أجمل تشبيه سمعته من أحد أصدقائى عن مصر فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك أنها كانت أشبه بعزبة خاصة.. وكل من يعيش فى هذه العزبة كان مسخراً لخدمة مجموعة قليلة حاكمة وليس لخدمة الوطن.. كما أن معظم مؤسسات الدولة كانت مسخرة لخدمة هذه المجموعة. أما الآن فتحولت مصر إلى شركة مساهمة.. يتساوى فيها المصريون جميعاً.. وكل مصرى له سهم فى هذه الشركة.. وله نصيب فى هذه المنظومة. فالذى يحرق مبنى الطرق والكبارى مثلا ً إنما يحرق نصيبه أو نصيب غيره فى هذه الشركة المساهمة.. ولا يحرق نصيب حكامها الحاليين أو القادمين. وإذا قمنا جميعاً بحرق أنصبتنا فيها فسوف تنهار الشركة.. وتنفد أرصدتنا وعندئذ سيقال لنا جميعاً: «لقد نفد رصيدكم».. وعندها علينا ألا نلوم أحداً.. بل ينبغى علينا أن نلوم أنفسنا. استغل البعض ثورة 25 يناير ووضعوا فى مياه النيل فيروس هدم القيم الذى تفشى بين المصريين الآن بدرجة مرضية.. فلا اعتراف بالجميل لأحد.. مع غياب التقييم العادل للناس.. ويغذيه سباق الإعلام فى تدمير كل قيادات المجتمع المصرى فى كل النواحي.. حتى الدعاة والقيادات الدينية لم تسلم من الطعن والتجريح.. وتسابق التلميذ ليقفز سريعاً إلى الكرسى بعد أن يطعن أستاذه فى ظهره على مرأى ومسمع من الآخرين دون حياء أو خجل. فمتى ننتج طعماً يقاوم هذا الفيروس اللعين حتى لا تنهدم القيم فى مجتمع عاش طوال حياته محتفظاً بها حتى أحلك لحظات الاحتلال والهزيمة والضعف. أهم مسئولية الآن أمام الحركة الإسلامية المصرية وأحزابها السياسية ترك سياسية صنع الأعداء التى كان يتقنها البعض منا قديماً.. والاهتمام بكسب الأصدقاء.. والأول سهل جداً ويحسنه كل أحد.. والثانى صعب جداً ولا يحسنه إلا القليل. وقد وضع القرآن أعظم آلية لصنع الأصدقاء وكسبهم وذلك فى قوله تعالى «وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ». فالدفع بالتى هى أحسن يحول أشد الأعداء وأكثرهم عناداً إلى أولياء ودودين وحميمين.. ولكن كل ذلك لا يقدر عليه سوى أهل الصبر الجميل.. والحلم الجميل.. والعفو الجميل.. والهجر الجميل. فقد قال الله لنبيه (صلى الله عليه وسلم) «فاصفح الصفح الجميل».. وهو الصفح الذى لا عتاب فيه. وقال له «فاصبر صبراً جميلاً».. وهو الصبر الذى لا شكوى فيه. وأمره بالهجر الجميل لمن تستحيل عشرته أو التعامل معه «فاهجرهم هجراً جميلاً».. وهو الهجر الذى لا غيبة ولا بهتان ولا تشفٍى فيه. فإذا كنا نملك ذلك استطعنا كسب الأصدقاء.. بل والدنيا كلها. فهل نفعلها.. أم نستمر فى صنع الأعداء؟