لا يمكن وصف الدعوة إلي استمرار الاعتصامات والمظاهرات في ميدان التحرير إلا بأنها محاولة لنشر الفوضي وتعميمها في أرجاء مصر.. ولا يمكن فهم إصرار الماركسيين الذين يسمون أنفسهم بالاشتراكيين الثوريين إضافة إلي بعض القوميين ومن يزعمون بأنهم ليبراليون علي استمرار الاعتصامات والمظاهرات والمطالبة بسرعة تسليم السلطة من المجلس العسكري إلي المدنيين إلا بأنها رغبة في الانقلاب علي مسيرة الانتقال السلمي للسلطة وعرقلة تنفيذ باقي خارطة الطريق السياسية التي تم في إطارها إجراء انتخابات مجلس الشعب التي يعقبها ابتداء من اليوم 29 يناير انتخابات مجلس الشوري وصولا إلي انتخاب رئيس الجمهورية في 15 يونيه القادم.. ويمكن القول إن هذه المواقف الداعية لاستمرار المظاهرات والاعتصامات هي محاولة من جانب تلك القوي للادعاء بأن شرعية الثورة لا تزال في الشوارع والميادين وأنها لم تنتقل بعد إلي صناديق الانتخابات والبرلمان.. ولا يمكن فهم هذه المواقف الفوضوية من جانب القوي اليسارية والقومية والليبرالية المزيفة إلا في إطار قراءة نتائج الانتخابات الاخيرة لمجلس الشعب التي كانت أنزه انتخابات في تاريخ مصر والتي أظهرت وبوضوح الثقل والحجم الحقيقي لمختلف القوي والتيارات الموجودة علي الساحة السياسية المصرية.. حيث حصلت الاحزاب ذات المرجعيات الاسلامية علي ثقة أغلبية الناخبين في مقابل إخفاق كبير لتلك القوي التي تزعم بأنها تقدمية.. وأيضا في مقابل نجاح ضئيل ومحدود للقوي القومية والليبرالية.. وقد كان الواجب الديمقراطي والمسئولية الوطنية يحتمان علي تلك القوي الأخيرة أن تحترم إرادة الشعب واختياراته وأن ترحب بما جاءت به صناديق الانتخابات لكنها راحت تحاول الانقلاب علي نتائج الانتخابات بطرق عدة كان منها الدعوة لاستمرار الاعتصامات والتظاهرات في مناسبة العيد الاول لثورة 25 يناير والمطالبة بسرعة تسليم السلطة من المجلس العسكري إلي مدنيين.. ولكنها سرعان ما تراجعت عن التمسك بمطلب تسليم السلطة لمدنيين إذا كانت هذه السلطة ستسلم لرئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني لا لشيء إلا لكونه قياديًا بجماعة الاخوان المسلمين! وعلي الجانب الاخر كان هناك موقف محترم يستحق الثناء والاشادة بالاخوان والسلفيين حيث أعلن الإخوان والسلفيون أنهم متمسكون بخارطة الطريق السياسية وباستكمال مراحلها وأنهم يرفضون استمرار الاعتصامات والمظاهرات والضغوط التي تستهدف تسليم السلطة قبل الأول من يوليو 2012 خاصة أنه لم يتبق علي هذا الموعد سوي خمسة شهور فقط أي حوالي 150 يوما سوف يتخللها إجراء انتخابات الشوري اعتبارا من صباح اليوم الأحد 29 يناير ويليها قيام مجلسي الشعب والشوري طبقا للمادة 60 من الاعلان الدستوري باختيار لجنة المائة لوضع الدستور ثم فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية في 15 إبريل وإجراء الانتخابات الرئاسية في 15 يونيه.. فتحية لهذا الموقف السياسي المحترم من جانب الاخوان والسلفيين.