فى أول جلسة برلمانية.. اجمع نواب البرلمان على عدم احترام اللائحة الداخلية المنظمة للأداء البرلمانى والكفر بها ونطقوا كفرا بالقسم وهو أول حرف سطروه فى حياتهم النيابية واستمرت المخالفات بالجملة بداية من 23 يناير الماضى والذى شهد أول جلسة واستمرت فى ال7 أيام انعقاد للجلسات خلال ال3 أسابيع تخللتها 18 جلسة أعلن فيها النواب الحرب على اللائحة بالتحدى وضربوا بموادها عرض الحائط بل وسنوا تقاليد جديدة بارتداء التى شيرت والكوتش لحضور الاجتماعات البرلمانية. وبدأت أولى الجلسات ب«مبادرة بالقسم» والتى تسابق فيها نواب حزب النور مع نواب الكتلة المصرية على مخالفة نص المادة 42 من الإعلان الدستورى والمادة 256 من اللائحة الداخلية بزيادة كلمات على نص القسم فأضاف نواب النور جملة بما لا يخالف شرع الله بينما كان فى المواجهة عدد من نواب المعارضة الذين قاموا بإضافة وبما يتفق مع أهداف الثورة وهو ماتم التصويت على حذفه من المضبطة لاحقًا. كما اختلف الزى المتعارف عليه سابقًا وفقا للتقاليد البرلمانية والذى لم يكن يخرج عن البدلة للفئات والجلباب للفلاح حيث خرج علينا النائب مصطفى النجار مرتديا التى شيرت ذا الخطوط الملونة الفاقعة ومعه الكوتش والشنطة الهاند باج وإلى جانبه زميله د.عمرو حمزاوى الذى لا يفارقه الآيباد الذى يظل منشغلا به خلال الجلسات ولم تخل القاعة من الدخول اليها بالمأكولات خلال الجلسات فكانت عزائم البسكويت المملح واللب ناهيك عن استقبال المكالمات التليفونية وتفضيل بعض النواب استخدام القاعة الرئيسية لأخذ القيلولة خلال الاستراحات هذا ولا ننسى استخدام القاعة مئذنة من نائب حزب النور رغم وجود مسجد بمئذنة كبرى داخل المجلس وعلى بعد خطوات من القاعة الرئيسية. وأدار المستشار محمود السقا أكبر الأعضاء سنا أول جلسة فى سياق غلب عليه إلقاء النكات والتعليقات الساخرة وقراءة بيوت من الشعر حتى أنه دخل فى صدام تخللته مناقشة مع النائب عمر صابر والذى اعترض على وصفه للعشرة المعينين بالمبشرين بالمجلس وبما يخالف ذات المادة 256 والتى تحظر وجود أى مناقشات قبل انتخاب الرئيس. وجاءت مخالفة ذات المادة أيضا بالخضوع لطلب أحد المرشحين الأربعة لرئاسة المجلس وهو عصام سلطان الذى طلب ان يتحدث كل مرشح عن نفسه دقيقتين أو ثلاث وظل يجادل وأخذ الكلمة 14 مرة دون إذن وفى ذات السياق تجاوزت الصيحات والصراخ بين النواب الحدود ليصل إلى قيام بعضهم بالنزول من مقاعدهم والتوجه الى منصة الرئيس وخطف ميكروفون المنصة من بعضهم البعض فى تسابق على أخذ الكلمة. وتجاوز رئيس الجلسة الافتتاحية اللائحة بطلبه الأخذ بالتصويت للفض بين النواب وهى سابقة حيث يمنع نص اللائحة النقاش وجاء الاعلان عن فوز الكتاتنى وهو برلمانى قديم وكأنه فتح الباب على مصراعيه لمخالفات بالجملة للائحة وبالكاد لم يترك النواب مادة باللائحة إلا وأعلنوا الحرب عليها.. سواء ممن هم سنه أولى برلمان أو حتى من النواب القدامى. وعلى الرغم من أن المادة 2 من أحكام اللائحة «تكفل حرية التعبير عن الرأى والفكر لجميع الأعضاء أيا كانت اتجاهاتهم أو انتماءاتهم السياسية أو الحزبية فإنه كان فى مواجهة هذه المادة 12 من نواب المعارضة قرروا الاعتصام بالمجلس وهددوا بالإضراب عن الطعام اعتراضا على خلافهم مع غالبية الأعضاء حول توصيف المتظاهرين فى محيط وزارة الداخلية أثناء الاشتباكات الأخيرة وطالبوا فى بيان رسمى لهم بحذف رأى الاغلبية الخاص بأن من يصرون على اقتحام الداخلية بلطجية وليسوا من الثوار وكان على رأس النواب الذين اعتصموا د.عمرو حمزاوى ود.مصطفى النجار ود.