امتد خطر القرصنة ليشمل جميع الدول الأفريقية والعربية مستنزفًا لثروات الدول ومؤشرا بالسلب علي اقتصادياتها وعمليات الاستيراد والتصدير.. ولم تكن القرصنة البحرية قرابة السواحل الصومالية هي المتهم الأول في هذا الصدد بل هناك أنواع أخري من القرصنة في تلك الدول تولد كنتيجة للصراعات علي الحكم أو تقوم بها بعض العصابات لتمويل عملياتها الإرهابية أو تكون مفتعلة من دول الغرب لتكون ذريعة لتدخلها في المنطقة الأفريقية. . مسئولون أفارقة يتحدثون إلي "روزاليوسف" عن أخطار القرصنة وتأثيرها علي دولهم واقتصادياتهم. "يوجين إيجيسا" 43 عامًا - مسئول إدارة تنمية المصايد في مقاطعة "بوسيا" في دولة أوغندا الواقعة علي الحدود مع دولة كينيا مع بحيرة فيكتوريا التي تأتي منها منابع النيل من جنوب قارة أفريقيا، تحدث ل"روزاليوسف"في تصريحات خاصة عن ظاهرة القرصنة وتأثيرها علي الثروة السمكية والمصايد والاقتصاد القومي لأي دولة قائلا: أوغندا دولة مغلقة ولذلك فهي بعيدة نوعا ما عن خطر القرصنة البحرية التي تحدث في البحر الأحمر، ومع ذلك فإنها تتأثر بانخفاض حجم الواردات من السلع والغذاء إليها أو عمليات التصدير بعد اضطرار الدولة إلي مضاعفة الأموال التي تدفع كرسوم للحماية والتأمين للسلع المستوردة والمصدرة والشاحنة نفسها لضمان عدم الوقوع تحت سيطرة القراصنة. عمليات اجرامية وأشار إلي وجود أعداد كبيرة من اللاجئين الصوماليين في أوغندا بسبب أعمال القرصنة المنتشرة بها والوضع السياسي المتدهور هناك والذي أسفر عن انتشار السلاح بشكل غير منظم وإساءة استخدامه في أعمال القرصنة والإرهاب في اعتقاد من المتمردين بأنهم يستطيعون من خلال القرصنة توفير الأموال اللازمة لتمويل عملياتهم الإجرامية.. ورغم أن أوغندا دولة مغلقة إلا أن حجم انتاج الأسماك بها يقدر ب300 ألف طن سنويا حيث توجد بها 160 بحيرة صغيرة مثل "ألبرت" و"كيوجا" و"جورج" اضافة إلي مشاركتها في الصيد من بحيرة فيكتوريا مع دولتي كينيا وتنزانيا.. ولذلك توجد القرصنة البحرية أيضا في أوغندا ولكن ليس بالشكل الذي توجد به في الصومال حيث يسرق القراصنة متعلقات ومعدات الصيد من شباك وأجهزة ومواتير وغيرها، ولم تحدث أية عمليات لخطف المراكب أو احتجاز لأشخاص. حركات التمرد وقال بأن القرصنة في أوغندا بدأت منذ عام 1986 بسبب الوضع السياسي المتدهور فيها في ذلك الوقت وظهور حركات التمرد في منطقة الشمال بسبب تأييدهم لحركة تحرير جنوب السودان مشيرا إلي الآثار السلبية المترتبة عليها وعلي عمليات الصيد والمتمثلة في زيادة أسعار معدات الصيد في البحيرات، وانخفاض حجم الانتاج السمكي وقلة الاستثمارات في مجال الاستزراع السمكي والصيد. لافتا إلي احتمال فشل تطبيق الاتفاقيات المبرمة بين الدول وبعضها البعض بسبب عدم تنفيذ بنودها لاعاقة القرصنة لذلك فإن الحل الأمثل للقضاء علي القرصنة البحرية وغيرها من أجل استغلال مصادر المياه الطبيعية في استخراج الثروات وغيرها في جلوس ممثلين عن الدول المختلفة علي مائدة المفاوضات ومن المنظمات الدولية المهتمة بعمليات الصيد وبالثروة المائية من أجل ايجاد حل مناسب يتفق عليه الجميع للقضاء علي القرصنة مما يعمل علي تحسين اقتصاديات الدول وتقليل الاخطار التي تتعرض لها. ثروات افريقيا "الصادق أرباب حقار" - مسئول مركز التدريب القومي للأسماك في دولة السودان - يري أن أهم أسباب وجود القرصنة هو رغبة الدول الغربية في استنفاد ثروات دول العالم الثالث الأمر الذي يدفعها إلي محاولة اشعال الفتن وتكوين العصابات داخل مجتمعات هذا العالم خاصة تلك التي لا تتوافر لديها الامكانيات والقدرة لاستغلال مواردها الطبيعية، ومنها دولتا الصومال والسودان اللتان أهملتا ثروات البحر الأحمر ولذلك تلجأ كل منهما إلي تأجير المصايد في محيط كل الدولة إلي دول أخري مثل مصر وسوريا والكويت وعمان والهند واستراليا، لتوفير عائد مادي مناسب منها. واشار إلي وجود نوع آخر من القرصنة يتمثل في عدم التزام السفن بالشروط المتفق عليها للايجار والمدد المحددة لعملها في المياه الاقليمية بالدولة المؤجرة والبقاء بها 21 يوما كما هو متعارف عليه في تلك العقود تمكث بها قرابة الشهرين دون مقابل بل تغادر الدولة ثم تعود مرة أخري دون تصريح وتقوم باستنفاد الثروة المائية من جميع أنواع الأسماك والحيوانات البحرية.. وفي الصومال يزداد