تجربة مثيرة يمكنك القيام بها فى واحدة من أهم العمائر التراثية بمدينة بورسعيد، وتحديدا فى حى الشرق بشارع محمود موسى»شارع السلطان مراد سابقاّ»ويشغل مساحة 339م2. الأمر ليس به غموض، ولتقرا ما هو آت لتتأكد بنفسك أنها فرصة لتشتم عبق التاريخ والماضي، وهو ما أخبرنا به الدكتور أحمد رجب مفتش الآثار والمتخصص فى تراث وتاريخ مدن القناة، حيث كشف لنا حكاية المسرح الإيطالى هذا المكان التاريخى فى بورسعيد. قال رجب:جاء بالوثائق أنه فى عام 1344ه/1925م كان يشغل أرض المسرح بناء عبارة عن صالة كبيرة بالطابق الأرضى تستخدم فابريكة لعمل السجائر فابريكة أو fabbrica من المؤثرات اللغوية الإيطالية وتعنى مصنع». أما الطابق العلوى فكان يستخدم كورشة للف السجائر فى صناديق، وكان المالك ميرام فيورافانتى وشمانزى نليان ومن الرعايا الإيطاليين، وفى عام 1352ه/1933م إتخذ البناء شكله الموجود عليه حاليا. وأصبح الطابق الأرضى تشغله ثلاثة دكاكين»دكان سلاح ملك ملانجى ودكان مقهى ملك جورجى ودكان بضائع مصرية ملك محمد برغوت)، اما الطابق العلوى فتشغله صالة كبيرة للتمثيل وناد لأفراد الجالية الإيطالية يلتقون فيه ويعزفون الموسيقى. حيث كانت الجالية الإيطالية من أقدم الجاليات بمدينة بورسعيد وأكثرها تأثيراّ فى الحركة الثقافية والفنية، وتحتل المركز الثانى بعد الجالية اليونانية من حيث العدد، ففى تعداد سكان المدينة عام 1927م وصل عدد أفراد الجالية الإيطالية 4122 نسمة، وفى مارس 1967 م تم تأجير المسرح لفرقة بورسعيد الإقليمية بمبلغ عشرة جنيهات. وعند رحيل الجالية الإيطالية من بورسعيد فى الخمسينيات من القرن الماضى ترك الخواجة جورجى الإيطالى»صاحب المقهى الموجودة بالطابق الأرضى» المقهى للقهوجى المصرى العامل بها، وتوارث أبناؤه المقهى إلى يومنا هذا، وقدم المسرح العديد من الأنشطة تحت رئاسة مجلس الإدارة ورؤسائه ومن أبرزهم محمد عبد العاطى خليفة ومحمد الشريف وعبد السلام الألفى. والمبنى يعد تحفة معمارية أنتجها المعمار الاوربى، إلا انه إصطبغ بالعناصر المصرية القديمة المتمثلة فى إستخدام الأعمدة النخيلية بالواجهة الرئيسية، وهى من طرز الأعمدة المصرية القديمة والتى تأثر بها المعمار الأجنبى فى مصر. المسرح قدم العديد من الأنشطة الثقافية والفنية عبر السنين الماضية حتى يومنا هذا، رغم الحالية المتردية التى وصل إليها إلى جانب إفتقاره للتجهيزات المسرحية المختلفة، وقامت اللجنة الدائمة لتنظيم هدم المنشآت والمبانى غير الآيلة للسقوط بتفقد المسرح والمقيد فى قوائم حصر المبانى ذات القيمة المعمارية المتميزة تبعا للقانون رقم 144 لسنة 2006 . وتابع رجب:قامت اللجنة بعمل تقرير واوصت بضرورة إعداد مشروع تطوير المسرح، مع مراعاة الأبعاد المعمارية والتاريخية للمبنى حتى يعود لسابق عهده، وقدرت وزارة الثقافة التكلفة المبدئية للأعمال المطلوبة حوالى 3.5 مليون جنيه، لكن للأسف وضع المشروع والتقارير حبيس الأدراج لقلة الميزانية المتاحة بموازنة وزارة الثقافة فى هذا الوقت، فهل سينفذ مشروع تطوير المسرح أم سيظل فى طى النسيان؟!!!