على الرغم من التصريحات المتتالية للأرجنتينى هيكتور كوبر المدير الفنى للمنتخب الوطنى بشأن عدم وجود أزمة فى مركز الهجوم، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماما، ويكفى أن يتذكر الجميع ما تعرض له الفريق الوطنى قبل نهائى الأمم الأفريقية الأخيرة فى الجابون، عندما اضطر كوبر لدخول النهائى أمام الكاميرون بعمرو وردة المحترف بصفوف فريق أتروميتوس اليونانى فى مركز الهجوم على غير مكانه الطبيعى، بعد إصابة المهاجم الأساسى بالفريق والنادى الأهلى مروان محسن بقطع فى الرباط الصليبي، ومن ورائه أحمد حسن كوكا مهاجم سبورتنج براجا البرتغالى، والذى لم يستفد منه الفريق الوطنى بالشكل المطلوب حتى الآن، ومرت الأيام وتوالت مباريات المنتخب الوطنى فى التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم المقبل بروسيا 2018، وصعد الفراعنة لا بشق الأنفس كما يصور البعض، وإلا ما حسم الصعود كثانى منتخب بعد نيجيريا، وفى مجموعة صعبة تضم غانا، ومن الجولة قبل الأخيرة، لكن ما سبب قلق للمصريين، الاعتماد الكلى فى الصعود على جناح منتخب مصر ونادى ليفربول الإنجليزى ونجم الشباك الأول بل منازع محمد صلاح، ليتساءل الجميع إلى متى سنظل نعتمد فى التهديف على صلاح؟ وأين دور المهاجمين فى المنتخب؟ وهل سيظل نفس الشكل قائم فى روسيا؟ أسئلة كثيرة حاول كوبر الإجابة عنها، بعد ضمان التأهل الرسمى للمونديال، وكانت أولى المحاولات باختيار مهاجم النجم الساحلى التونسى عمرو مرعى، بل والدفع به كأساسى فى مواجهة غانا الأخيرة فى ختام تصفيات كأس العالم، بالإضافة إلى إعادة نجم الزمالك السابق والمحترف بصفوف الرائد السعودى شيكابالا والذى أحرز هدف المباراة الوحيد فى المباراة التى انتهت بالتعادل الإيجابى، مما اعتبره البعض شهادة ضمان لالتزام النجم الأسمر فى المستقبل القريب، لكن لم يهدف عمرو مرعى، تلك المهمة الرئيسية التى يتخصص فيها المهاجم، ومن أجله تدفع الأندية كل غالى ونفيس، فكثيرًا ما تسبب المنتخب فى حرق كثير من المهاجمين اذا لم يحسنوا الفرصة ويستغلونها الاستغلال الأمثل، ففى الماضى القريب انتهى زمن باسم مرسى مهاجم الزمالك والذى يواصل تخبطه حتى الآن مع الزمالك، الذى بحث له مع بداية الموسم عن بديل وبات يجلس احتياطيا فى المباريات بقرار من المدير الفنى نيبوشا، فى المقابل يتوسل مهاجم الأهلى عماد متعب الفرصة من أجل منحه دقائق مع الأحمر، وكأنه شاب العشرين الذى يبحث عن فرصة من أجل إثبات ذاته مجددًا، ومن ثم الانضمام الى المنتخب لقيادته فى كأس العالم، ذلك الحلم الذى راود أجيالًا عظيمة فى الكرة المصرية، لم تنل هذا الشرف..الأهلى ضيق على نفسه وعلى مهاجمى مصر الخناق، كونه النادى الأول، والرافد الممد دائما للمنتخب الوطنى باللاعبين الدوليين، فى ظل اعتماد حسام البدرى المدير الفنى على مهاجمين أجانب أبرزهما النيجيرى أجاى والمغربى وليد أزارو ، ليضطر كوبر التفتيش عن آخرين فى الأندية فى ظل ضعف القماشة داخل الدورى المصرى الذى لم يقدم فى الشهور الماضية أسماء يمكن الاعتماد عليها مكتفيا بعرفة السيد المنضم حديثا إلى إنبى، وعمرو السعيد مهاجم الانتاج الحربى وهداف الدورى حتى الآن برصيد 6 أهداف، ومهاجم المصرى أحمد جمعة، وجميعهم غير مقنع لكوبر، بسبب ضيق الوقت أمام الاستعداد لكأس العالم المنتظر انطلاقه بعد سبعة أشهر، ومن الصعب تأهيل لاعب محلى لمثل هذه النوعية من المحافل الدولية، فضلا عن عدم ارتياح كوبر نفسه لفكرة اللاعب المحلى، مفضلًا معظم الوقت اللاعب المحترف فى الخارج، بدليل ضمه لشيكابالا فور خروجه إلى السعودية، ولاعبين غير مفيدين ودون المستوى لمجرد أنهم محترفون مثل سام مرسى مدافع وسط ويجان الإنجليزي، رغم أن حسام عاشور وآخرين يفيقون قدراتها الفنية والبدنية بمراحل شاعة، أيضا أحمد حسن كوكا لم يقدم المنتظر منه، ولم يسجل للمنتخب أى أهداف تذكر، ورغم ذلك يتواجد فى كل رحلة وبعثة. أزمة المهاجمين قديمة فى المنتخب، وسبق وأن انتهى لاعبون كثيرون من الباب الدولى، بينما فتحت أبواب المجد لآخرين، فكان المدرب القدير الراحل محمود الجوهرى شغله الشاغل فى أواخر الثمانينيات البحث عن مهاجم يليق بمنتخب مصر، ووجد ضالته فى الصعيدى القادم من المنيا المهاجم الشاب هشام عبدالرسول الذى لعب دورا محوريًا فى صعود مصر إلى كأس العالم بإيطاليا عام 90، لكنه تعرض قبل السفر إلى حادث كاد أن يودى بحياته تماما ليضطر الجوهرى للبحث إلى أن وجد عميد لاعبى العالم حسام حسن فى طريقه، ومنحه الثقة إلى أن أصبح مهاجم مصر الأول طوال 20 عامًا متواصلة، تخللها أساطير مثل أحمد الكأس وعلى ماهر وأيمن شوقى ومحمد رمضان وأيمن منصور، لكن ظل حسام حسن الرمز الأوحد، حتى مع ظهور جيل جديد مع مطلع الألفية الجديدة والتى شهدت بزوغ النجوم محمد فاروق وأحمد بلال وعماد متعب وعمرو زكى مهاجم إنبى الذى جاء ظهوره الشهير على حساب أحمد حسام ميدو مهاجم توتنهام الإنجليزى فى بطولة الأمم الأفريقية بمصر 2006، إلى أن شق طريقه فيما بعد، ظل حسن شحاتة المدير الفنى السابق يعتمد على زكى ومتعب لعدم وجود بديل لهما، لكنه كان محظوظًا طوال فترة عمله خلال السنوات الست التى قضاها بوجود لاعبى وسط ذى نزعه هجومية يبقى على رأس الجميع دوما محمد أبوتريكة أسطورة الأهلى، ومن بعده محمد زيدان ومحمد ناجى جدو وآخرين، ترى هل يضطر كوبر لتغيير فكره بالاعتماد على لاعبى الوسط لتغذية بل وتعويض ضعف المهاجمين؟