نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بسوهاج    "جبران" يلتقي مديرة مكتب الأنشطة العمالية لمنظمة العمل الدولية    تحالف الطريق الديمقراطي يرحب بالإفراج عن سجناء الرأي والتعبير    بدء أعمال التصحيح وتقدير الدرجات لامتحانات الشهادة الإعدادية في الدقهلية    كلمة الرئيس السيسى خلال الإجتماع رفيع المستوى بشأن المؤتمر الدولى لتمويل التنمية    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بختام تعاملات الثلاثاء 3 يونيو 2025    قطاع البترول يزود مستشفيات وزارة الصحة بحضانات وأجهزة تنفس لحديثى الولادة    محافظ بورسعيد يتفقد منافذ بيع اللحوم للتأكد من جودة وأسعار السلع الغذائية    توماس باراك يؤكد تخفيض عدد القواعد الأمريكية فى سوريا إلى واحدة فقط    فلسطين تدعو كافة أعضاء مجلس الأمن لزيارة غزة وتوثيق الجرائم الإسرائيلية في القطاع    الانتخابات الرئاسية بكوريا الجنوبية: بدء فرز الأصوات ونسبة التصويت الأعلى منذ 28 عاما    الصين ترفض تصريحات وزير الدفاع الهولندي: محاولة لتشويه صورتنا    تغيير حكم الفيديو في مواجهة الإسماعيلي وسيراميكا كليوباترا في كأس الرابطة    تغيير حكم الفيديو في مباراة الإسماعيلي وسيراميكا كليوباترا بكأس الرابطة    رادار المرور يلتقط 514 مخالفة تحدث في الهاتف أثناء القيادة خلال 24 ساعة    «الأرصاد» تحذر من موجة حارة خلال عيد الأضحى    نقل وقفة عرفات وفيلم الرسالة، خريطة MBC مصر في عيد الأضحى    مصطفى كامل يطرح "حُب مين" بعد نجاح أغنيتين من ألبومه الجديد    محافظ بني سويف يكرم الأمهات المثاليات بمسابقتي التنمية المحلية والتضامن    قبل رحيلها.. سميحة أيوب: "تعرضت للخيانة من قبل أزواجي"    حكم وقوف النائم والمغمى عليه بعرفة في الحج.. هل يُشترط اليقظة لصحة الوقوف؟    حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة    مستشفى الهرم ينقذ شابا تعرض لجرح نافذ بالرقبة جراء اختراق "صاروخ" معدني    وافدان جديدان يستعدان لتمثيل إنتر في كأس العالم للأندية    استعدادا لقيادة الهلال.. إنتر ميلان يعلن رحيل إنزاجي رسميًا    البورصة المصرية تغلق على صعود جماعي ومؤشر EGX30 يرتفع بنسبة طفيفة    الرئيس السيسى يحذر من أزمة ديون عالمية جديدة تعصف باقتصادات الدول النامية    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    جامعة سوهاج تطلق قافلة طبية توعوية مجانية بقرية الشواولة بالتعاون مع "حياة كريمة"    "الحاج الخفي".. تجربة واقعية لرصد جودة الخدمات في موسم الحج    ما حكم الأكل بعد فجر أول أيام عيد الأضحى حتى الصلاة؟ عالم أزهرى يجيب    "محلية النواب" تطالب بسرعة الموافقة على إنشاء مستشفى بنها    وكيل تعليم بني سويف تتفقد سير العمل بكنترول التعليم الصناعي بمدرسة الثانوية الميكانيكية    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد جاهزية مستشفى نخل المركزي لاستقبال عيد الأضحى    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    بعد اتصال السيسي وماكرون.. إشادة برلمانية بجهود مصر لإنهاء حرب غزة    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    Alpha وAirbus يدمجان الذكاء المسير في قلب العمليات الجوية العسكرية    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    فيفي عبده تنعي الفنانة سميحة أيوب    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    عدم الإعلان عن موعد فتح التحويلات ونتيجة تنسيق القبول للمدارس.. لهذا السبب    محافظ القليوبية يوجه باستمرار صرف الألبان خلال عطلة عيد الأضحى    أخبار سارة على صعيد العمل.. توقعات برج الجدي في يونيو 2025    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    قبل نهائي الكأس.. أرقام الحكم محمود بسيوني مع الزمالك وبيراميدز هذا الموسم؟    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي حول الزلازل: ليست انتقامًا من الله    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد كامل: الكتابة رهان وانحيازات
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 19 - 12 - 2017

بعض المسلمات المجتمعية الخاصة بالذكورة ومفهومها المتوارث تكتشف مع الوقت والتجرية أنها مغلوطة، فقط تكرس لمفاهيم تدين الرجل أمام نفسه وتمعن فى إحداث فجوة بينه وبين رؤيته للحياة، وأفكاره خاصة تلك المرتبطة بالأنثى ووظيفته نحوها.
فى روايته الأولى «العهد القديم.. آخر 48 ساعة فى حياة المدهش» يطوف بنا الشاعر والروائى أحمد كامل بين عوالم الإرث الذكورى من خلال «المدهش» بطل روايته الذى يسترجع تاريخه فى آخر 48 ساعة من حياته.
