دعا المستشار مجدي الجارحي نائب رئيس مجلس الدولة في حواره ل«روزاليوسف»: إلي تحديد وصف المرحلة التي تمر بها مصر حاليا.. هل هي مرحلة ثورية مستمرة أم مرحلة حسم ثوري.. مشيرا إلي أن الفارق هنا يكمن في كون الظروف الحالية باتت من الافضل لها أن تحكم بالقانون الاستثنائي لمواجهة ظاهرة البلطجة وهدم الدولة. وطالب الجارحي مجلس الوزراء بتبني مقترح يقضي بإصدار قرار يعطي الحق للموظفين الذين يطالبون برصيد الإجازات أمام محاكم القضاء الإداري بما يقرب من نصف مليون قضية إلي الاسراع بتقسيط هذه المبالغ في القضايا التي ليست محل خلاف بدلا من إثقال كاهل العدالة بها.. علي أن يقوم مجلس الوزراء بتحصيل نسبة العشرين بالمائة من وراء هذه القضايا. وأشار الجارحي إلي ضرورة الحفاظ علي سرية الميزانية المرتبطة بالمؤسسة العسكرية شريطة أن تحترم هي الأخري المال العام للدولة ..وإلي نص الحوار: بدا حكم المحكمة الادارية العليا القاضي بإبقاء حكم محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بمنع أعضاء الوطني المنحل من خوض انتخابات البرلمان بمثابة تضارب في الأحكام ما تعليقك؟ ليس هناك تضارب في الأحكام ولكنه حكم تم الاجتهاد فيه من جانب محكمة القضاء الاداري بالمنصورة وهذا الاجتهاد ارتأت المحكمة الادارية العليا أعلي محكمة بمجلس الدولة انه اجتهاد غير موفق وأوقفت تطبيقه وأنا هنا للعلم أؤيد حكم الادارية العليا لأنه لا يمكن أن نضع أنفسنا كقضاة مكان المشرع.. وحكم الادارية العليا نفسه قال هذا. ولكن إحدي وسائل الاعلام قالت إن جهة سيادية كانت وراء حكم الادارية العليا عندما ألغت مؤتمر مجلس الدولة قبل انعقاد جلسة الادارية العليا بشأن منع ترشح أعضاء الوطني المنحل؟ لا أعتقد ذلك.. ولكن هناك كواليس أخري تقول إن المحكمة الادارية العليا كانت تريد توضيح الصورة الكاملة أمام الرأي العام من الناحية القانونية.. ولكن كانت هناك وجهة نظر أنه لاداعي لذلك.. وبالتالي هذه الاقاويل هي نوع من الاتهامات لمجلس الدولة. لماذا لم يتم الاحتكام إلي دائرة توحيد المبادئ القانونية بمجلس الدولة قبل صدور حكم من المنصورة ثم آخر من الإسكندرية يخصان نفس القضة، ألا يؤخذ هذا علي أحكام القضاء الإداري؟ هناك بالفعل دائرة لتوحيد المبادئ القانونية طبقا للمادة 54 من قانون مجلس الدولة.. ولها مسمي آخر وهي دائرة ال11 ومشكلة من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس مجلس الدولة وأقدم عشرة نواب لرئيس المجلس بالمحكمة الادارية العليا.. وليست هناك محكمة قانونية في مصر بهذا التشكيل.. ولكن الأمر هنا يختص بكون أن الحكمين الصادرين من اختصاص محكمة القضاء الاداري، هذه الاحكام يطعن علي أحكامها أمام المحكمة الادارية العليا أعلي محكمة بمجلس الدولة والتي تملك دون سواها وقف تنفيذ الحكم وإلغاءه.. ولكن دائرة توحيد المبادئ القانونية بالمحكمة الادارية العليا يأتي دورها عندما يكون هناك اتجاه في إحدي دوائر هذه المحكمة لتغيير أو مخالفة مبدأ سابق بالمحكمة من الناحية القانونية وفي هذه الحالة تحال الدعوي الي دائرة توحيد المبادئ للنظر في الموضوع واصدار الحكم المناسب وذلك من خلال إما بتأييد المبدأ القديم أو المبدأ الجديد.. أو التوفيق بينهما. بدت في الأفق ملامح لأفكار تدعو إلي دمج مجلس الدولة بالقضاء العادي إعمالا بنظام القضاء الانجلوساكسوني؟ هذه الفكرة طرحت منذ فترة وعرضت مرة ثانية عندما تناثرت أقوال تطالب بذلك العام الماضي وبعضها حاليا.. وعرض الأمر وقتها علي الجمعية العمومية لنادي قضاة مجلس الدولة ورفض الامر بالإجماع.. والرفض هنا مبرر لأننا يجب أن نسير في نظام القضاء المتخصص وليس العكس.. ومجلس الدولة جهة متخصصة في القضاء الاداري وإضافة إلي أن القضاء العادي نفسه يسير في اتجاه القضاء المتخصص وإنشاء محاكم اقتصادية متخصصة وهذا أمر يتفق وصحيح العدالة.. اضافة الي أن مسألة الدمج نفسها مع القضاء العادي سوف تثير عدة مشاكل عملية غير قابلة للتنفيذ للحل من الناحية القانونية منها علي سبيل المثال مبدأ الاقدمية بين أعضاء الجهتين وكيفية ترتيبها وحلها من الناحية القانونية.. وما موقف أعضاء مجلس الدولة الذين يشترط في قانونهم ضرورة حصولهم علي درجة الماجستير والدكتوراه من أجل الترقيات. حتي الآن هناك تقاطع في فهم كون مجلس الدولة قاضي المشروعية والحريات.. والقضاء العادي حامي الحريات؟ القضاء المصري بصفة عامة هو حامي الحريات ولكن لكل قضاء اختصاصه.. فالمشروعية التي تتحدث عنها هنا هي لمجلس الدولة لأنه يحدد لجهة الادارة ما هو الخطأ والصواب أي أنه يحاكم قرارات الجهة الادارية.. وبالتالي عندما يلغي حكما يقضي بمنع السفر أو حرية التعبير فهذا معناه أن مجلس الدولة يحاكم هنا الاحكام المقيدة للحريات. ولكن قد تتداخل الأحكام هنا بحجة المشروعية مع أحكام القضاء العادي؟ هذا ليس معناه تداخلاً ولكن يعني ان هناك محاكمة هنا تكون فقط في سياق الحكم أمام جهة الطعن المسئولة عن هذا الحكم بنص الدستور الذي أكد أن اختصاص مجلس الدولة بمحاكمة القرارات الادارية سواء الجامعات أو غيرها من الجهات الحكومية، أما القضاء العادي فيحمي الحقوق الشخصية للافراد مثل الحبس دون وجه حق أو تلك الحقوق المرتبطة بالحريات.. وهو هنا يحمي الحقوق في النطاق الجنائي بصفة عامة. ما رأيكم فيما يخص مسألة «المبادئ فوق الدستورية» ومطالبة بعض التيارات السياسية والدينية بكشف ميزانية المؤسسة العسكرية بالرغم من خطورة هذا الأمر علي الأمن القومي المصري؟ المبادئ فوق الدستورية عبارة عن كلام عام.. ولكن هناك مبادئ دستورية عامة.. لا يمكن الخروج عليها ومعروفة ولا تحتاج الي وثائق أو غير ذلك، أما صياغة مبادئ فوق الدستور فهي نوع من العبث السياسي الذي نعيش كثيرا من مظاهره حاليا. أما الحديث عن ميزانية المؤسسة العسكرية وضرورة الافصاح عنها فأنا هنا مع سرية هذه الميزانية مع وجود رقابة سرية أيضا عليها حفاظا علي كيان المؤسسة العسكرية ومصالحها.. وخصائصها وكل دول العالم تفعل ذلك.. تحافظ علي سرية الميزانية العسكرية.. وتراقبها سرا أيضا.. وذلك حفاظا علي صالح الطرفين.. الوطن وماله العام.. وكيان المؤسسة نفسها. استعادة هيبة الدولة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الوطن.. ألا تستدعي تطبيقا للاحكام العسكرية مؤقتا حتي نتمكن من القضاء علي البلطجة وغيرها من الامراض التي طفت علي السطح؟ أولا بمناسبة تطبيق الاحكام العسكرية قلت منذ أشهر إنه يجب تفعيل القانون وتطبيقه علي أي شخص بدون استثناء يخل بأمن هذا الوطن خاصة أن الدولة أصبحت في خطر فعلا.. وعلينا أن نتعامل بحزم من أجل تطبيق القانون. ثانيا: أصبحنا نري أشخاصا لهم أراء كثيرة عن الثورة ونفس الاشخاص تتغير آراؤهم عند الحديث عن المشروعية القانونية.. أي أنهم يتحدثون حسب آرائهم الشخصية.. ولذا عليناأن نحدد ما هي المشروعية. وهل هي مشروعية ثورية أم لا فإذا حسمنا أمرنا بأننا مازلنا في حالة الثورة فيجب استخدام الحسم الثوري ونستند هنا للشرعية الثورية ونستخدم هنا التشريعات اللازمة والقوانين الخاصة بحماية الدولة لحين الانتهاء من هذه المرحلة. أما إذا اعتبرنا أن الدولة في حالة تهديد لثورتها فيجب أن نستعين بالقانون الاستثنائي لحين استقرار الاوضاع.. وبعدها نعود للقوانين والتشريعات العادية. ما رؤيتكم لانتخابات البرلمان المقبلة في ظل ما نراه من أفعال تخرج عن نطاق أفعال يناير؟ اضافة إلي التخوف من سيطرة تيار ديني بعينه؟ طالما أننا نادينا بالديمقراطية فيجب أن نسلم بكل متطلباتها أيا كان الذي سيفرزه صندوق الاقتراع وبعد ذلك نتعامل مع هذا الامر في وقته..ولكن في ظل ظروف الدولة وما حدث لا أتصو أن هناك تيارا سيجرؤ علي الاقل خلال السنوات القادمة في ظل الصحوة السياسية التي تعيشها مصر حاليا.. أن يختص بكل شيء - تيار بعينه - بكل شيء. سؤال أطرحه دائما.. كيف نبني مستقبل الدولة المصرية؟ أولا من خلال المؤسسية.. فحتي ينصلح حال البلد يتعين أولا اقامة دولة المؤسسات بمعناها القانوني الصحيح.. بحيث يصبح كل شخص مسئول في موقعه عرضة لمبدأ الثواب والعقاب من الناحية القانونية. ثانيا: الأراضي الزراعية اقترح هنا طرح تعديل تشريعي يصدر بتوقيع غرامات وجوبية لا يجوز اعفاء من يقوم بالبناء علي الأراضي الزراعية منها.. بحيث تكون النسبة تساوي خمسة أضعاف السعر الجاري لأراضي البناء علي أن تزيد الي خمسة عشر ضعفا بالمحافظات حتي نوقف نزيف هدم الأراضي الزراعية. ثالثا: رصيد الاجازات الذي يعطل عمل المحاكم بالنسبة لموظفي الدولة.. بحيث يتم صدور قرار من مجلس الوزراء في ظل وجود ثلاثين ألف قضية في الدائرة الواحدة خاصة بالمطالبة بصرف فارق رصيد الاجازات بالنسبة للموظفين حيث يتم صرف المبالغ المالية بالنسبة للموظفين الذين لهم حق في هذا الرصيد وقضاياهم لاتوجد عليها مشاكل أمام القضاء الاداري.. بحيث تصرف أيضا هذه الأموال في شكل أقساط فورية سنويا وأن تحصل الدولة في نفس الوقت علي نسبة العشرين بالمائة التي يحصل عليها المحامون من المتقاضين.. بديلا عن تعطيل المحاكم علي أن تستمر القضايا محل الخلاف أمام القضاء لحين الفصل فيها.