داخل كل منا.. أبو لمعة صغير ومحندق وعلي مقاسه، يفضل مخبيه وكابس عليه غطا الحلة، عشان ما ينطش فجأة قدام الخلق، والعيال تجري وراه بشباشب زنوبة وارد منطقة التجارة الحرة بالعتبة، وعندما ترزعنا الدنيا علي قفانا، وتبقي خيبتنا ماشية قدامنا ولا حمير البلدية، نخرج أبولمعة ونضعه فوق أكتافنا، ونبرطع في الشوارع، لنواجه الخواجة بيجو، ونقنعه بأن عصافير وكستنا الموشومة علي أصداغنا، هي علامة العبقرية والفهلوة، وسيف أمير الدهاء، ونبلة عماشة في الأدغال، وقوة ماهر العطار بتاع علي كل كتف أشيل جبل، باختصار.. نحن.. مكر مفر مقبل مدبر معاً.. كجلمود صخر حطه السيل من علٍ.. أو من إبراهيم ما تفرقش. وفي الأيام الأخيرة.. خرج أبولمعة علي صفحات الجرائد، والفضائيات، والمحليات كمان عشان ماحدش يزعل، وأخذ يصور الانتخابات، علي أنها عرس للديمقراطية، وكلمة عرس جاية من الزواج، مش من حاجة تانية لا مؤاخذة، عشان ماحدش يلابط ويورطنا، ولا يهم في هذا العرس.. مين الحاج المؤمن اللي نجح، ورجع دوغري علي السلخانة يحضر القعدة لزوم تشفية وسلخ كفار قريش، ولا مين اللي اتوكس وسقط، وطلع جري علي القهوة، يلم قزايز الزيت من أهالي الدايرة الأندال، اللي لهفوا الزيت وزحلقوه.. ويا حلوة يا شايلة البلاص.. اديني من فضلك قايمة. خرج أبو لمعة ولا خارجة العفاريت من جتة الولية أم حسن، وأخذ يغني.. اتفرج علي الحلاوة حلاوة.. دي انتخابات آخر نقاوة.. وأي واحد يقوله.. أن الناس نزلت مرعوبة من الغرامة، وهي تصرخ.. اجري بسرعة يا واد يا حسين.. شوفلنا الحاجة هاتنتخب فين!، قالك ده كلام مندسين، وأن أهالي مصر الكرام، نزلوا عشان ينصروا إخوانهم المؤمنين، في حربهم ضد الكفار والملاحدة، وعلي رأي عمنا عبدالمطلب.. الناس المؤمنين.. ما يعملوش كده.. تقوله.. مافيش دولة في العالم تتم فيها الانتخابات بالقوة الجبرية.. يعني يا تصوت.. يا أهلك يصوتوا عليك، لأن أبسط حقوق المواطن الدستورية، هي أن يمارس حريته في الانتخاب.. أو المقاطعة، قالك.. ده مش أي عرس لا مؤاخذة يعني في دي الكلمة، دي عرس عتريس.. يعني اللي مش هاييجي يجامل.. هايطخه في دماغه عدل، وبعدين الناس وراها إيه.. ما تيجي ننتخب.. مش بدل ما هما متلقحين في البيت زي الفراخ الفطسانة. وطبقاً لنظرية أبو لمعة في العرس الديمقراطي، كانت الكارثة محتومة، ومختومة علي قفانا من أول ما دخل علينا الحاج طارق البشري، اللي قاعد دلوقت يتفرج علينا ويضحك، فالمواطنون الأميون، وطبعاً عندنا في مصر بسم الله ما شاء الله، الأمية تفرح بجد، نزلوا الانتخابات عشان ما يدفعوش الخمسمائة جنيه، خصوصاً أنهم مش لاقيين يطفحوا من أصله.. وبالتالي.. لا يهمهم اسم المرشح، حتي لو كان الراجل المخلوع، المهم يلاعبوا الحكومة ويفلتوا منها زي الشعرة من العجين، ما بالك بقي.. لو قام الإخوة المؤمنون بفقعهم كيلو سكر وشوية رز متنقيين جاهزين، وكمان أنبوبة بوتاجاز، من اللي وصي عليها الحاج داود في تذكرته، يعني تلفعها علي كتفك من هنا، الولية تزفك في الحارة بالزغاريد من هنا، وتغنيلك.. ما اتحرمش العمر من عطفك عليا.. يا اللي أنبوبتك أغلي هدية.. وبالطبع.. أفرزت جولة السكر والزيت والأنابيب، هذه التيارات المعادية للحياة نفسها، والتي تؤمن بأنهم الواقفون علي أبواب الجنة، عشان يفرزوا اللي داخلين، أي واحد مبروك منهم يدخل، أي واحد علي قفاه ختم المدنية أو الليبرالية أو العلمانية، يحدفوه علي النار عدل، فهم أهل الإيمان والتقوي والورع والحق المطلق، وما عداهم، فهو الكفر والزندقة والضلال، خصوصاً أن المصريين الكفرة لسه بيعبدوا الأصنام لحد دلوقت، وكل واحد فيهم مخبي صنم في بيته، وكل يوم يقدمله شوية عيش ناشف، وكام صباع موز، الحسنة الوحيدة في تلك الجولة هي سقوط الأخ المؤمن، اللي قالك الديمقراطية كفر، لأن أهالي إسكندرية الكرام، ماهنش عليهم ينزلق إلي قفه الكفر وينجح.. فسقطوه، عشان يفضل مؤمن طاهر، ويقعد بقي يكفر في نجيب محفوظ براحته.