محمد أبوحامد وزياد العليمى وباسل عادل. وأكد د.سعد الكتاتنى رئيس المجلس أن اصرار النواب على حذف تعبير بلطجية هو مخالف للائحة والتى تنص على حرية التعبير لكل الأعضاء إلا أن الأمر تكرر أكثر من مرة حتى إن د.مصطفى النجار عاود ليطالب بحذف ما عبر عنه زملاؤه النواب بوصف بعض القنوات بأنها «عميلة» من مضبطة الجلسة ولم يوافق غالبية الأعضاء على حذفها باعتبارها مصادرة من النائب على رأى زملائه وحقهم فى التعبير. ولم تسلم المادة 3 من اللائحة والتى تلزم أعضاء المجلس فيما يجرونه من مناقشات وما يتخذونه من قرارات بأحكام الدستور والقانون إلا أنهم أصروا على مقاطعة بعضهم البعض والتحدث دون إذن الرئيس بالصراخ ومقاطعة ممثلى الحكومة والوزراء ورئيس المجلس ذاته. كما لم يلتزم رئيس مجلس الشعب د.سعد الكتاتنى بنص المادتين 39 و40 فى شأن قوائم الترشيح لعضوية اللجان وقام بوقف الانتخابات بعد نصف ساعة من بدئها دون اعتبار لأن هذه القوائم وفقا للائحة تكون نافذة بمجرد اقرار المجلس لها دون مناقشة وجاء سبب وقفها لخلافات بين حزب الحرية والعدالة وباقى الأحزاب على نسبة كل حزب فى التمثيل بمكاتب اللجان. بل ولم نر إلى الآن التزاما من الكتاتنى بأحكام المادة 6 التى تنص على وجوبية أن يتخلى عن رئاسة الجلسة عند رغبته فى إبداء رأيه فى أى مسألة معروضة ولا يعود إلى مقعد الرئاسة حتى تنتهى المناقشة التى اشترك فيها». واستمر برلمان ما بعد الثورة فى اتباع سياسة تشجيع زوغان الأعضاء من حضور الجلسات بمخالفته نص المادة 65 والمادة 262 وذلك بالإصرار على عدم تلاوة أسماء الغائبين دون اذن وحيث يكتفى بتدوين أسماء الحضور فى الكشوف وتلاوة الاعتذارات دون الغائبين من النواب بل يتم تجميع مضابط كل سبع جلسات للتصديق عليها بالمخالفة للائحة من التصديق عليها مع بداية كل جلسة جديدة. وبالمخالفة لنص المادة 96 سمح رئيس المجلس بالاستماع شفويا من النواب بإخطارات اختيارات الأحزاب لممثلى الهيئات البرلمانية والذى تنص المادة على أن يخطر كل حزب سياسى رئيس المجلس كتابة فى بداية كل دور انعقاد عادى باسم من يختاره الحزب ممثلا لهيئته البرلمانية بالمجلس وكذلك اسماء من ينتمون الى الحزب من أعضاء المجلس». وطال التحريف المادة 197 والمادة 219 والخاصتين بقواعد الإدلاء ببيان عن موضوع طارئ غير وارد بجدول الأعمال ومن خلال الواقعة الشهيرة التى تلقى فيها «الكتاتني» بيان النائب محمد أبوحامد حول خرق وزارة الداخلية للهدنة وإطلاق النار على المتظاهرين فى منتصف إحدى الجلسات وقام بقراءته على النواب بذات الجلسة ورغم انه كان بناء على مكالمة تليفونية تلقاها النائب والأكثر من ذلك هو قرار رئيس المجلس بتشكيل لجنة خاصة للتقصى والتى تخلف عن اعمالها النائب وعاد مسرعا رافعا فى ايديه الخرطوش أمام كاميرات التليفزيون بالقاعة وأضاع وقت المجلس فى إصراره على أخذ الكلمة لمناقشة الموضوع رغم قرار المجلس بعدم فتح المناقشة بالموضوع دون حضور باقى أعضاء اللجنة. ونتيجة لجهل رؤساء اللجان بتفسير المادة 59 من اللائحة كان يتم طرد الصحفيين من الاجتماعات ورغم أسبقية دعوتهم للحضور من خلال إدراج موعد ومكان انعقاد اللجنة وموضوع المناقشة بجداول الانعقاد التى توزع من إدارة الصحافة على المحررين البرلمانيين وبما يعد دعوة مسبقة لهم للحضور وفقا لنص المادة بأنه لا يجوز حضور الصحفيين إلا بناء على إذن من رئيسها ومما تسبب فى قيام المحررين البرلمانيين بتظاهرة فى شرفة الصحافة اعتراضا على دعوتهم ثم طردهم وهى سابقة لم تحدث من قبل. كما خالف النواب المادة 240 