فى حدث أشبه بالاحتفالية بالمدرسة الانطباعية والحديثة فى الفن التشكيلى، خاصة الفنان الإسبانى «بابلو بيكاسو» رائد المدرسة التكعيبية فى الفن، حصد مزادان أقيما مؤخرًا بالعاصمة البريطانية لندن أكثر من 270 مليون دولار، ما يمثل بداية موفقة لموسم مزادات الأعمال الفنية الذى استهل بمزادين لدار «كريستى» و»سوثبى» لأعمال الفنانين الانطباعيين والعصر الحديث. وحقق مزاد «الانطباعية والفن الحديث» الذى نظمته دار «سوثبى» بلندن، أرقام مبيعات مرتفعة حيث بلغت 119 مليون دولار، وتجاوزت مبيعات دار «كريستى» 158 مليون دولار. سيطرة بيكاسو على سوق الفن كالعادة كان الفنان الأسبانى الشهير بابلو بيكاسو هو نجم المزادين وأدت أعماله إلى قفزة فى نتائج المبيعات، حيث حققت لوحته التكعيبية الشهيرة «امرأة تعتمر قبعة وترتدى فستانا بخطوط مربعة» التى تمثل بورتوريه لعشيقته «مارى- تريز والتر» نحو 70 مليون دولار لتصبح ثانى أغلى عمل فنى انطباعى فى قارة أوروبا بعد تمثال «الرجل الذى يمشى» للنحات السويسرى الشهير «ألبرتو جياكوميتى» الذى بيع عام 2010 بأكثر من 104 ملايين دولار. وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية أن مشترى اللوحة هو «هارى سميث» الرئيس التنفيذى لشركة استشارات فنية، وأضافت أن سميث ابتاع 112 لوحة أخرى للفنان من المزادين بنحو 113 مليون جنيه استرلينى لصالح عدد من عشاق فن بيكاسو بالعالم. وقد عرضت دار «سوثبي» تسعة أعمال لبيكاسو فى المزاد منها لوحة «امرأة» ولوحة «مصارع الثيران التى بلغ سعرها 16 مليون دولار. وفى مزاد «دار كريستى» تصدرت لوحة «جندى وامرأة عارية جالسة لبيكاسو مقابل 19 مليون دولار، ورسم الفنان هذه اللوحة عام 1967 أى تعود لمرحلة متقدمة من إبداع بيكاسو، كما بلغ سعر لوحة آخرى له «هيئة» نحو 12 مليون دولار. وقال كيث جيل، رئيس إدارة المبيعات فى دار «كريستى» أن الإقبال الذى شهده المزاد على أعمال «بابلو بيكاسو» يبشر بالخير لمزاد قادم سوف تنظمه «كريستى» فى شهر مايو المقبل فى مدينة نيويورك ويضم لوحته «فتاة تحمل باقة ورد» وهى من إبداعات المرحلة الوردية ويتوقع أن يتجاوز سعرها 70 مليون دولار.. يذكر أن لوحته «نساء الجزائر» تعد أغلى لوحة باسم الفنان عندما بيعت عام 2015 مقابل 179 مليون دولار بمدينة نيويوركالأمريكية لتنضم لقائمة أغلى عشر لوحات فى العالم. وشملت المبيعات أيضًا، أعمال لفنانين بارزين مثل لوحة للفنان الفرنسى «كلود مونيه» «الباب» بيعت بأكثر من ثلاثة ملايين دولار، ولوحة للرسام «آدجار ديجا» باسم «وراء الكواليس» والتى بلغ سعرها 12 مليون دولار. ■ لوحة تعكس صراع عشيقاته رسم «بيكاسو» لوحته الزيتية «امرأة تعتمر قبعة وترتدى فستاتاً بخطوط مربعة» عام 1937 وهى تنتمى لمرحلة هامة من مسيرة إبداعه يطلق عليها المرحلة الذهبية التى انطلقت فى بداية الثلاثينيات من القرن الماضى، وهى من مجموعته المعروفة لدى النقاد بنساء بيكاسو، إذ تمثل عشيقته «مارى- تريز والتر» وتعكس أيضًا ظل عشيقته الأخرى دورا مار. وشدد جيمس ماكى مدير قسم الفنون الانطباعية والمعاصرة فى «سوثبى» على أهمية اللوحة إذ أنها رسمت فى مرحلة هامة من مسيرة بيكاسو الفنية عام 1937 بعد أشهر قليلة من الانتهاء من لوحته الأشهر «جيرنيكا» عن فظائع الحرب الأهلية بأسبانيا. تحمل اللوحة المرسومة بألوان الزيت بعدين تظهر فى المستوى البادى للعيان «مارى تريز والتر» وفى الخلفية ظل عشيقته الأخرى «دورا مار» ما يعكس الصراع العاطفى الذى كان يدور داخل الفنان الإسبانى الشهير بعلاقاته النسائية المتعددة. وتكمن أهمية اللوحة من مضمونها وتاريخ رسمها عام 1937، وجاءت ليختم بها الفنان عامًا مشحونًا ومضطربًا من حياته شهد فيه ذروة الحرب الأهلية فى وطنه إسبانيا، كما تعكس حالة من الصراع النفسى الشديدة كان يكابدها الفنان. يعتقد بعض النقاد أن «مارى تريز» ترى فى اللوحة نهاية علاقتها العاطفية مع «بيكاسو» إذ يظهر ظل قاتم وراء خطوط وجهها لامرأة أخرى يسيطر على اللوحة يعتقد أنها عشيقته الجديدة «دورا مار» ويبدو أن العمل قد استخدم كوسيلة لاستكشاف مشاعره تجاه المرأتين. من الناحية الفنية تتمتع اللوحة بجرأة ريشة «بيكاسو» القوية المفعمة بالشحنة العاطفية بقوة رئيسة «بيكاسو» عبر الحواف المكعبة الحادة فى رداء المرأة والطلاء السميك والخطوط السوداء، مما تمنح المتلقى تأثيرًا بصريًا مباشرًا . وذكرت دار «سوثبى» أن بيكاسو عبر بنفسه عن ذلك الصراع بقوله أنه من المؤلم أن تشاهد فتاة فى لوحة عنها أنها فى طريقها للخروج من حياة الفنان، ورغم ذلك نلمح فى اللوحة أنها لا تزال ذات أهمية ملموسة لديه. وبوجه عام كانت المرأة ذات أهمية محورية فى إبداع بيكاسو الذى عرف بتعدد علاقاته العاطفية وفنيًا يقول الفنان عنها «المرأة فى نظرى خليط من الأشكال والألوان».