الخبر الذي تصدر الصحف الأسبوع الماضي عن زيارة «جون كيري» عضو مجلس النواب الأمريكي الشهير، والذي ترشح في انتخابات الرئاسة بالولاياتالمتحدةالأمريكية أمام «جورج بوش» (الابن) لمكتب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بمنيل الروضة! هذا الخبر وهذه الصورة السياسية شبهت لي موقف الآباء والأجداد لهذه الجماعة حيث ارتكبوا أيضاًً نفس الأخطاء، حيث التاريخ سجل ارتباط الشيخ (حسن البنا) مؤسس الجماعة مع الإنجليز إبان الاحتلال البريطاني لمصر، كما امتدت أيضًا العلاقات بين المرشد «حسن البنا» مع الألمان حينما كان «روميل» علي بعد عشرات الكيلومترات من الحدود المصرية إبان الحرب العالمية الثانية، وكانت مصر علي وشك السقوط تحت وابل نيران الجيش الألماني، حينما كانت القوات البريطانية تقبع في القاهرة. نفس الخطأ يقع فيه الأبناء اليوم لنفس الجماعة حيث إستقوت الجماعة بالأمريكان وسرعان وبعد أن لاح فوزهم في المرحلة الأولي من إنتخابات برلمانية لم تنته بعد، إلا وكانت المجازفة واستقبال رئيس الحزب وأمينه (حزب الجماعة) للنائب الأمريكي رغم كل ما تمارسه الولاياتالمتحدةالأمريكية من أخروقات سياسية وضغوط وعدوان علي كل ما توحدت عليه الوطنية المصرية والعربية. ولعل ما جاء في مذكرات الدكتور «محمد حسنين هيكل» وزير المعارف في حكومة ما قبل ثورة يوليو: «وتنتهي الحرب ويهزم النازي ويطل علي العالم شبح النفوذ الأمريكي ولا يضيع الأستاذ «حسن البنا» الوقت، ونقرأ في الوثائق الأمريكية (فيليب إيرلاند) السكرتير الأول للسفارة الأمريكية يكتب في برقيته يوم 29 أغسطس 1947 إلي وزارة الخارجية: «إلتقيت «حسن البنا» وأشرت إلي المظاهرات الحاشدة التي وقعت هذه الأيام، فرد (البنا) لن تكون هناك اضطرابات جديدة فإن بوسعي بدأها... وإنهاءها.. ويرد (إيرلاند) من المشكوك فيه إنهاء الفتنة بعد إشعالها. ولكن (حسن البنا) يغري الأمريكان، ففي مقابلة ثانية بناء علي طلب «البنا»: يحضر إلينا ومعه «محمد الحلوجي» «ومحمود عساف» ومدير إعلانات صحيفة الإخوان، ويشير «البنا» عبر المترجم إلي خطر الشيوعية في الشرق الأوسط ومحاربة الإخوان لهم، وعرضه بأن بعض الإخوة من الإخوان تركوا عملهم وانضموا إلي الخلايات الشيوعية (لاختراقها) وبالتالي فقد الأخوة رواتبهم، وطلب بتعيينهم محققين وباحثون، بدعم أمريكي لحل مشاكلهم الاقتصادية ولم يبتلع الأمريكان هذا الطعم الإخواني، ورفضوا التمويل ولا تتوقف المحاولات بعدها حيث نفس المظاهر، نفس الأحداث، نفس الطريقة هي الموروث التاريخي للجماعة، حتي حينما يتصدرون نشرات الأخبار، وكذلك في تصريحات كبارهم، مثل ما يصدر من الدكتور «بركة» المتحدث الرسمي باسم الجماعة، كل تلك الأحاديث وهذه المناورات صور مكررة من التاريخ ومن اللعب علي كل الحبال، المهم الوصول إلي الهدف وها هو أصبح قاب قوسين أو أدني في نظرهم، حيث الثورة التي قام بها الشباب يوم 25 يناير، وغياب الجماعة تمامًا عن أرض الميدان، ثم غياب العنصر الآخر (السلفيين) لعقيدتهم المعلنة بأن التظاهر ضد الحاكم (حرام) وإذ بكل هؤلاء يخرجون ليسطوا علي المشهد السياسي، وبتنظيمهم وبإرادة حديدية، وصلوا إلي أغلبية في إنتخابات برلمانية، كانوا يمثلون فيها الحزب الوطني (المنحل) فرع المعاملات الإسلامية!