المخرج الطموح.. هكذا يبدو دائمًا مازن الغرباوى فى سعيه ودأبه على الوصول إلى أهدافه وتحقيق غاياته الفنية سواء على مستوى الإخراج أو على المستوى الإدارى فى إدارته لمهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى؛ الإدارة التى أخذت من وقته الكثير وكادت تحول بينه وبين استكمال مشواره بالمسرح؛ يسعى اليوم للعودة من جديد بنص «هاملت بالمقلوب» تأليف الدكتور سامح مهران ربما قد يشكل علامة مهمة فى رحلته الإخراجية عن «هاملت» ورؤيته له فى 2022 قال مازن فى هذا الحوار: ■ ماذا «هاملت بالمقلوب»؟ «هاملت بالمقلوب» لأن أوضاع الإنسانية من وجهة نظر هاملت فى سياق ما سيقدم هذا العام أصبحت مختلة ميزانها مقلوب وبالتالى اختيار العنوان اختيارًا ذكيًا من الدكتور سامح مهران لأن أوضاع الإنسانية أصبحت منقلبة؛ نمط الإنسانية أصبح لا يخضع لنموذج محدد؛ نحن نشأنا على قيم العدل؛ الحرية؛ الجمال مجموعة من المفاهيم عندما تختلط وتتباعد يصبح ميزان الأشياء مقلوبًا هذا هو المعنى الموجود بين السطور من خلال شخصية هاملت فى هذا العرض التى اعتبرها نموذجًا للإنسان فى العصر الحديث. ■ ما الذى جذبك فى نص دكتور سامح مهران على وجه التحديد؟ الحقيقة كنت مهتمًا بالعمل مع كتاب كبار؛ لأننى أرى أنه شىء مهم فى مسيرتى وسبق أن قدمت «حدث فى بلاد السعادة» مع الكاتب وليد يوسف؛ كنت أرى أن التجربة التالية لا بد أن تحتاج إلى تدقيق فى الاختيار حتى أقدم عملًا على نفس المستوى؛ لأن بداية المشروع فى الأساس يكون الورق؛ لا بد أن تكون هناك معايير وأشياء تضع محددات للاختيار كان من أحلامى واحلام أى شخص تقديم «هاملت» حتى ولو بشكلها الكلاسيكى لكننى كنت أبحث دائمًا عن الجديد فى مسرحية «هاملت» التى قدمتها فى مراحل الجامعة؛ تمنيت لو يتم تقديمها فى معاناة الإنسان المعاصر؛ فالجديد الذى يحمله النص مرتبط بالإنسانية والعوالم المختلفة وهناك مزج بين الحدوتة الرئيسية؛ والمعالجة الجديدة. ■ كيف تم اختيارك للنص؟ قرأته قبل أن يعلم الدكتور سامح مهران بقراءتى له؛ وكان هناك اتفاق مسبق بيننا منذ عام 2017 أن نتعاون معًا فى مشروع مسرحى لكن نظرًا لانشغالى وانشغاله لم يتم الأمر سوى هذه الفترة؛ كما ذكرت بعد «حدث فى بلاد السعادة» كنت قلقًا من العودة وأردت أن أعود بعمل أقوى؛ ويعتبر «هاملت بالمقلوب» العودة بعد أربع سنوات من تاريخ الإنتاج للعرض السابق؛ وكان مقررا افتتاحها العام الماضى باليوم العالمى للمسرح لكن بسبب بعض العراقيل الإدارية توقف العرض. ■ «هاملت بالمقلوب» يحمل العديد من الخطوط الدرامية المتشابكة التى قد تجعل منه عملًا معقدًا فنيًا كيف رأيته؟ اعتمدت على المدرسة التفكيكة والتركيبية فى تفكيك وتركيب النص؛ لتفسير وفك رموزه ولوغارتماته على أساس أن يتم تبسيط المسألة للمتلقى العادى حتى يخرج بالحدوتة ولديه وجهة نظر ونمط لها؛ أتمنى أن يخرج المتلقى هذه المرة بأسئلة؛ تساؤلات تثير ذهنه تدفعه لإعادة المشاهدة من جديد؛ فالعمل يقدم تساؤلات متعددة تخص الإنسانية بشكل عام؛ ومن نقاط قوة النص أنه صالح لتقديمه فى كل زمان ومكان؛ لأنه يعرض هاملت كنموذج للإنسان فى العصر الحديث. ■ هل ترى أن العمل قد يكون من الصعب استيعابه جماهيريًا؟ هناك أشياء تمت إضافتها وحذفها على مستوى صناعة الفرجة المسرحية حتى تسهم فى تبسيط النص؛ كما أعتقد أنه سيحدث حالة من التواصل على مستوى صناعة الصورة؛ خاصة أن المسرح اليوم أصبح غير معتمد على الكلمة بشكل كبير؛ هناك أشياء فى صناعة الصورة منحت حالة من التوازن بالعمل المسرحى؛ وبالتالى سيخرج المتلقى بتساؤلات تثيره على المستوى النفسى والإنسانى والاجتماعى؛ العرض سيكون ممتعًا ومبهرًا على مستوى الصورة لأننا اجتهدنا بشدة فى صناعة السينوغرافيا. ■ هل تعتبر «هاملت بالمقلوب» نقطة تحول فى حياتك؟ هذا حقيقى أرى ذلك منذ بداية المشروع؛ لأننى كنت أعتقد بعد تقديم «حدث فى بلاد السعادة» أننى استخدمت كل رؤيتى فى الإخراج قدمت كل شىء على مستوى الإخراج فى هذا العرض؛ كانت لدى طاقة كبيرة وكنت عائدًا بأفق أوسع؛ وكان يشغلنى دائما أن النص الجديد لابد أن يشبع طاقتى كمخرج؛ لذلك استغرقت وقتًا فى الاختيار دائمًا كنت أقرأ الكثير من النصوص المسرحية لأننى أحب الاطلاع الدائم على كتابات مختلفة ومتنوعة؛ حتى وجدت «هاملت» كان التحدى محاولة اكتشاف أبعاد أخرى؛ لذلك قوة النص «هاملت بالمقلوب» فى عمقه وأبعاده أخذ منى وقتًا فى البحث والمفاهيم وفك رموزه؛ لأننى دائمًا لدى هم بموقعنا كمسرح مصرى بين العالم خاصة وأننى أشاهد الكثير من العروض داخل وخارج مصر؛ أفكر فى المقارنة وأسعى إلى محاولة تحقيق التوازن بين ما يقدم بالعالم وبين ما يمكن أن يتقبله المتلقى المصرى. ■ هل تعدد المشاهدة منحك حالة من النضج الفنى فى «هاملت»؟ أعتقد أن مرحلة النضج كانت متحققة منذ عام 2014 فى عرض «طقوس الموت والحياة» أظن أن المسألة مرتبطة فكرة المحطات محطة «حدث فى بلاد السعادة» كان بها أفق معين ثم «هاملت» قد يكون بها أفق أبعد لأننا نقدم هاملت فى الدنمارك عام 2022. ■ ما الشكل الجديد الذى ستطرح به العمل جماهيريًا هذا العام؟ لدينا مشكلة فى صناعة المسرح بالوطن العربى فكرة «التريد مارك».. بمعنى تقديم مشهد مصنوع ومغزول غزل على يد مخرجه هذا أصبح صعب المنال لا أدين أحدًا بالطبع؛ لكن بعض الناس ارتباطهم بمشاهدة نوعيات محددة من العروض جعلت صناعة المشهدية قد تكون متقاربة ومتشابة مع أعمال مسرحية أخرى؛ قد لا تشعرين ببصمة المخرج فى عمله المسرحى إلا نادرا؛ وأقصد فى ذلك الصناعة المعتمدة على الخلق والإبداع الحقيقى؛ لذلك أعد الجمهور أنه فى هذا العرض سيرى صناعة تمت بعد جهد علمى كبير وهناك أشياء تم تقديمها لم تشبه شيئًا شاهده فى عمل من قبل. ■ ذكرت أنه للمرة الأولى سيتم استخدام الهلوجرام فى مسرح السلام هل ساعدتك إمكانيات المسرح على تنفيذ ما أردت؟ كلما زادت الإمكانيات كلما أصبح هناك فرص أكبر فى تنفيذ ما نريده على الأرض بشكل أعلى هناك جهاز «البانسيونيك» الموجود بالمسرح إذا كان يعمل بنفس حالته السابقة فى حدث فى بلاد السعادة أعتقد سيمنحنا نتائج مرضية. ■ هل ترى أن مسارحنا مؤهلة تقنيًا لتحقيق خيال المخرجين؟
50% نحن نبذل جهدًا مضاعفًا لتقديم ما فى خيالنا؛ الموضوع يحتاج إلى مشقة كبيرة من المفترض ألا تحدث هذه المشقة؛ لأنه من الطبيعى أن من يعمل فى هذه الصناعة لابد أن يكون مدركًا لأبعادها؛ وأن يكون لديه قدر من المسئولية؛ وليس مجرد موظف منعزل يقوم بمهتمه ويمضى؛ لا أدين أحدًا بعينه لكننى أرى فى بلدان أخرى؛ من الممكن أن تكون أقل اقتصاديا وأقل فى البنية التحتية إلا أنهم يهتمون برعاية هذه الصناعة؛ ستجدين من يجلس على شباك التذاكر لديه وعى كبير بالمسرح كل العاملين بالمكان لديهم وعى تام بما يفعلون؛ المشكلة ليست فى المسرح؛ المشكلة فى المورد البشرى يحتاج إلى صيانة وتطوير ودعم؛ هناك أناس غير مؤهلة الموظف أصبح فى عزلة غير مدرك لقيمة الفعل الفنى الذى يبذله الفنانون بالصناعة لو تم الاهتمام بالمورد البشرى الموضوع سيختلف. ■ هل بذلت جهدًا لإقناع خالد الصاوى للقيام بدور الشبح؟ إطلاقًا كنا نفكر فى تقديم دور الشبح بنجم يكون ضيف شرف بالعرض؛ تواصل البطل عمرو القاضى مع الفنان خالد الصاوى وعرض عليه الفكرة أرسلت له النص عندما قرأ رحب وتحمس للغاية؛ كان فى منتهى الاحتراف أثناء العمل؛ مشاركته مع الإضافة فى شكل التناول لتقديم الشبح لكسر النمط التقليدى بمسرحية هاملت. ■ قد يسعى المؤلف لتقديم رسالة محددة وقد يفشل المخرج فى تنفيذها؛ هل حدث توافق بينك وبين سامح مهران؟ هناك مصطلحات فى تصنيف المخرج هناك المخرج المفسر والمخرج المبدع والمخرج المؤلف؛ من بداية اختيار المخرج للنص من المؤكد أنه متوافق بنسبة كبيرة مع الخطوط الدرامية التى سيتم تقديمها من خلاله وبالتالى أثناء الاختيار لدى 90% من المفاهيم والرسائل والخطوط الدرامية التى أتوافق وأتفق معها؛ ما تتم إضافته 10% لإعادة التأويل من خلال الحذف والإضافة؛ ليس لدينا أزمة مؤلفين لكن لدينا كسل فى قراءة النصوص؛ المخرج لا بد أن تكون لديه أمانة مع المؤلف سواء كان حيًا أو ميتًا كاتب النص لديه حالة من حالات الإبداع فى نسيج خياله يرى الصورة وينقلها؛ ثم يأخذ المخرج هذه الصورة ويعيد رسمها طبقا لمتطلبات معرفته وإبداعه؛ وبالتالى لا بد أن تكون هناك حالة من التوافق مع المؤلف؛ هذا التوافق والانسجام يحدث بنسب قد يكون هناك اختلاف فى الرؤية؛ لكن دائمًا يحدث تواصل مع دكتور سامح مهران وهو معنا من أول يوم من مراحل البناء الأولى. 2 47c10666-2562-46d0-92bc-a5f6ba69c9aa