الأمر سوءا وخطورة علي الثروة السمكية حيث لا تجد الشركات العاملة في الصيد حكومة محددة للتعاون أو التفاوض معها وذلك أصبح تعاقدها بالسنة وتحت رقابة دولية، وتكون الدولة ملزمة بالسماح للسفن بالصيد في مياهها الإقليمية إلا أنه في حالة تعدد وتغير الحكومات يقوم أعوان الحكومة السابقة بعد الانقلاب عليها بتشكيل فرق عصابات للقرصنة علي السفن العاملة في المنطقة أو العابرة في المياه الدولية من أمام السواحل الصومالية. مناطق الصيد وأكد أن منظمات البيئة والثروة السمكية والمياه العاملة في مجال الصيد لم توزع المناطق المائية الخاصة بالصيد في الدول الأفريقية المطلة علي البحر الأحمر بشكل عادل ورشيد، ومنها منظمة "سوساف" التي تعمل في هذا المجال والتي حددت المناطق الصالحة للصيد فيها لسفنها قرب السواحل السودانية والصومالية حيث تتضاعف فيها الثروة السمكية نتيجة لعدم استغلالها الاستغلال الأمثل من قبل الدولة. "نعمات محمد عبدالرحمن" مفتش أسماك بوزارة الثروة الحيوانية والسمكية بالسودان- تحدثت عن الآثار السلبية العائدة علي الثروة السمكية وعمليات الصيد والناجمة عن أعمال القرصنة البحرية مشيرة إلي أن الساحل الصومالي ساحل طيني ورملي صالح لأسماك الجرف ويمتزج بالمياه العذبة عبر 3 دلتاوات كبري موجودة بها وتخلق بيئة خصبة لتربية أنواع نادرة من الأسماك والجمبري إلا أن القرصنة الصومالية تفقد الساحل لموارده وإهدار تلك الثروات. واعتبرت أن القرصنة التي يكون فيها سطوا علي السفن واختطافها واحتجازها لم تكن ضمن اهتمامات حكومة السودان لأنها تتم في المياه الدولية ثم يقتاد القراصنة السفن إلي المياه الإقليمية للصومال بعيدا عن السواحل السودانية، مشيرا إلي أن القراصنة لهم جنسيات مختلفة تنتمي إلي الصومال وكوبا وكوريا والفلبين وغيرها. وعن كيفية استغلال الثروات الطبيعية في ظل وجود القرصنة طالبت بضرورة تخطيط الحكومات لاستغلال جميع الموارد مشيرة إلي أن الأسماك ليست من أولويات الحكومة السودانية ولذلك لا تبذل جهدا للحفاظ عليها في البحر الأحمر وتمثل نقطة ضعف يستغلها القراصنة. وتري أن الدول والحكومات والمنظمات الدولية المهتمة بالصيد تسعي إلي القضاء علي القرصنة ولكن في حدود تنفيذ سياسات وأجندات لدول أجنبية تقوم بتمويلها، معتبرة أن القرصنة تعد سببا لاستعمار جديد من قبل الدول العظمي خاصة أن السفن التجارية التي تحمل أعلامهما تتعرض لخطر القرصنة هي الأخري مما يدعم تدخلهم في المنطقة من خلال القواعد والسفن الحربية، مشيرة إلي احتمال افتعال أية عمليات للقرصنة علي تلك السفن حتي تتخذها الدول الكبري ذريعة لوجودها بالمنطقة. استقرار سياسي وقالت إن الدول لن يمكنها القضاء علي القرصنة إلا بالاستقرار السياسي والتخطيط المستقبلي لاستغلال الموارد والمحافظة عليها والوحدة العربية والأفريقية. مانجيلا إيزابيل تعمل في المديرية العامة للاستزراع السمكي بدولة الجابون التي تطل علي المحيط الأطلنطي قالت إن سواحل الجابون تصل إلي 800 كليو متر إضاففة إلي عدد من البحيرات التي تتوزع علي 9 مقاطعات "محافظات" في الدولة.. ونفت وجود أية عمليات للقرصنة البحرية في دولتها بسبب الاستقرار السياسي الموجود بها، ورغم ذلك لم تنكر تأثيرها السلبي علي اقتصاديات الدول سواء فيما يخص الثروة السمكية أو عمليات الاستيراد والتصدير. انخفاض الصادرات "كارانجوا تشارلز" رئيس قطاع التنمية الاقتصادية والمسئول عن الثروة السمكية في مقاطعة هوي "Huye" في دولة رواندا إحدي دول حوض النيل أكد تأثر دولته بشكل غير مباشر من أعمال القرصنة حيث الاستيراد "لكل شيء" والتصدير "القهوة والشاي والمعادن". مشيرا إلي أن القرصنة ولدت الخوف الشديد لدي المصدرين بأن مراكبهم معرضة للسرقة لذلك عزفت المراكب عن العمل وانخفض حجم التصدير للمنتجات في رواندا بنسبة تتراوح بين 10 و20٪ وزادات نسبة البطالة إلي %10 من حجم العمل هناك.. وأغلق عدد كبير من المؤسسات التي تعتمد علي الاستيراد والتصدير.. وقال إنها تجعل حياة الصيادين في خطر دائم لخوفهم من الاختطاف ولذلك تقل عمليات الصيد. وأشار إلي أن انخفاض حجم الاستيراد للموارد الغذائية ل"رواندا" ينذر بمجاعة تتضاعف آثارها في حالة تعرض أية سفن محملة بالغذاء للقرصنة.. وكذا شحنات البترول والتي ينتج عنها ارتفاع أسعار الطاقة وغلق المصانع وركود في سوق الصناعة.