تحت شعار «لم الشمل»، انطلقت أمس من العاصمة الجزائر فعاليات قمة الدول العربية الحادية والثلاثين والتى تعقد على مدى يومين، بمشاركة نحو 16 قائدا عربيا، حيث بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة للرئيس التونسى قيس سعيد الذى يسلم الرئاسة للجزائر، تليها كلمة الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون، ثم كلمة للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، تبعها مأدبة عشاء للقادة. وتعتبر القمة الحالية رابع قمة عربية فى تاريخ الجزائر على مستوى القادة فى دورتها العادية رقم 31، فيما تعد القمة رقم 49 فى تاريخ القمم العربية العادية والطارئة والاقتصادية خلال نحو 8 عقود. وتأتى القمة بعد توقف نحو 3 سنوات حيث كان مقررا عقدها فى مارس 2020، إلا أنه تم تأجيلها نظرًا لجائحة كورونا، حيث عقدت آخر قمة عربية اعتيادية فى تونس عام 2019 وهى القمة العربية الدورية الثلاثون. وتأتى القمة الحالية وسط تحديات وظروف معقدة تشهدها المنطقة العربية، إضافة لوضع عالمى مضطرب جراء حرب أوكرانيا وتداعياتها من أزمة طاقة وغذاء. وتوافد وصول الرؤساء والقادة العرب منذ يوم أمس الأول، ووصل الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى مقر انعقاد القمة صباح أمس الثلاثاء. فيما اعتذر العاهل المغربى الملك محمد السادس عن المشاركة فى القمة ل«اعتبارات إقليمية» بحسب ما أعلن وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة. وسابقا اعتذر ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان عن القمة لأسباب صحية، كما اعتذر العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، وأعلن الديوان الملكى الأردنى أن ولى العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثانى سيشارك فى فعاليات القمة، كما اعتذر أمير الكويت، كما يغيب الرئيس اللبنانى ميشال عون عن القمة لانتهاء ولايته الدستورية. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط فى تغريدة على موقع «تويتر» عشية القمة إن تعزيز «الصمود الفلسطينى» سيكون قضية أساسية على أجندة القمة، وكذلك الأزمات العربية فى كل من سوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال. وأضاف أبو الغيط أن القمة ستناقش أيضا القضايا المتعلقة بالتصدى للتدخلات الإقليمية فى الشؤون الداخلية للدول العربية. وفى السياق ذاته، قال وزير الخارجية الجزائرى إن الرئيس عبدالمجيد تبون سيقدم أفكارا لإصلاح الجامعة العربية خلال القمة. كما أضاف الوزير أن هذه القمة ستصدر ما يٌعرف ب«إعلان الجزائر»، موضحا أن هذا الإعلان سيكون له مكانة خاصة فى «تطوير العمل العربي» المشترك، لكن من دون الإفصاح عن ما سيتضمنه هذا الإعلان. وتشهد القمة الحالية تحولات رقمية واستخداما لافتا لوسائل التواصل الحديثة، فى سابقة بتاريخ القمم العربية. وقال مسئول بوزارة الخارجية الجزائرية، أمس الأول إن بلاده استطاعت توفير الترتيبات اللازمة لعقد القمة العربية لأول مرة «من دون أوراق»، مضيفا أنها «تعتبر سابقة فى تاريخ القمم العربية». وتمت بلورة المشروع بعد تجربة مصر عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، كما أن الاجتماعات التحضيرية على مستوى وزراء الخارجية تمت من دون استخدام أوراق. ووفق مدير عصرنة العمل الدبلوماسى بوزارة الخارجية الجزائرية عقبة شابى، فإن «الجزائر قطعت أشواطا مهمة فى مجالات التحول الرقمى واستعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال، مما سمح لها بتوفير جميع الشروط الضرورية حتى تكون قمة الجزائر 2022، أول قمة عربية من دون ورق». ويناقش القادة العرب القضية الفلسطينية وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة، مع الحرص على تكليف الأمانة العامة للجامعة العربية بمخاطبة المجموعة العربية بالأمم المتحدة، فى نيويورك وجنيف، للتأكيد لدى المجتمع الدولى أن «ازدواجية المعايير الدولية وسياسة الكيل بمكيالين يجب أن تتوقف، لأنها تشجع الحكومة الإسرائيلية التى تستغل الأزمة الدولية الحالية، فى تنفيذ المزيد من مخططاتها التوسعية الاستعمارية، بما فيها هدم الممتلكات ومصادرة الأراضى والقتل العمد وسياسات العقاب الجماعى، وجميع انتهاكات القانون الدولى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة». كما تشمل أجندة القادة التضامن مع لبنان ومساعدته على تجاوز أزمته الاقتصادية وحالة الفراغ المؤسساتى فى البلاد، فى ظل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون. وفى خصوص سوريا، سيتناول البيان الختامى المرتقب تشجيع الأطراف السورية على الحوار لإيجاد مخرج سياسى للأزمة، بعيداً عن التدخلات الأجنبية. وأفاد المصدر الدبلوماسى الجزائرى بأن نقاشات القمة ستتناول الأزمة الأمنية والسياسية فى ليبيا، مع الدعوة إلى العودة إلى المسار الانتخابى فى هذا البلد، وتشجيع الأطراف الليبية على الحوار لتنظيم انتخابات عامة فى أقرب الآجال. كما يتركز الحديث، حسب المصدر ذاته، على «خطر الميليشيات على الأمن فى البلاد» وتداعياته على بلدان الجوار، ومنها الجزائر ومصر وتونس، مع التأكيد على «منع تدخل القوى الأجنبية» فى شؤون ليبيا وترتيباتها الداخلية. ويبحث اجتماع القادة أيضاً تطورات الوضع فى اليمن والتنمية فى السودان والصومال وجزر القمر. وتتضمن أشغال القمة أيضاً تعزيز التنسيق بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات حول الجماعات المتطرفة بين الأجهزة الأمنية. وتبحث كذلك «حالة الاستقطاب بالمنطقة العربية» التى أفرزتها الحرب فى أوكرانيا، وورقة الطاقة المتاحة لدى بعض الدول العربية واستعمالها لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، زيادة على ملف الأمن الغذائى العربى الذى أخذ حيّزاً مهماً فى نقاشات وزراء الخارجية العرب، وعودة الحديث عن «تفعيل» منطقة التبادل التجارى الحرّ بين الدول العربية، لمواجهة أزمات اقتصادية فى الكثير من الدول.