■ جاء العنوان محملا بالعديد من الرموز فحدثنا عن خصوصيته واختيارك له؟
- العنوان كان يتشكل من جزءين؛ عنوان رئيسى وهو العهد القديم، فى إشارة إلى أمنية الراوى برجوع عقارب الزمن، وعنوان فرعى وهو آخر 48 ساعة فى حياة المدهش.
■ تبدأ الرواية بحالة انهيار وسيولة جارفة لمشاعر ورؤى فكرية ونفسية تطرأ على مخيلة البطل فجأة فهل ترى أن الإسهاب فى وصف حالته بهذا الشكل فى بداية العمل كان اختيارا موفقًا؟
- لا أعرف إجابة فيما يخص التوفيق، طبعا أترك الحكم للقارئ. لكن مشهد البداية هو نفسه مشهد الختام، مشهد البداية هو وصف من خلال عيون الراوى يوسف المدهش، بدون إيضاحات أو علامات، بينما يحتوى مشهد الختام على دلالات وعلامات تفسيرية، وكأنما الكاميرا تبتعد قليلًا عن عيون المدهش (زوم أوت) لتفضح عالمه للقارئ.. البعض تكلم معى عن الإرهاق الذى يمكن أن يعانيه القارئ من تتابع الصور الشعرية فى مشهد البداية، لكن عمومًا الكتابة رهان وانحيازات، أنا منحاز لفكرة بذل الجهد أثناء القراءة.
■ امتازت لغتك بالتأرجح بين اللغة الشعرية المفعمة بالصور والبلاغة وبين اللغة السردية عالية المشهدية فصف لنا صعوبة هذه المراوحة خاصة أنه أول عمل روائى لك بعد كتابة الشعر؟
- أى نص يختار لغته ويكتب بها نفسه، اعتقد أن الفقرة أو الجملة الأولى فى أى نص هى المحور الذى يمضى بقية النص وفق إيقاعه ودرجته، والموافقة على وجود تلك الجملة بمثابة إذن لها لتتملك النص بعد ذلك بشكل كبير، يمضى النص وفقًا لهواها طالما رضخت لها وقمت بتثبيتها. أنا أذكر أن الجملة الأولى على لسان الراوى المفتقد للحب والونس كانت كسحبة لبكرة خيط.
الفنون تجاوزت حتى مرحلة التجاور ووصلت للاختلاط منذ زمن، يمكنك أن تحدد الإطار، لكن من المغوى استخدام جميع الألوان المتاحة بشرط بناء نسق واضح أو متعة. فمثلًا؛ الشعر يستوعب السرد منذ فترة بعيدة كما فى الأوديسة، والرواية تنتقى الآن من تقنيات السينما، والمسرح يهضم العديد من الفنون بداخله. يمكن أن تكون قراءة وكتابة الشعر قد أفادتنى فيما يخص الاهتمام باللغة والصور خلال العمل السردي، لكنها أيضا تمثل حالة سكون مضاد لتقدم السرد فى بعض الأحيان. واجهتنى صعوبة فى اجتياز ذلك خلال الكتابة للوصول إلى مزيج مرض؛ يدفع السرد ويحاول الاحتفاظ بجماليات اللغة والصورة.
■ ظهر جليًا مدى اطلاعك على مرض الفصام وكيفية توظيفك له بحيث يتيح لك مساحة سردية زمكانية واسعة حدثنا عنه؟
- استخدام الفصام أحد الحيل الأدبية المعروفة، تسمح لك بتفكيك العالم عند عرضه من خلال عيون الفصامي، كما يسمح لك بتضخيم الرؤية والأفعال إلى أقصى حد. قرأت عن الفصام وشهادات لأصحابه، يساعد ذلك فى الاستقرار على تكنيك العمل، وكانت إحدى الملاحظات المهمة لى هى فكرة اختلال الزمان كأحد أعراض الفصام.
■ عرضت الرواية للإرث الذكورى أو بالأحرى الهم الذكورى برؤية مغايرة وربما فاضحة للواقع فهل كانت هذه هى الفكرة التى استندت عليها نواة روايتك؟
صحيح، دوما ما كان ذلك الإرث هاجسا بالنسبة لي، وخاصة فى المجتمعات التى تعطى مزايا وهمية للذكور بناء على هبة تشريحية. والقاعدة فى الحياة هى أنك لا تأخذ إلا لأنك سوف تعطى شيئا فى المقابل. العادات والمتعارف عليه مثل جزار يقف على جبل عالٍ، وفى سفح الجبل يقف مجموع الرجال على اليمين، ومجموع الإناث على اليسار، يمسك الجزار بالواجبات وبالحقوق الإنسانية كذبيحة معلقة أمامه، ويقطع منها جزءا ويقذفه للإناث، ثم يقطع جزءًا من منطقة أخرى من الذبيحة ويلقيه للذكور. الذكورة مجبورة على التخلى عن المشاعر العلنية (فيما عدا المشاعر العدائية والسلبية). والفكرة المتعارف عليها للذكورة تحاول أن تجهض الأحاسيس وتستنكر الضعف الإنساني، تلصق فعل البكاء والفضفضة بالمرأة وحدها (فى مقابل السيطرة عليها والامتلاك لها). وكمثال؛ فإن الكثير من أصدقائى يتكلمون بفخر وإعجاب عن الأب الذى كان كالجمل، لا يئن ولا يتوجع مهما ضربه المرض بينما يتعجب المعالجون من قوة الاحتمال والكتمان. مع الوقت؛ ستخرج الأنثى من دائرة السيطرة تلك، وبالتالى يكتشف الذكر ما افتقده من القدرة على التعبير فى مقابل سيطرة متوهمة.
