كل عام والمصريون جميعاً بخير، وأمان، وسلام. يأتي هذا الشهر الكريم العظيم في سماته وخصائصه علي بلادنا ونحن قد نلنا حريتنا، ونلنا قبل الحرية الثقة في أنفسنا، عادت الثقة، بل "عادت الروح" لشعب مصر، ذكرتني تلك الأيام الأولي من ثورة 25 يناير 2011 بقصة "عودة الروح" لكاتبنا العظيم المرحوم "توفيق الحكيم" والتي خطها في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، وبثت الروح في شعب مصر، وخاصة النخبة من المثقفين المصريين، "وضباط الجيش المصري"، وكانت تلك القصة "عودة الروح" بمثابة الشرارة التي أوفدت روح الوطنية المصرية وهكذا، صرح الراحل العظيم "جمال عبد الناصر" حينما تحدث مع الكاتب الأستاذ "محمد حسنين هيكل" حينما اعترض المشير "عبد الحكيم عامر" علي كتابات "توفيق الحكيم" في الأهرام ووقف"جمال عبد الناصر" في صف الكاتب الكبير، ووافق علي نشر روايته في الأهرام التي كانت محل اعتراض "المشير"! وهي قصة (حمار الحكيم) علي ما أعتقد !عادت الروح لشعب مصر الذي فقد كثيراً من مثقفينا وكتابنا، الأمل في أن يهب هذا الشعب ضد الاحتلال الوطني، والفساد، والنهب المنظم لثروات البلاد، وضعف الشخصية المصرية في المحافل الدولية، نتيجة لمواقف الدولة الرسمية من القضايا الوطنية الكبري في إقليمنا وفي المنطقة، وخاصة القضية الفلسطينية والهجوم علي جنوب لبنان عام 1982 وغيرها من أحداث انسحبت مصر من أداء دورها التاريخي والقومي حيالها، وأتذكر كتابات الأخ الأستاذ "إبراهيم عيسي" والتي تميزت بقسوة شديدة في حق شعب مصر!. ولكن كما يقول المثل "الفولكلوري" المصري كل شيء له نهاية " "وللصبر حدود" وغيرها من صفات يمكن إطلاقها علي الحالة التي وصل فيها شعب مصر حتي لحظة الانفجار التي تفجرت يوم 25 يناير الماضي. هكذا جاء شهر رمضان الكريم هذا العام وشعب مصر قد نال حريته، وأعاد الثقة والروح في الوطنية المصرية، ولكن في خلال هذا الشهر الكريم، نشاهد في الساحة الوطنية تلك الانقسامات غير المرغوبة من الأغلبية من شعب مصر، هذه الانقسامات التي للأسف الشديد تعنونت بأصحاب "اللحي والذقون" "وبالياقات البيضاء والحمراء والصفراء" ومن كل لون، خابت كل آمال المصريين في أن نحصل علي نتاج هذه الثورة التي فقدنا فيها زهوراً من شباب مصر، أمنوا بأن دماءهم الطاهرة سوف تحرر الإرادة الوطنية المصرية، وسوف تعيد لمصر مكانتها ودورها الحق، في منطقتنا بل وفي عالمنا المعاصر. تشرذمت طوائف سياسية، خرج بعضها من سجون النظام السابق مُسِنّينْ أنيابهم وأظافرهم للظفر بحكم البلاد، والبدء في تصفية حسابات ما كانت في الأصل مع شعب مصر. ولكن للأسف الشديد "عادت الروح، وفقدنا الوعي"، ولعلي أيضاً أتذكر ما كتبه الأديب العظيم "توفيق الحكيم" حينما ضاق بممارسات المخابرات المصرية في نهاية الستينيات وكتب عن "عودة الوعي" ولاقت هذه الرواية أو هذه الأطروحة السياسية ود وسمع وبصر النخبة المصرية. وها نحن اليوم بعد أن عادت الروح إلي المصريين يوم 25 يناير، وتجلت يوم 11 فبراير مساء بتنحي الرئيس السابق عن منصبه، وانهار النظام دون أن يسقط، وحصلنا ونلنا كل إعجاب البشر علي سطح الكرة الأرضية!. ها نحن اليوم للأسف الشديد "فقدنا الوعي"، يأتي شهر رمضان الكريم ،ونحن بجانب الفرحة التي حصلنا عليها إلا أن الخوف يغيم علي مستقبل هذا الوطن، الخوف من المستقبل نتيجة هذه الشراذم من محترفي السياسة، ومحترفي الكذب، والتلون بألوان الطيف!. ولا طريق أمام المصريين، أمام الغالبية العظمي إلا التمسك بالوطنية المصرية وبالروح التي عادت يوم 25 يناير، وأن نتمسك بخصائص وسمات شهر رمضان الكريم.