الخاصة بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم كتابة إلى رئيس المجلس موقعا عليه من عشر أعضاء المجلس على الأقل ولايجوز أن يقدم هذا الطلب إلا بعد انتهاء المجلس من مناقشة استجواب موجه الى من قدم طلب سحب الثقة منه إلا أنه كان طلب سحب الثقة من وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الذى تقدم به النائب عصام عريان ومعه 21 عضوا لم يسبقه استجواب خاص للوزير فى أحداث بورسعيد بل جاء خلال جلسة طارئة عقدها المجلس للاستماع إلى بيان الحكومة حول الأمر بناء على طلبات احاطة من النواب. ويكشف نص المادة 58 اللائحة عن عوار فى كل قرارات المجلس خلال الأسبوعين الماضيين وذلك لنصها على أن عودة انعقاد الجلسات بعد اتمام الانتخابات يحدده المجلس بناء على طلب رئيس الجمهورية للاستماع إلى بيانه الذى يلقيه عن السياسة العامة للدولة طبقا للمادة 132 من الدستور أى أن الجلسة التى تتبع إجراءات الانتخابات هى للاستماع لبيان الرئيس وليس الحكومة كما تم. ووفقا لنص المادة 259 جلسات المجلس علانية وتعقد أيام السبت والأحد والاثنين كل أسبوعين الا اذا قرر المجلس غير ذلك وعلى غير ما ورد بهذه المادة يعقد المجلس جلساته الاثنين والثلاثاء كل أسبوع وبناء على قرار من رئيس المجلس دون أخذ رأى المجلس وأعضائه بل بالمخالفة للائحة تم التصويت على استمرار البث التليفزيونى للجلسة ورغم أن المادة الوحيدة الخاصة بإعلان سرية الجلسات وهى رقم 263 اشترطت خلو القاعة من جميع الاعلاميين والصحفيين والموظفين. وحول مخالفات المواد 272 و285 و 289 الخاصة بقواعد طلب الكلمة فحدث ولا حرج حيث تشهد الجلسات خناقات على أسبقية أخذ الكلمة خاصة مع وجود البث التليفزيونى المباشر. بل تمتد المخالفات بالجملة إلى المادة 283 والتى تحظر التلاوة من الأوراق أثناء الكلام فى الجلسة إلا فى التقارير والاقتراحات ومع ذلك لا يخجل النواب من القراءة من الأوراق عند طلب الكلمة حتى أصبح الأمر ظاهرة تحت القبة وكأنها حصة قراءة. ومع كثرة هذه المخالفات لم يجرؤ رئيس المجلس ولو مرة واحدة اتباع اللائحة ضد أصحاب المخالفات والتى تنص فى المادة 290 أن للمجلس بناء على اقتراح رئيسه، ان يوقع على العضو الذى اخل بالنظام اثناء الجلسة، او لم يمتثل لقرار المجلس بمنعه من الكلام احد الجزاءات من أربعة وتبدأ بالمنع من الكلام بقية الجلسة أو توجيه اللوم أو الحرمان من الحضور فى قاعة الاجتماع لجلسة واحدة أو الحرمان من الاشتراك فى أعمال المجلس ولجانه لمدة لا تجاوز جلستين أو الحرمان من الاشتراك فى أعمال المجلس ولجانه لمدة لا تزيد على خمس جلسات. وضرب د.سعد الكتاتنى عرض الحائط بنص المادة 376 بقراره اشراك النائب ايهاب رمزى فى أعمال لجنة متابعة ملف شهداء يناير ومحاكمات رموز النظام السابق رغم أن العضو محام لأحد المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين وتمنع المادة مشاركة العضو فى شأن يتعلق بمصلحة شخصية له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة، متعللا بأن العضو لم يخطر المجلس أو اللجنة بذلك قبل الاشتراك فى المناقشة أو فى إبداء الرأى. وتنازل الكتاتنى عن تطبيق اللائحة فى محاسبة عدد من النواب الذين قاموا بسب المجلس ونوابه على أبوابه مع المتظاهرين عقب أحداث بورسعيد متجاهلا نص المادة 378 فى أن يوقع المجلس على العضو أحد الجزاءات الواردة فى المادة 377 من هذه اللائحة إذا ثبت ارتكابه أحد الأفعال إهانة المجلس أو أحد أجهزته البرلمانية أو التأثير على حرية إبداء الرأى وتصل العقوبة إلى إسقاط العضوية.