لا تتوقف المحاولات لتعكير صفو العلاقات المصرية السعودية. وأحدث هذه المحاولات يستخدم أصحابها الولاياتالمتحدة وتحديداً إدارتها الجديدة لاصابة هذه العلاقات الأخوية بسهم مسموم، إنهم يقولون إن الإدارة الأمريكيةالجديدة قررت أن تتعامل مع مصر باعتبارها الدولة العربية الأقرب إليها علي عكس إدارة الرئيس جورج بوش الابن التي كانت تتعامل مع السعودية باعتبارها الدولة العربية الأقرب إليها.. أي إن إدارة أوباما بذلك استبدلت مصر بالسعودية في تعاملاتها العربية، وبالتالي سوف تعتمد عليها أكثر من السعودية في سياستها بالمنطقة. وكما يبدو أنها محاولة خبيثة لإثارة خلاف بين مصر والسعودية أو علي الأقل إصابة علاقتهما بالفتور. وهي تأتي متزامنة مع محاولات أخري في هذا الشأن ولها نفس الهدف يروج أصحابها الي أن مصر طلبت من المملكة العربية السعودية إبطاء خطوات المصالحة مع سوريا أو فرملة هذه المصالحة الآن، نظرا لأن سوريا مازالت تراهن علي علاقاتها الاستراتيجية مع إيران، ولم يصف قلبها تماما تجاه كل من القاهرةوالرياض. كذلك يروج هؤلاء أيضا إلي تباعد في السياسات والمواقف بدأ يحدث بين مصر والسعودية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وتحديداً المطلب الأمريكي من العرب باتخاذ خطوات بناء ثقة مع إسرائيل، أي خطوات تطبيع جزئية معها، فبينما ترفض السعودية بإصرار هذا الطلب الأمريكي فإن مصر لا تمانع في الاستجابة جزئيا له. وهكذا.. محاولات إفساد العلاقات المصرية السعودية عديدة ومتنوعة.. وهي محاولات تطبق المثل المصري المعروف "العيار الذي لا يصيب يدوش"!.. وهذا ما بدا في تصريحات قادة البلدين التي حاول بعضها الرد غير المباشر وأحيانا المباشر علي هذه المحاولات، مثلما حدث في البيان السعودي الرسمي الذي صدر مؤخرا والذي يتحدث عن احتفاظ السعودية بعلاقات أخوية مع كل الأشقاء العرب. فهذه المحاولات لن تصيب فعلا العلاقات بين مصر والسعودية بأي ضرر، لأن ثمة إصراراً من قادة البلدين علي استمرار هذه العلاقات، قوية متينة.. وثمة حرصاً علي أعلي درجات التنسيق بينهما في كل القضايا العربية والاقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ومن يتأمل ملياً هذه المحاولات سوف يتأكد أنها لن تحقق الهدف منها، فالإدارة الامريكية السابقة لم تفسد فقط العلاقات الامريكية مع مصر، ولكنها أفسدتها مع السعودية، لا يهم أن ذلك حدث مع السعودية بدرجة أقل أو أنه حدث مع مصر بدرجة أكبر، لكن المهم العلاقات الامريكية العربية بل العلاقات الأمريكية والدول الإسلامية وصلت الي أدني درجاتها خلال عهد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش. أما الادارة الامريكيةالجديدة برئاسة باراك أوباما فإنها جاءت لتصلح ما أفسده بوش في هذه العلاقات، ولذلك يهمها أن تحتفظ بعلاقات طيبة مع كل من مصر والسعودية وليست إحداهما فقط، بل إنها تحاول الآن مع سوريا أيضا وستظل تحاول حتي تنجح، فكيف إذن سوف تستبدل مصر بالسعودية في سياستها العربية؟ أما حكاية ضيق مصر من التقارب السعودي السوري فهي أكذوبة فضحتها في وقت مبكر موافقة الرئيس مبارك علي دعوة الملك عبدالله للقمة الثلاثية التي جمعت مصر والسعودية وسوريا في الرياض، فضلا عن التصريحات الرسمية الصادرة من مصر والتي يلاحظ أنها خلت من توجيه أية انتقادات للسياسة السورية، رغم أن هذه السياسة لم يطرأ عليها تغير جوهري. ونفس الأمر يتعلق بأكذوبة التباعد المصري السعودي حول القضية الفلسطينية وتحديدا الطلب الأمريكي بتطبيع عربي جزئي مع إسرائيل، وحديث الرئيس مبارك مع الرئيس أوباما يؤكد ذلك، حيث أبلغ مبارك مضيفه أن العرب هم الذين يحتاجون من الإسرائيليين لإجراءات بناء ثقة، وأنه ليس مستساغا مطالبة السعودية بأي خطوات تطبيعية مع إسرائيل حتي ولو كانت هي صاحبة المبادرة العربية وهذا يؤكد أن التنسيق المصري السعودي في أعلي درجاته.