ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسى كلمة أمام قمة مجموعة العشرين، بحضور رئيس وزراء اليابان، ورؤساء الدول والحكومات المشاركة فى القمة، حيث قال فيها: «يطيب لى أن أنضم لهذه القمة بدعوة كريمة من رئيس وزراء اليابان شينزو آبى، ترسيخًا للتقليد القائم بمشاركة رئيس الاتحاد الإفريقى فى قمة مجموعة العشرين، وهى المهمة التى تسعى مصر فى إطارها إلى تعزيز التعاون والاندماج بين دول القارة الإفريقية فى المقام الأول، مع العمل فى نفس الوقت على تطوير العلاقات مع الشركاء الدوليين، وبما يحقق أولويات وتطلعات شعوب دول إفريقيا فى شتى المجالات، واسمحوا لى أن أشيد بدايةً بجهود الرئاسة اليابانية لمجموعة العشرين، والتى اختارت موضوعات جديدة لتحظى بالأولوية، لاسيما فيما يتعلق بالاقتصاد العالمى والاستفادة من فرص التجارة والتكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا البازغة، فضلاً عن البنية التحتية وتغير المناخ، إضافةً للقضايا الاجتماعية من تمكين للمرأة والصحة العامة والعدالة الاجتماعية». وأضاف الرئيس: «نعلم جميعًا أن مجتمعنا الدولى يواجه تحديات متعددة الأبعاد، تتعاظم جسامتها بشكل خاص فى الإطار الإفريقى، ومنها تحقيق السلم والأمن، والقضاء على الفقر، ومكافحة الأمراض، ومواجهة تغير المناخ، والتصدى للهجرة غير الشرعية وغيرها، وتجسد مشاركتى فى هذه القمة أهمية الاستماع إلى صوت قارتنا، وتوفر فرصة لاستعراض رؤيتنا تجاه مجموعة العشرين وتفاعلنا معها، على النحو التالى: أولًا: نؤكد المسئولية الجماعية فى مكافحة الإرهاب والتصدى للفكر المتطرف، خاصةً فى الدول التى كانت تعانى من نزاعات مطولة، كما نؤكد العلاقة المتلازمة بين الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة، مع الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها. ثانيًا: مازالت أطر حوكمة النظام الاقتصادى والمالى العالمي، تحتاج إلى إصلاح يعكس مشاركة العالم النامى فى عملية اتخاذ القرار بشكل عادل وشفاف، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالدول الإفريقية، مع تأكيد أهمية الحفاظ على النظام التجارى متعدد الأطراف المحكوم بالقواعد. ثالثاً: نرحب بالتعاون فى إطار شراكات جادة مع مجموعة العشرين لتحقيق التنمية، وفق الخطط والبرامج الوطنية لدولنا، وأجندة 2063 التى تحمل رؤية القارة لتحقيق تنميتها المستدامة، وتتكامل مع أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة 2030 التى توافقنا عليها جميعًا. رابعًا: تتأسس العلاقة بيننا على المصلحة المشتركة، فالترابط والتشابك الذى يميز عالمنا اليوم جعل من التعاون ضرورة ملحة تحقق المنافع لأطرافه، مع الابتعاد عن أية قيود سياسية تفرض أعباء إضافية، أو محاولات فرض نماذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. خامسًا: رغم التحديات العديدة، فالقارة الإفريقية لديها الكثير مما يمكن أن تقدمه، فهناك إمكانات وسوق واعدة وغيرها من العناصر الجاذبة للعالم الخارجى». واستطرد: «إذا كانت التحديات التى أشرت إليها قائمة بالفعل على أرض الواقع، فإن التعايش معها أو التسليم بها، ليس بالأمر الحتمى، فبإمكاننا، كمجتمع دولى، تجاوزها، ولا شك أن مجموعة العشرين عليها دور كبير فى ريادة الجهد الدولى فى هذا السياق، عبر تذليل العقبات أمام النفاذ للتمويل، وعن طريق تيسير الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا البازغة وتسخيرها لخدمة أغراض التنمية، وتضييق الفجوة الرقمية، فضلاً عن توفير الخدمات الأساسية ومنها التعليم والنفاذ للدواء والتكنولوجيا العلاجية بتكلفة أقل، وفى الوقت الذى أحدثكم فيه عن التزاماتكم تجاه القارة، فبالمثل، أود التطرق لبعض ما تقوم به دول أفريقيا بإرادتها الوطنية، وبما يجعلها أكثر قدرة على استيعاب أطر الشراكة الدولية». وتابع: فلعلكم تتفقون على أن دخول الاتفاقية الإفريقية القارية للتجارة الحرة حيز النفاذ فى 30 مايو 2019 ينمى من فرص التجارة البينية، ويوسع السوق المتاحة أمام الاستثمار فى قارتنا، ويعزز قدراتنا التصنيعية، ويوفر فرص عمل خاصة للشباب، ويزيد من مساهمتنا فى سلاسل القيمة العالمية، ومن نفس المنطلق، فإن خطط تحقيق التكامل الإقليمى عبر تطوير البنية التحتية الإفريقية، وتنفيذ المشروعات العابرة للحدود، ومشروعات الطاقة، لاسيما الطاقة المتجددة، إنما تأتى على رأس أولوياتنا، وتتسق مع خيارنا الاستراتيجى فى السير نحو الاندماج القاري، وعلى مسار مواز ومكمل، نمضى فى طريق تطبيق آليات سليمة للحوكمة الاقتصادية، من خلال تبنى أساليب إدارة رشيدة تهدف إلى تعظيم الكفاءة والفعالية، وتوفر البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات، وتعد مكافحة الفساد جزءًا لا يتجزأ منها، كما يضطلع القطاع الخاص بالدور الرئيسى فى تحريك عجلة النمو الاقتصادى المنشود، وتشكل جهود تمكين المرأة والشباب عنصرًا أساسيًا من استراتيجياتنا التنموية». وفى ختام كلمته قال الرئيس: «أؤكد مجددًا أن إرادتنا السياسية الإفريقية تتجه بخطوات ثابتة وجادة على الصعيد الوطنى والقارى بشكل متكامل لتحقيق التنمية المستدامة بكافة أبعادها، جنبًا إلى جنب مع ترحيبنا بالتعاون مع شركاء القارة، اتساقًا مع خططنا، وبما يحقق مستقبل أفضل لنا جميعًا، فنظرة بسيطة وواقعية إلى تعداد قارتنا اليوم الذى يبلغ أكثر من 17% من سكان العالم، مع التوقع بأن يصل لأكثر من ربع سكان العالم بحلول عام 2050، تؤكد أن شراكتنا ليست خيارًا، بل مقاربة ضرورية لا بديل عنها».