرج عنهم ليس عن غزة وحدها وإنما عن الضفة أيضا، أي خارج كل الأراضي الفلسطينية، فقد رأت مصر أن هذا الطلب غير مقبول. وربما لذلك سعي الاسرائيليون لمشاركة ألمانية في اتمام هذه الصفقة حتي يدبر الوسيط الألماني أماكن في بلاد أوروبية لمن تصر إسرائيل علي إبعادهم من المفرج عنهم إذا ما تمت هذه الصفقة بعد بعد غد.