الأسبوع الماضى نشرنا حكاية المدرسة الإيطالية التى كان يعتقد البعض خطأ أنها القنصلية الإيطالية، وانتهت الحكاية بتساؤل «فين القنصلية الإيطالية اللى كانت فى بورسعيد؟»، ويرد على السؤال د.أحمد رجب مفتش الآثار والمتخصص فى تراث وتاريخ مدن القناة. قال رجب: بالدراسة و البحث اكتشفت مبنى القنصلية الإيطالية و الذى يقع داخل المجموعة المعمارية الخاصة بحكومة إيطاليا وتبلغ مساحتها 4200 متر مربع، وتشمل كنيسة السالزيان الكاثوليكية معروفة بالكنيسة الايطالية 1931م)، مبنى المدرسة الايطالية (1910م)، ومبنى القنصلية الذى يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1888م، وتقع المجموعة المعمارية بحى الإفرنج (الشرق حالياّ)، وتطل على شارع 23 يوليو «كتشنر سابقا» ، وشاع حمال عبد الناصر «الأهرام سابقا» وشارع عبد السلام عارف و شارع قايتباى. و استخدم المبنى كقنصلية ومقر لإقامة قنصل ايطاليا ببورسعيد، و فى اعقاب الحرب العالمية الثانية و هزيمة ايطاليا استولت القوات البريطانية على المبنى واستخدم كسكن للجيش البريطاني، وتعد القنصلية الإيطالية من أقدم القنصليات الخاصة بالجاليات الاجنبية بمدينة بورسعيد، حيث كان تعداد الجالية الإيطالية عام 1897م بالمدينة 1820 نسمة، لذا استوجب الأمر وجود قنصلية لرعاية مصالح الرعية الإيطالية. وبهذا نجد أن الجالية الإيطالية احتلت المركز الثانى بعد الجالية اليونانية من حيث العدد، فكانت مصر بلد المهجر الاول للإيطاليين طوال القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، ومن الاسباب التى دفعت محمد على إلى الاستعانة بهم فى النهضة العمرانية والحضارية للبلاد ادراكه انه ليس لإيطاليا أى مطامع سياسية فى مصر، ومما ساعد على زيادة هجرة الايطاليين الى مصر الركود الاقتصادى بإيطاليا عام 1871م. فاستفاد الخديو إسماعيل بالخبرات الايطالية فى مشاريعه والتى تطلع من خلالها إلى إضفاء الطابع الأوروبى على البلاد، مستعيناّ فى سبيل تحقيق ذلك بالمعماريين والفنيين الإيطاليين، ومع بداية مشروع حفر قناة السويس ازداد التواجد الإيطالى فى مصر، حيث كانت إيطاليا من الدول المؤيدة لمشروع شق قناة السويس نظراّ لموقعها المتميز على البحر المتوسط. ومهتمة اهتماما مباشرا بالطفرة التى ستحدث بافتتاح القناة على أمل أن تحتل بعد عودة المركز التجارى الدولى فى البحر المتوسط الريادة فى العلاقات مع الشرق، التى سبق و ان فقدتها على إثر اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح. ويعتبر مبنى القنصلية من المبانى القليلة جدا الباقية و المحتفظة بحالتها الأصلية بمدينة بورسعيد.. فهل سينضم قريبا لتعداد الآثار الإسلامية ويعاد توظيفه ليكون مزاراً سياحيا أو مركزا ثقافياً؟!!!