ما ان اندلعت الحرب على غزة إلا وكان التأييد الغربى لإسرائيل على أشده، سواء على جانب السلطات والحكومات أو على جانب الشعوب، وما إن ظهرت خسة الجانب الإسرائيلى مع مرور الوقت بارتكابه أبشع الجرائم فى حق الشعب الفلسطينى الأعزل من أطفال ونساء وكبار سن، وكل فئات المدنيين. وبدا تراجع الشعب الأمريكى ملحوظا مع مرور الوقت مع إجراء استطلاعات الرأى الدورية وتنامى التظاهرات الداعمة والمؤيدة للشعب الفلسطينى والمطالبة بوقف إطلاق النار. فبعد ساعات قليلة على الهجوم المباغت وغير المسبوق الذى شنته حركة حماس على إسرائيل فى 7 أكتوبر، شهدت جامعة هارفارد، أرقى الجامعات الأمريكية، حدثا غير متوقع، إذ صدر بيان يحمّل إسرائيل المسؤولية. وقالت الرسالة إن «إسرائيل تتحمل بشكل كامل مسئولية كل أعمال العنف التى تندلع». وكانت لجنة التضامن مع فلسطين هى التى أعدت البيان، الذى وقع عليه فى نهاية المطاف أكثر من 30 منظمة طلابية فى الجامعة. يمثل هذا التطور وجها من وجوه تغير الدعم الشعبى لإسرائيل فى الولاياتالمتحدة، خاصة بين فئة الشباب الذين باتوا يدعمون الشعب الفلسطينى بشكل متزايد. وهذا الأمر ليس بالجديد تماما. وقبل أشهر قليلة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كتبت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تقريرا، يشير إلى أن الدعم الشعبى لإسرائيل فى الولاياتالمتحدة يتراجع على نحو مطرد. فى المقابل، فإن التعاطف مع الفلسطينيين آخذ فى الارتفاع. وكشف استطلاع للرأى فى الولاياتالمتحدة عن تحول فى آراء الديمقراطيين، أدى إلى إظهار تعاطفهم تجاه الفلسطينيين بدرجة أكبر منه نحو الإسرائيليين. وحسب الاستطلاع الذى أجرته مؤسسة «غالوب» الأمريكية للأبحاث فى واشنطن مارس الماضى، فإن 49 بالمئة من الديمقراطيين تعاطفوا مع الفلسطينيين، مقابل 38 بالمئة تعاطفوا مع الإسرائيليين. وفسرت المؤسسة الانخفاض «الحاد» فى التعاطف مع الإسرائيليين بآراء «الأجيال التى ولدت بعد 1980» الذين رجحوا كفة الفلسطينيين، بينما «الأجيال الأكبر من الأمريكيين الديمقراطيين كانت أكثر تعاطفا مع الإسرائيليين». ومنذ يومان، أظهر استطلاع جديد أجرته «رويترز/إبسوس» أن التأييد الشعبى فى الولاياتالمتحدة لحرب إسرائيل على حركة حماس فى قطاع غزة فى تراجع، بينما يعتقد أغلب الأمريكيين أنه يتعين على إسرائيل إعلان وقف لإطلاق النار فى الصراع الذى تفاقم إلى أزمة إنسانية. واستطلاع الرأى الذى أجرى على مدار يومين آخرهما الثلاثاء الماضى أظهر أن نحو 32 بالمئة من المشاركين قالوا «الولاياتالمتحدة عليها أن تدعم إسرائيل» لدى سؤالهم عن الدور الذى من المفترض أن تقوم به بلادهم فى الصراع. وقلت بذلك النسبة عن 41 بالمئة كان هذا موقفهم فى استطلاع رأى أجرته رويترز/إبسوس فى 12 و13 أكتوبر الماضى. وارتفعت نسبة من قالوا إن «الولاياتالمتحدة يجب أن تكون وسيطا محايدا» إلى 39 بالمئة فى الاستطلاع الجديد من 27 بالمئة قبل شهر، وقال أربعة بالمئة من المشاركين فى الاستطلاع إن على الولاياتالمتحدة دعم الفلسطينيين و15 بالمئة قالوا إن الولاياتالمتحدة لا يجب أن تتدخل إطلاقا والنسبتان مماثلتان لما أظهره استطلاع الشهر الماضى. من جهتها، اعتبرت مجلة «نيوزيوك» أن دعم فلسطين بين الأمريكيين ارتفع إلى مستويات قياسية فى السنوات الأخيرة، مع اعتبار الكثيرين منهم الاحتلال الإسرائيلى «تطهير عرقى». ومع اندلاع الحرب، غرقت منصات التواصل الاجتماعى فى الولاياتالمتحدة بمقاطع فيديو تظهر مظاهرات داعمة لفلسطين فى حرم الجامعات ومراكز المدن، حيث تبين رموزا مثل الكوفية وعلم فلسطين، ويردد كثيرون شعار «فلسطين حرة». وفى الرابع من نوفمبر الجاري، تظاهر نحو 300 ألف شخص فى العاصمة الأمريكيةواشنطن، وهى المظاهرة الأكبر الداعمة لفلسطين فى تاريخ الولاياتالمتحدة. وبحسب وكالة «رويترز»، فإن الجيل «Z» أو جيل الألفية أكثر تشككا إزاء السياسة الإسرائيلية نحو الفلسطينيين بما يفوق الأجيال الأكبر عمرا.