دائما ما تستفيد جماعة الإخوان الإرهابية من وجود أى جماعة إسلامية فى الحكم وتجسد حركة طالبان نموذجا مثاليا لهذا التحالف الاستغلالى بين الطرفين فبعد ان دعمت جماعة الإخوان أفكار حركة طالبان المتطرفة إبان سيطرتها على الحكم فى افغانستان فى اواخر التسعينات أوائل القرن العشرين نستطيع أن نجزم بأنها ستمارس نفس الدعم للحركة المتطرفة بعد سيطرتها على الدولة الافغانية مؤخرا. وسوف تعمل الجماعة من خلال علاقة التنظيم الدولى مع الحركة والشركاء المحليين المتبنين لأفكار سيد قطب وحسن البنا على تحويل الأراضى الأفغانية لملاذات آمنة لعناصر الجماعة المحكوم عليهم فى قضايا ممارسة العنف والإرهاب ناهيك عن أن أفغانستان ستكون مركزا من مراكز الإيواء المالى لأموال جماعة الإخوان التى تثق انه لن يمارس ضدها أى رقابة على هذه الأموال نظرا للتوافق الفكرى بن الطرفين. تاريخيًا ارتبطت حركة طالبان والإخوان بعلاقات متشعبة أعادت للأذهان التاريخ الحافل لأفغانستان كونها حاضنة للجماعات المتطرفة، وبالتالى فإن الإخوان فى طريقهم إلى أفغانستان خلال شهور (وربما أسابيع) الهاربون والمطاردون من شعوبهم سيلجأون إلى طالبان وستتحول كابول (برعاية دول داعمة للاخوان وطالبان) إلى مقر التنظيم العالمى الجديد بعد أن أحكمت طالبان سيطرتها على أفغانستان، واتبعت نمطًا متشددا من الحكم الإسلامى وحولت البلاد إلى عاصمة للحركات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة لتتحول مجددًا إلى وجهة للتيارات المتطرفة فى الشرق الأوسط خاصة فى الدول التى تحارب الإرهاب مثل مصر وتونس وليبيا، وبالتالى من الممكن أن تصبح أفغانستان وجهة لهذه الجماعات سواء الإخوان أو غيرها، وتكون حاضنة لهم بهدف التدريب وإعادة التأهيل للعودة مجددًا لتهديد دول الشرق الأوسط. افغانستان تحت سيطرة طالبان سيتم نقل العناصر الإخوانية إليها إضافة لوجود نفوذ تركى يتمثل فى التواجد العسكرى وتولى تركيا حماية مطار حامد كرزاى الدولى فى العاصمة كابول، وتحملها المزيد من المسئوليات تحت مظلة حلف الناتو لحين اكتمال انسحاب القوات الأمريكية بحلول سبتمبر المقبل. وسبق وأن طرحت قيادات الإخوان فكرة نقل عناصرها استنادا لسابق تقديم الجماعة دعما ماديا وإغاثيا وإنسانيا لطالبان والجهاديين فى أفغانستان خلال الحرب ضد السوفييت، فضلا عن وجود فرع للإخوان هناك، مضيفة أن القيادات عرضت الفكرة على إبراهيم منير القائم بعمل المرشد ولم يعارضها، لكنه طلب مزيدا من التشاور مع قيادات التنظيم الدولى، ومسئولى حركة طالبان، والنظام التركى طارق أبوالسعد الباحث فى شئون الحركات الإسلامية قال إن الإخوان سيرتكزون فى دولة عربية ترحب بهم ويقومون بالدعاية للدور الوظيفى الجديد للإسلام السياسى المسلح ومن المتوقع أن يتدفق عدد من السيولة الجهادية إلى أفغانستان وبعض التنظيمات غير المرحب بهم فى أوطانهم مثل ليبيا وسوريا وبعض الفصائل من إفريقيا وجنوب شرق آسيا بدعم إخوانى وهؤلاء هم وقود المرحلة القادمة فى بؤرة التوتر الجديدة أفغانستان والهدف مناكفة الصين وربما إيران ولا ننسى أن هناك فصيلا إسلاميا مسلحا فى سوريا اسمه الحزب التركستانى الإسلامى من الأقلية الايجور يحارب ويقاتل ويكتسب خبرات فى حال عودته إلى إقليم سانج الصينى سيحارب من أجل استقلال المسلمين المضطهدين ويعاونه باقى الحركات الإسلامية