تحررت أكبر النقابات المهنية في مصر، من شبهة احتلال الحراسة القضائية عليها ما يقرب من ستة عشر عاماً، فقد توقفت شرايين الحياة، في مؤسسات النقابة المهنية الكبري في مصر، وربما يكون الخير كله في مجلس إدارة منتخب من أكثر من أربعمائة ألف مهندس (مقيد) له حق الانتخاب وممن سددوا الاشتراكات السنوية حتي عام (2009)، كما جاء في البيان المنشور من الإدارة المؤقتة للنقابة التي تتولي عملية النقل من الحارس القضائي (السابق) إلي المجلس المنتخب بإذن الله يوم الجمعة المقبل (25 نوفمبر 2011). ولعل من الجدير بالذكر أن توقف النقابات المهنية عن مزاولة أدوارها، قد أصاب المهنة وأهلها في كبد، إذا تأثرت علي سبيل المثال مهنة الهندسة تأثراً سالباً بلغ أن سوق الهندسة في مصر، قد أصابه علل شتي من أهمها غزو المهندسين والمكاتب الاستشارية الأجنبية سوق العمل الهندسي تحت بصر الحكومة، دون وازع من ضمير، ومن غير حق، لأن القانون القائم والمفعول به حتي كتابة هذه السطور يحرم ويمنع عمل أي مكتب استشاري أجنبي دون مشاركة بالنصف بين مكاتب هندسية مسجلة مصرية، ومع ذلك فإن المشروعات الحكومية وكل ما كتبناه في هذا العمود طيلة سنوات طويلة وحتي في جرائد أخري، ومن مهندسين لهم أقلامهم مثل الاستشاري "صلاح حجاب"، عن مخالفات قانونية تقوم بها بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية في استجلاب مهندسين استشاريين أجانب وإسناد أعمال هندسية لهم، دون مشاركة وطنية، مما تسبب في إهدار الخبرات التراكمية للمهندسين المصريين، وضياع فرص العمل لعشرات الآلاف من شباب المهندسين في كل التخصصات، هذا بجانب قيام شركات المطورين العقاريين من عرب وأجانب ومصريين، بإنشاء مكاتب هندسية (ملاكي) دون الاعتماد علي التسجيل.. كمكاتب استشارية مهنية للعمل في تلك المنشآت الضخمة العاملة في مصر، مضيعة لحق العشرات بل المئات من المكاتب الهندسية المقيدة بنقابة المهندسين. هذا بجانب ظهور مكاتب تابعة لمكاتب إقليمية، تقوم بتأجير الخبرات الهندسية الشابة بأسعار منخفضة للغاية، كي تقوم بالتصميم ووضع الرسومات التنفيذية لمشروعات إقليمية خارج مصر. وتصدر تلك الرسومات عبر الوسائط الإلكترونية بأشهر المكاتب الإقليمية المسجلة خارج الوطن، أي أن المطبخ في (القاهرة) والمطعم الذي يقدم الوجبة جاهزة باسمه في (الرياض) علي سبيل المثال، فاقدين في مصر أي ضرائب يمكن الحصول عليها من هذه الأعمال، وإهدار للخبرات التراكمية للمهندسين الشباب العاملين في تلك المطابخ الهندسية العاملة خارج القانون المصري. بالإضافة إلي الهروب من دفع التأمينات الاجتماعية والضرائب علي الدخل وغيرها من موارد خاصة وموارد عامة للدولة! كل ذلك يتم في غيبة الحارس الأمين علي المهنة وهو (النقابة)، الحراسة القضائية كان اهتمامها تسيير الأعمال، كإصدار شهادة، قيد، تحصيل رسوم هندسية، وإشتراك ضعيف للغاية في التأمين الصحي علي المهندسين، وكذلك التأمين ضد البطالة الذي لم يجد وسيلة لخروجه في ظل الحراسة القضائية إلي النور! إن مصادر النقابة المؤقتة تؤكد أن هناك أموالاً سائلة كودائع في البنوك تتعدي المليار وأربعمائة مليون جنيه، وهناك آمال عريضة للمهندسين للتطوير والتدريب، والإعانة بالأجهزة، والمشاركة في فتح الأسواق أمام مهنة الهندسة، وتطوير العمل الاستشاري، كل تلك المشاكل إذا اهتممنا بها في الدورة المقبلة، وهي أصل العمل النقابي بعيداً عن المزايدات السياسية والأيديولوجية سوف نكون قد أسهمنا إسهاماً عظيماً لهذا الوطن!