صدر عن "روافد" للنشر والتوزيع كتاب "كيف ثأر المصريون" للدكتور محمود خليل، طرح الكاتب في أول صفحات الكتاب سؤال "كيف خرج هذا الشعب من رحم المحنة ليحدث الثورة؟ ويجيب الكاتب عن هذا السؤال من خلال تسع محطات تحليلية وتفصلية. الأولي: كيف خرج المواطن المصري من شرنقة الخوف إلي فضاء المواجهة، خاصة أن زراعة الخوف كانت الزراعة الأكثر رواجا في مصر، وأفلحت الحكومة في غرسه في النفوس، أحداث كثيرة أثارت غضب المصريين مثل قتل الشاب "خالد سعيد"، وحين اشتعلت ثورة تونس بقيام الشاب "بوعزيزي" حرق نفسه، لجأ عدد من المصريين إلي نفس الفعل أمام مجلس الشعب، ولا تستطيع الحكومة المصرية أن تطفئ نار الشعب المصري، الذي أطفاه الشعب بنفسه بخروجه يوم 25 يناير. والثانية: السلاح الذي استخدمة المصريون في مواجهة النظام هو سلاح القنبلة السكانية في مواجهة آلة القمع، وهي الحشود المليونية التي اجتمعت في ميدان التحرير، رغم أن الحكومة حاربت الزيادة السكانية علي اعتبار أنها تعرقل التنمية، فإن الشعب يعي أن النظام هو من يسرق مقدرات الدولة، وكان يسعد الحكومة مقتل الآلاف في غرق العبارات واحتراق القطارات وسقوط طائرات كنوع من تخفيف الحمولة. الثالثة: مرض "هشاشة النظام" الذي انتاب كل مؤسسات الدولة، ويصف الكاتب في هذه النقطة كيف أن مؤسسات الدولة عانت من الهشاشة، نتيجية عدم الاعتماد علي كفاءات حقيقية، حتي علي مستوي المسئولين والوزراء القادرين علي القيام بدورهم، وقامت الدولة بعملية تجريف منظم للعناصر الجادة، وكونت عناصر الولاء للنظام، وتحويل الحزب الوطني إلي شركة لرجال الأعمال "الشلة"، كما همشت دور المثقف في التوعية بالأخطار، وأصبح المثقف ليس إلا "وردة في عروة الجاكته النظام" أو بطانة الجاكته، أو في الحظيرة، وهؤلاء المثقفون أساءوا لمصر، وتم الزواج المعلن بين رجال الأعمال الثروة والسلطة. الرابعة: الدور الذي لعبه تزوير انتخابات مجلس الشعب نوفمبر 2010 في التحضير للثورة حيث أعلن قبل الانتخابات أن الحزب يرفض التدخل الاجنبي في الرقابة علي الانتخابات وهذا يعني أن الحكومة كانت مصرة علي التزوير مسبقاً ومنها بدأت تشكيك الشعب في كل ما يدور في النظام. الخامسة: سقوط فكرة حرمة الخروج علي الحاكم في الوجدان الشعبي، ثار الشعب عندما زهد في فكرة قدرية الحاكم، بظهور البرداعي والدعوة للتغير ودخوله عالم الفيس بوك مع الشباب وطرحة للعديد من التساؤلات حول اختيارالرئيس القادم، البرادعي يدرك الخلطة السرية التي ذاب فيها يأس المواطن المصري وأفكاره تزرع الأمل والتغير والإصلاح، يجيد إدارة المعارك واستخدم عدم النزاه في الانتخابات مدخل ضغط وإدارك. السادسة: صعود البرداعي علي المشهد السياسي المصري وسعيه لتغيير نظام الحكم والثورة علي مبارك، جعلت الدولة تهاجمه لدرجة وصلت إلي إصدار فتوي بإهدار دمه، لأنه تجرأ علي أولي الأمر، واستخدام سلاح التكفير في وجه من من يدعي للتغيير، وهذه الثقافة هي أحد مكونات الثقافة التي كرسها الفقهاء لفكرة التمرد علي الحكومة. السابعة: استرداد الروح المصرية بعد سنوات من إهدار الطاقة، وهنا طرح الكاتب تحليلا عن ماذا فعل مبارك بأخلاق المصريين؟ جعلهم يمارسون النفاق والكذب، ولا يرحبون بالصدق، فسادت حالة من التردي الأخلاقي في العلاقات الإنسانية، وانتشرت ثقافة الفلهوة وإلهاء المصريين في كرة القدم. الثامنة: اشتعال فكرة المقاومة في الوجدان المصري، تضامنا مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية "حماس وحزب الله"، ورغم اختلاف الأسلوب، فإن الحالتين مثلتا حالة الثورة وحركة التحرر، كما أجمعت البرامج الحوارية علي مشكلات المعيشة وغلاء الأسعار، وتعذيب رجال الشرطة للمواطنين داخل الأقسام. التاسعة: ظاهرة "الأوباميزم" وهي فكرة في قدرة الشعوب علي صناعة التغيير، وصف الكاتب هذه الحالة بأنها حالة شعبية اختزنت كل أشواق البشر للخلاص في اللحظات، التي يشتد فيها الحاجة إلي التغيير، بالقوة التي تخرج من رحم الضعف، والنصر الذي يخرج من قلب المستحيل.