منطلقين من دولة الجهاد. والتى يتواجد على أرضها القاعدة وداعش وغيرهم. وأضاف :سيكون للإخوان دور مهم وهى الدعاية وإلحاق العناصر المطلوبة دوليا فى قضايا او المحكوم عليهم بالاعدام فى مصر أو غيرها لو كانوا بدون أحكام قضائية ولا يعانون لن يرحلوا إلى أفغانستا مشيرا الى ان الاخوان لن يستقروا فى افغانستان ولكن سيكون داعمين لعناصر الجماعات الإرهابية إلى الاستقرار فى أفغانستان لكن التنظيم العالمى للإخوان سيظل كما هو فى أوروبا. وقال حسام الحداد الباحث فى الحركات المتطرفة أنه بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابو لارتفع سقف توقعات عدد ليس بالقليل لدى حركات الإسلام السياسى بأن أفغانستان تحت حكم طالبان سوف تكون ملاذا آمنا لعناصر وقيادات جماعة الإخوان الهاربين من مصر فى الفترة القادمة خصوصا بعد التضييق على هذه العناصر فى تركيا، مشيرا إلى أن هذا الطرح يستند لتقديم جماعة الإخوان دعما ماديا وإغاثيا وإنسانيا لطالبان والجهاديين فى أفغانستان خلال الحرب ضد السوفييت، فضلا عن وجود فرع للإخوان هناك، وقد عرضت القيادات الإخوانية هذه الفكرة فى وقت سابق على إبراهيم منير القائم بعمل المرشد عبر مؤتمر عقد فى يوليو الماضى 2021، فى العاصمة البريطانية لندن، ولم يعارضها، لكنه طلب مزيدا من التشاور مع قيادات التنظيم الدولى، ومسئولى حركة طالبان، والنظام التركى، خاصة فى ظل الخلاف الحالى بين طالبان ونظام أنقرة بسبب ما تصفه الحركة للتواجد التركى فى أراضى أفغانستان بالاحتلال. وأضاف هناك احداث وتحركات مهمة حدثت بعد سقوط حركة «طالبان» عام 2001، حيث كان بمثابة بداية ملهمة لقيادات الإخوان فى إعادة تموضعهم التنظيمى فى العمق الأفغاني، والتغلغل فى مفاصل المؤسسات الثقافية والفكرية الاجتماعية والسيادية، إبان حكم الرئيس حامد كرزاي، كبديل ل»طالبان» التى دخلت فى منافسة شرسة مع جماعة الإخوان نهاية التسعينات من القرن الماضى، رغم المظلة الفكرية الجامعة بين أديباتهما فى مفاهيم أسلمة المجتمعات والسيطرة على الحكم، إذ وقعت المؤسسات السيادية الأفغانية، تحت هيمنة جماعة الإخوان، فى مقدمتها جهاز المخابرات المركزية، الذى ظل تحت سيطرتهم لفترة طويلة، ويتولى رئاسته أسد الله خالد، أحد رجال عبد رب الرسول سياف، فضلاً عن احتفاظهم بمنصب رئيس أركان الجيش الأفغاني، وسيطرتهم على جهاز الأمن الداخلى والمؤسسات القضائية، وامتلاكهم مجموعة من شركات الحراسات الخاصة والخدمات الأمنية. وتابع هذا بخلاف التقاطعات الأيديولوجية بين الحركتين سواء كانت نظرية او على مستوى الممارسة خصوصا فى مسائل الحريات ووضع المرأة والموقف من الآخر الدينى أو السياسى، وربما يرجح التقارب بين الحركتين احتياج طالبان للأموال لإعادة الإعمار والتمكين وفى هذه الحالة لابد أن يقوم التنظيم الدولى بضخ مالى كبير فى أفغانستان لتسهيل وجود عناصره هناك. وقال هشام النجار الباحث فى شئون الحركات الاسلامية انه بدون شك ستكون أفغانستان فى ظل سيطرة طالبان على السلطة مرشحة لذلك بقوة بالنظر لارتباطات الدوحة الوثيق بالوضع الأفغانى وكونها فاعلة فى متغيراته. وأضاف أن العلاقة التى تربط قطر بطالبان هى مفتاح لجميع الروابط الأخرى ذات الصلة بمشروع الإسلام السياسى الذى يشهد تراجعًا بالشرق الأوسط والمنطقة العربية ويبحث رعاته وممولوه عن ساحات جديدة لدفعه وإحيائه.