فعل الخير فى الشهر الكريم لا يقتصر على كبير، شاب كان أو فتاة، حتى إن الأطفال لهم نصيب من تلك الخيرات، حيث تجد هؤلاء ممن لم تتجاوز أعمارهم الثانية عشرة عامًا يتسابقون على سقاية المصلين فى جلسة الاستراحة فى صلاة التراويح، بمسجد الرحمن الكائن بقرية منشأة اليوسفى، التابعة لمحافظة المنيا، من أجل الحصول على الحسنات فى شهر رمضان المعظم. تبدأ مهمة الأطفال بمجرد أن يؤذن المؤذن لصلاة العشاء، حيث تجدهم يتهافتون على الحضور مبكرًا إلى المسجد قبل أن يرفع الأذان، انتظارًا للإقامة وأداء الصلاة فى الجماعة، ويتراصون صفًا واحدًا خلف كبار السن، حتى لا يقطعوا الصفوف فمن وصلها وصله الله، وما إن تنتهى الصلاة فيمكثوا دقائق حتى يقوم الإمام ليبدأ فى صلاة التراويح. وفور أن ينتهى الإمام والمصلون من الركعات الأربع الأولى من التراويح، ويشرع الخطيب فى إلقاء خطبة قصيرة فى جلسة الاستراحة، يقوم الأطفال بإعداد زجاجات المياه المُثلجة التى جهزوها مسبقًا فى منازلهم وأحضروها إلى المسجد ليرووا بها ظمأ المصلين خاصة مع الحر الشديد ومجهود الصلاة، فى محاولة منهم لاقتناص الحسنات المضاعفة بعشر أمثالها فى الشهر المبارك. ويحرص جموع المصلين فى التعامل بكل رفق مع هؤلاء الأطفال، تشجيعًا منهم وتحفيزًا لهم على فعل الخيرات، حيث لم تكن سقاية المصلين فقط شغلتهم الوحيدة فى رمضان، بل هناك الكثير منهم يحرص على إحضار التمر والعصائر قبيل صلاة المغرب لإفطار المصلين، وتوزيع المياه أيضا على المتواجدين فى المسجد.. تلك الأفعال كادت أن تكون ثمة الأطفال فى مساجد قرية منشأة اليوسفى، فلم يكن مسجد الرحمن فقط، فهناك الجمعية الشرعية أيضا، ومسجد التقوى البحرى، والمسجد القبلى، يتولى فيهم الصغار سقاية المصلين فى التراويح طوال شهر رمضان الكريم وليست العشر الأواخر فقط والاعتكاف، وهى الأفعال التى يتوارثها الأطفال جيلًا بعد جيل، دون أن يكون هناك ملل أو كلل.