مقال الأمس تعرض إلى ما قد نتوقع أن يطلق عليه الحرب السيبرانية العالمية الأولى وذلك على خلفية التوتر فى منطقة الشرق الأوسط بين أطراف عدة وعلى رأسها التصعيد الأخير بين كل من الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران... وبالفعل بدأت منذ أيام قليلة تصريحات عدة لخبراء الأمن القومى والمحللين السياسيين وأيضا خبراء أمن المعلومات... التصريحات تتوقع هجمات متفرقة وربما حربا سيبرانية تشنها إيران على مواقع وأهداف أمريكية مهمة.... بالطبع وكما يحدث على أرض الواقع وفى ميادين المعارك من رفع درجات الاستعداد فإن الأمر بالضرورة هو الحادث فى الفضاء السيبرانى... فى بدايات تطور الهجمات الإلكترونية كان الأمس بسيطا ومباشرا... الانتظار لحدوث محاولات اختراق ثم يتم التعامل معها سواء نجحت تلك المحاولات فى تحقيق أهدافها كليا أو جزئيا أو كانت مجرد محاولات تم القضاء عليها بالكامل. مستويات التأمين حاليا تشمل تغيير الاستراتيجية لتشمل توقع الهجمات وربما أيضا هجمات استباقية عكسية. ومع أنباء شبه مؤكدة عن تخلى إيران عن التزامها بقيود اتفاقية 2015 لتخصيب اليورانيوم واعداد أجهزة الطرد المركزية وخلافه وهو تصعيد مهم وخطير إلا أن الهجمات السيبرانية قد بدأت بالفعل... البداية كانت خلال إجازة نهاية هذا الأسبوع-الأحد 5 يناير-حيث تم اختراق الموقع الإلكترونى الخاص بمكتبة الإيداع الفيدرالية الأمريكية وهى جزء من برنامج لإتاحة المنشورات الحكومية الفيدرالية الأمريكية للجمهور بدون مقابل وذلك منذ مارس 2018... فى هذه الحالة أفصح المخترقون عن نواياهم وعن توجهاتهم حيث تم استبدال الصفحة الرئيسية بصورة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب على خلفية العلم الإيرانى مع قبضة يد موجهة إلى وجه الرئيس... على هذه اليد أيضا شعار الحرس الثورى الإيرانى مع عبارات تهديد مكتوبة باللغة الإنجليزية والفارسية تتحدث عن الجنرال سليمانى وعن الانتقام من القتلة...جاء أيضا فى نهاية الصفحة تصريح واضح بأن الاختراق تم بواسطة فريق الأمن السيبرانى الإيرانى وأن هذا الاختراق هو مجرد جزء صغير جدا من القدرات السيبرانية لهذا الفريق. تم أيضا رصد توقف عدد من المواقع الالكترونية الأمريكية عن العمل لسويعات قليلة خلال عطلة نهاية الأسبوع ولكن لم توجد أى إشارة بالموقع إلى أن كان هذا هجوما إيرانيا أم مجرد توقف لتلك المواقع لأعمال صيانة دورية مثلا... مثال على ذلك الموقع الالكترونى لنظام الخدمة الانتقائية التابع للوكالة الحكومية التى تحمل نفس الاسم والتى تحتفظ بمعلومات عن الأشخاص المحتمل خضوعهم للتجنيد العسكرى. ما حدث فى موقع المكتبة هو المستوى الأول للهجمات السيبرانية والتى تستهدف المواقع الالكترونية الحكومية العادية المنتشرة على شبكة الإنترنت... المستويات الأخرى للهجوم تتضمن تعطيل الأنظمة الحيوية مثل أنظمة خدمات أسواق المال والبنوك والخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين ثم يتم تصعيد الهجوم ليشمل البنية الأساسية الحرجة للدولة مثل أنظمة المرور ومرافق المياه والكهرباء والغاز وخلافه.
