استشهد العيال بالرصاص الذى يأتى من الجهات الأربعة، وتحت عجلات العربيات المدرعة، لصاحبها الحاج حسنى الحرامى وولده جمال، حتى تحل مصر ضفائرها، وتدخل برجلها اليمين مجلس الثورة، لكن الدم جف على الحيطان والأرصفة، ولبست مصر النقاب والجلابية السودة المنيلة، واتكومت فى التحرير، أى حد معدى يلطش فيها، وتحول مجلس الثورة إلى مجلس النكبة، أو مجلس المشايخ والفتة، وصارت القبة مجرد عمة كبيرة، يتطوح تحتها المريدون الأتباع، ولم تكن عملية احتلال سيد قراره وليدة الصدفة، أو محبة الناس فى الميزان والفانوس، اللى عاوز يقلبها ضلمة، ويتعامل مع المرأة على أساس أنها عورة، وليست كائنًا بشريًا له حقوق وواجبات ومشاعر، لكن عملية الاحتلال، بدأت منذ التعديلات الدستورية، التى قادها العارف بالله الحاج طارق البشرى، والقطب الولى صبحى صالح، حيث رفضوا حكاية الدستور أولاً، على أساس أنه مكروه شرعًا، وأصروا على التعجيل بالانتخابات، وتوسيع الدوائر الانتخابية، عشان البركة تحل عليهم، وياخدوا ثواب الجماعة، فكانت النتيجة الطبيعية أن الجلاليب والدقون خطفوا الصناديق، وطلعوا جرى على الحاج مجلس الشعب، لأن بقية الأحزاب كانت ملخومة فى تحقيق بقية مطالب الثورة، اللى لسه نايمة فى المجلس العسكرى، أو بتشوف الفنجان.. تتحالف مع الميزان، ولا مع الفانوس، والبعض الآخر.. وقف يغنى.. والبنت سودة.. سودة سودة.. والبنت سودة وأنا أعمل إيه.. يا سلفى يا سلفى اتهريت.. وبنار الفتنة انكويت. وبعد أن أخذ الميزان والفانوس بقية الأحزاب مقلب حرامية، على اعتبار أن الحرب خدعة، بل إن أحد مشايخ السلفية أفتى بجواز كسر الصمت الانتخابى، وقالك.. اللى يقولك يا سلفى ده غلط، أعمله زبيبة فى دماغه بالمطوة، استمرت مناورات الميزان، لوضع الوطن فى القفة، والعيال يلحقوه فى أى ترعة، فقد صرح مسئول إخوانى، بأنه لا يمانع من أن يحصل المجلس العسكرى على امتيازات خاصة، يعنى بالصلاة على النبى، يأخد فى إيده منديل الأمان، وما حدش يحاسبه عن أحداث مجلس الوزراء، والمثل بيقول.. يا بخت من بات مغلوب ولا بات غالب، ومن رزعك على خدك الأيمن.. أديله قفاك عدل، طب ودم العيال اللى ماتوا يا مولانا، قالك.. ندفعلهم الدية.. يعنى كام كيلة رز وكام شيكارة سكر وازازتين زيت، ويا دار ما دخلك شر، والمصابين نبقى نطيب خاطرهم نغنيلهم.. لو ما ادلعش عليك أنت.. آمال ما ادلع على مين، وسامحنى النوبة دى.. عشان خاطرى سامحنى.. وتوبة توبة توبة، على رأى الست الجميلة شادية. ولا أحد يعرف ما هو المقابل الذى سيحصل عليه الإخوان من تلك المبادرة، لأنهم عمرهم ما عملوا حاجة ببلاش، ولا لوجه الوطن، وهم أول من ترك الشهداء يسقطون واحدًا وراء الآخر، من أجل غزوة الصناديق، وتركيب دقن معتبرة، وزبيبة قد غطا الحلة للمجلس اللى لا بقى سيد قراره، ولا بقى موقر.. ولا له أى علاقة بالثورة، لا أحد يعرف ما هو المقابل.. لكن الذى نعرفه أن دم الشهداء غير قابل للمساومة، وليس مجرد صفقة رابحة للميزان والفانوس، واشمعنى يعنى ها يخدوا هما صك الحماية، والثوار بيتحاكموا بسرعة البرق، ويدخلون الزنازين لمجرد أنهم أهانوا المجلس العسكرى، يعنى ما حدش فيهم طخ عسكرى واحد رصاصة فى دماغه، أو عمله فقى، فى الوقت الذى لم يحاكم فيه اللواء بدين صاحب فضيحة كشف العذرية، ودهس المتظاهرين، أمام ماسبيرو، وانتهاك عرض الوطن فى أحداث مجلس الوزراء، بل الكارثة الحقيقية، أنهم حولوا تهمة كشف العذرية من هتك العرض، إلى فعل خادش للحياء، يعنى الراجل طلعلها لسانه ولعبلها حواجبه، ما يجراش حاجة يعنى.. مجرد غزل عفيف. لقد قامت الثورة من أجل كرامة الوطن والبنى آدمين، فإذا بها تهان وتداس بالأحذية، ويتبول عليها عسكرى من فوق مجلس الوزراء، ويزايد عليها الميزان والفانوس اللى هايجيبنا ورا بإذن الله، وهم يهتفون.. احترس.. مصر بترجع للخلف.. ألف سنة.