مع بداية عام دراسي جديد، وبعد ثورة شعبية من المفترض أنها قامت لتغيير نمط المجتمع، وتزيح التشوهات من وسائط الحياة فيه، وأهمها علي الإطلاق هي نظم التعليم في مصر، إلا أنه للأسف الشديد، بدأ العام الدراسي والهوية المصرية تزداد اندثاراً، وتخبو، حيث تعددت وتنوعت مصادر الثقافة المتراكمة لدي أبناء شعب مصر، من الأجيال الحالية وذلك نتيجة تعدد المدارس والمذاهب، وعدم الإشراف العلمي الوطني علي تلك المراكز، التي يعتمد عليها كمنبع لأجيال قادمة، تحمل من الثقافة ما تلقنه لها تلك المدارس، والفاحص لمخرجات تلك النظم من التعليم، سنجد من الشباب من يحمل الثقافة الإنجليزية، وآخرين يحملون ثقافة فرنسية وذاك يحمل ثقافات ألمانية، وأغلبية تحمل الثقافة الأمريكية، وللأسف كل من أراد أن يضع علي مؤسسته التعليمية علماً أجنبياً، ويبث علماً وثقافة مستوردة، أتاحت له القوانين المنظمة للتعليم في مصر أن يفعلها بل و يفخر بها، فهذه المدارس الأمريكية وتلك الإنجليزية، وغيرهما، يتباري المصريون ويتزاحمون بل ويتوسطون لإلحاق أبنائهم بتلك المدارس، متباهين بذلك وسط أقرانهم، بل الأكثر من ذلك أن تلك المدارس يقوم علي التدريس فيها أجانب مستوردون أيضاً من (نيوزيلاندا) ومن غير الدول المحمول رايتها أو أعلامها أو حتي جنسية اسمها ومنشئها!! كل ذلك يدخل تحت مظلة حرية التعليم !! وترك الحبل علي الغارب لكل من (هب ودب) !! وإنتقل بعض رجال الأعمال من سوق (العجول إلي سوق العقول)، فكله مكسب، ولا شيء يهم، سوي كم حققت المؤسسة أو الشركة من أرباح صافية، بعد تظلمها من خضوعها للضرائب، التي فُرِضَتْ أخيراً عليها، كمثل خلق الله في مصر المحروسة، ولعل من الجدير بالذكر، أن إشراف (وزارة التربية والتعليم) علي تلك المدارس هو إشراف وهمي! حيث المناهج كلها مطبوعة في الخارج، وحيث نسب المقررات المفروضة من الجانب الوزاري المصري كلها يمكن التهاون فيها، داخل المدرسة، وعلي أسوارها! وعليه فإن الناتج الإجمالي من شباب مصر، في هذه الحقبات من أجيال سوف تتحمل مسئولية إدارة هذا البلد، في كثير من المجالات كلها، ذات ثقافات أجنبية لا تحمل أي عبق لتاريخ أو جغرافيا أو وطنية (مصر) وأشجانها (للأسف الشديد)! ومن الغريب أيضاً في بلدنا، أن سوق العمل الحالية مع رجال أعمال (العصر الذهبي) يفضلون خريجي هذه المدارس، ومن المستحسن أن يكونوا قد استكملوا تعليمهم العالي في الجامعات الأمريكية أو البريطانية أو الألمانية أو الفرنسية أي أصبحت (مصر)، مركزاً لثقافات دول أجنبية، ولم يحدث ذلك في عهود الظلام في (مصر)، أيام الاحتلال الفرنسي (1798) أو في إبان الاحتلال الإنجليزي (1882- 1953) لم يحدث أن خَرِبَتْ الثقافة المصرية، وانحسرت الهوية المصرية، كيفما يحدث اليوم، ولا عزاء للحكومات المصرية المتهاونة في حق مستقبل هذا الوطن، ولا لحكومة "شرف" بالطبع أي عزاء!