■ كيف أبرزت صراع الآباء والأبناء من خلال التناحر الفكرى والثقافى على مدار الرواية؟
لا أعرف، ربما أردت العكس؛ فالمدهش كان يود الالتصاق بأفعال أسلافه، أن يسير على نفس الدرب الأمن، لكن اختلاف العصر هو ما دفعه بعيدًا. الصراع الأكبر هو فى إحساسه بصعوبة المسؤولية تجاه أولاده، وفى الإحساس بالعجز من عدم القدرة على تحمل مسئوليات عائلة كما استطاع أجداده من قبل. حتى أنه يستدعى حكاية أحد أجداده كطائر خفيف بلا قفص زواج.
■ طرقت بابًا لا يطرقه عادة غير النساء ولا يعلن غير ذلك وهو باب السحر فصف لنا ذلك العالم السرى للرجال ومعتقداتهم غير المعلنة؟
- الرجال مثل النساء فى ذلك، وحينما يواجه أحدهما عطبًا ما، ويتدرج فى البحث عن حلول بناء على مستوى الثقافة أو الوضع الاجتماعي؛ فإن الموروث الشعبى يتحرك باحتمال تقديم حل. بالدرجة الأولى تلجأ النساء للسحر عندما يتعلق الأمر بأمومة غائبة؛ يمكن أن يكون ذلك متولدًا من رغبة عارمة فعلا فى الحصول على طفل، ويمكن أن يكون من إحساس بالنقص فى مواجهة المجتمع. كذلك الرجل؛ فإن اختلال القدرة الجنسية (والتى تمثل فى رؤية الذكور الميزة الأكبر للسيطرة والاستحقاق) يدفعه نحو تلك الحلول. بل يمكن أن يبدأ الرجل باللجوء إلى باب السحر قبل باب الطب، نافيًا عن ذكورته أى نقيصة طبيعية أو صحية، بينما يتمسك فى عناد بفكرة مؤامرة ما تحاول أن تنال من فحولته الضخمة. نسمع عن كلمة «ربط» وكلمة «مربوط» فى إشارة إلى نوع من السحر يستهدف القدرة الجنسية، وكلمة «مربوط» تعطى دلالة على ما يشعر به الرجل تجاه ذلك، فهو مكتف، مفتقد للحركة ومن ثم الميزات. ويصل الأمر بالبعض إلى تعليل ذلك لروحه ولمن يعرفون بمشكلته من خلال الاعتقاد والحكى عن جنية تعشق قوته ورجولته، وتحتفظ بتلك الطاقة الجبارة لروحها وتمنعها عن أهله.
عموما، فإن التاريخ وعلماء الأنثروبولوجى ورجال الدين وحكايات ألف ليلة وليلة لا يفرقون بين رجل وامرأة فى التعامل مع ذلك الموضوع.
■ كيف أصبحت المعرفة مصدر للعرى فى حين أن الجهل كان مصدرا للأمان بحسب وجهة نظر أسلاف المدهش فى الرواية؟
حين يزيد الإدراك تهتز الثقة ويحل الاضطراب باكتشاف الغير مقدور عليه. أسلاف المدهش كانوا متغاضين عن عيوب الصورة الذكورية ومتمتعين بالوهم، ربما لم تكن لديهم محفزات كافية لكشف البصر، لكن بطل الرواية -وباختلاف ظروف العصر- أفاق على المفتقد فى العلاقة مع الأنثى.
علميًا فإن للتعلم 4 مراحل؛ تبدأ من اللاوعى بعدم القدرة (وهو الجهل التام) وحتى الوصول إلى اللاوعى بالقدرة أو الكفاءة (وهى رد فعل انعكاسى مشروط)، وبينهما يحدث الاهتزاز فى لحظة الوعى بعدم القدرة، يحدث ذلك العري.
■ فى تصورك هل كانت القشة التى قصمت ظهر البعير بالنسبة للمدهش هى إدراكه أن الأنثى يمكن أن تكتفى وتأنس بدونه وأنه سيظل ناقص بدونها؟
- صحيح، وبمعنى آخر هو العجز أمام تلك الأنثى عن القيام بالدور المحفوظ والمتفق عليه مسبقًا من خلال الأسلاف، ثم عدم وجود مدخل آخر أو بديل أمامه للتعامل مع الأنثى. يمكن كانت بداية ذلك منذ أول ارتطامات له بالأنثى وحتى قبل زواجه، مما أدى إلى خيانته لصاحبه فى لحظة ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.