سامح إسماعيل يبحث عن «خروج آمن» فى قاعة الزمالك

كتب - أحمد سميح
فى معرضه الأخير «خروج آمن» المقام حاليا بقاعة الزمالك للفن يطلق الفنان الشاب سامح إسماعيل العنان لمخيلته، يفتح الباب لقريحته على مصراعيها، تتحرر خطوطه راسمة مساحات الخط والنقطة فى علاقة بين الكتلة والفراغ، فى الإيحاء بمضامينها ودلالاتها من صميم الخط العربى وروحه، فالتكوينات عند سامح إسماعيل متحررة تتميز بالحداثة والمعاصرة، فالخط العربى على تراثه الزاخر بدا فى لوحاته أكثر عصرية وتحررا من قيد القواعد وأصولها، مقتربا فى لوحاته إلى فكر التجريديين، مختزالا ومجددا، ولعل دراسة إسماعيل لفن الخط العربى فى مدارس تحسن الخطوط كانت لها أبلغ الأثر فى تشرب مخيلته للخط العربى، قبل أن يصقل موهبته بالتحاقه بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة والتى تخرج منها فى عام 1997، فكان لإلمام الفنان بجماليات الخط العربى دور بالغ فى تعامل مع مفرداته كمفردات فنية، فعمل الفنان فى لوحاته على تفكيك المفردات الجمالية للخط العربى، ومن ثم يصوغها مجددا كمفردات جمالية معتمدا على التكثيف أحيانا، وأحيانا أخرى باختزالها إلى خطوط مجردة، وهو حين ينفذها يرسمها بأسلوب الفنان والخطاط فى آن واحد، نراه ينفذ لوحاته بما تصوغه وتملى عليه كل لوحة على حدة من طزاجة وانفعال فنى، وما يرتئيه لها من معالم وحدود مبتعدا عن الثرثرة الفنية دون تقيد برسم سابق لها أو مخطط يتقيد به، فكل لوحة تحمل داخلها انفعاله اللحظى، فيظهر فى أعماله الأخيرة سعيه الحثيث بحثا عن عوالم أكثر تحررا لمفردات الخط العربى واختزالا لمكنوناته لصالح المفردات التشكيلية والخطية الأخرى، فهو من خلال منطق التفكيك يعمل على خلخلة موتيفاته من مفردات الخط ومن ثم إعادة تركيبها بما يتوافق مع رؤيته الفنية بحثا عن حلول عصرية للتوازن بين الكتلة والفراغ. ينتقل بنا «إسماعيل» فى معرضه الحالى إلى مرحلة أخرى تختلف عن مراحله الفنية السابقة، بدأ بالخامة والتى يطوعها للدخول فى مساحات أخرى وفتح آفاق جمالية لم يعتدها، يأخذنا إلى زاوية أخرى مستخدما الفحم والأقلام الخشبية كأداة للتعبير، فالفنان اعتاد استعمال الألوان المائية والصبغات اللونية من خلال ألوان الأكريليك أو الألوان المائية، يظهر فى لوحات الفنان تمكنه من توظيف جماليات الخط العربى ممثلة فى النقط التقليدية كموتيفة جمالية علاوة على الخط الحر بحركات تجمع بين العشوائية والحركة المدروسة والتى تخطها أنامل خطاط محترف، فيجمع بينها فى مساحات محدودة تتناثر وتتوزع على فضاء لوحاته، علاوة على استخدامه لفنون الخط العربى يزاوج الفنان بين موتيفات إسلامية نفذها بطريقة التفريغ «الاستنسل» لتظهر أقرب للعلامة المائية، واختار لتنفيذها ألوان ناعمة هادئة، تارة تظهر واضحة جلية، وتارة أخرى تتماهى وتتلاشى متداخلة فى فضاء لوحاته ممتزجة مع لون خلفيتها.
كما أن دراسة إسماعيل لفنون الطباعة خاصة الغائرة خلال دراسته بقسم الجرافيك أثر كبير فى التعامل مع لوحات معرضه الأخير على الرغم من أنه استخدم الفحم والأقلام الخشبية، فنراه يتعامل معها وكأنها نتاج أدوات طباعية خاصة من حيث نعومة ملمس اللون المرسوم، كما نوع الفنان فى التقنيات المستخدمة فى لوحاته فجمع بين الكتابة المباشرة بالأقلام بدرجات غامقة على خلفية فاتحة، وبين ضدها كاتابا باللون الفاتح من خلال مسح اللون على خلفية غامقة، كما قام الفنان بإثراء مسطح لوحاته من خلال تنفيذ عدة طبقات أو مراحل من التنفيذ.