بقاعة العرض بكلية الفنون الجميلة جاء معرض الفنان الدكتور «محسن علام» الذى أقيم مؤخرا تحت عنوان «موروثات».. وقد ضم المعرض أعمالا طباعية منفذة بتقنية الحفر على المعدن، استقى الفنان موتيفاتها من عناصر بنايات العمارة الإسلامية المتمثلة فى المحاريب والنوافذ والزخارف وتشكيلاتها المختلفة والمتعددة بأسلوب فنى مختلف قوامه التبسيط والاختزال، منقبا عن التفاعل والاندماج بين الموروث الثقافى بأشكاله وأنواعه الدينية أو الاجتماعية وفنون الجرافيك المعاصر شكلا ومفهوما، وكيفية التفاعل والاندماج والاستنباط من الموروث والاستفادة منه فى الفن الحديث خاصة فى مجال الطباعة. فى أعمال معرضه الأخير يجنح «علام» تجاه التجريب والتجديد بكل جوانحه مُخلصا لفنون الطباعة التى آثرها طريقا لأعماله الفنية ومعارضه المتعددة منذ تخرجه فى قسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة عام 1992، فابتعد عن استخدام ألواح الزنك المعدنية كوسيط طباعى تقليدى جرى العرف على استخدامه فى فنون الطباعة الغائرة؛ ليستخدم فى معرضه الأخير شرائح الألومنيوم - رغم صعوبة التعامل معها ورقة سمكها - كوسيط طباعى غير تقليدى مُجربا ومستخدما لتقنيات الطباعة المعدنية الغائرة التى يملك أدواتها عن تمكن وجدارة، فزاوج فى أعماله بين تقنيات متعددة غلب على معظمها تقنية الحفر الخطى الجاف راسما بها معالم لوحاته علاوة على استعماله لتقنية الحفر الحمضى والحفر بتأثير الألوان المائية Aquatint وغيرها من تقنيات الطباعة التى يحترفها ويعلمها لتلامذته بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة. يخرج «علام» فى عدد من أعماله خارج إطار فنون الطباعة الفنية التقليدية آخذا لوحاته تجاه الفنون المختلطة mixed media مزاوجا بين أساليب وتقنيات الطباعة وفنون الرسم الخطى وتشكيل الظلال بالخطوط المتداخلة وتقنيات الرسم والتصوير المختلفة كالتشكيل بورق الذهب ومستخدما لألوان الباستيل صانعا من مجملها معا عوالم لوحاته فى تراكب وتناغم فنى وتقني. من بين ثنايا الفراغ تجيء موتيفات وعناصر الفنان محسن علام التى تزين لوحاته، تجىء فيها وكأنها تولد من عدم فى جرأة خطية ولونية، تسبح فى فضاءات اللوحات وكأنها قصاصات أو عناصر استدعاها الفنان من مخزونه البصرى لعناصر العمارة الإسلامية المتناثرة على أبواب ونوافذ وجدران المساجد على اختلاف عصورها وتعدد أشكالها ومذاهبها وتداخلها مع عناصر نباتية وتوريقات متعددة الأشكال والأحجام.. يُجرد الفنان الأشكال والعناصر ويختزلها فى أشكال وعناصر ثرية استقاها من موروثاتنا الشعبية والدينية فى هيئة خطية، رمزية الهوى تجريدية الملامح، جاءت فى تراكبات وتداخلات مُحكمة تتوزع خلالها العناصر والرموز وتتبادل مع الفراغ لعب دور البطولة؛ تتوزع خلالها الكتل اللونية صانعة عوالم روحانية أكدها باختيارها لدرجة اللون البنى sepia color برمزيته اللونية وتعبيره تشكيليا عن القدم والأصالة.. يذكر أن الفنان د.محسن علام أستاذ مساعد بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وهو من مواليد القاهرة 1968، حصل على بكالوريوس الفنون الجميلة «قسم الجرافيك، تخصص التصميم المطبوع» القاهرة 1992، ثم درجة الماجستير فى الفنون الجميلة تخصص الجرافيك بعنوان «دور ألمانيا فى تطور فن الحفر- القرن الخامس عشر والسادس عشر» 2001، وجاءت رسالته لنيل درجة دكتوراه الفلسفة فى الفنون الجميلة تخصص الجرافيك بعنوان «المحاولات التجريبية فى فن الجرافيك المعاصر من خلال التجريد» 2007 .
