بحكم وظيفتي الأساسية كأستاذ جامعي منذ أكثر من أربعين عاماً، بالقطع من وظيفة مدرس حتي أستاذ متفرغ مروراً برئاستي للقسم العلمي الذي أنتمي إليه، ووكيلاً للدراسات العليا والبحوث ، ثم عميداً (بالانتخاب)، ورغم أنني كنت صاحب رؤية، لكن لم نتفق مع النظم القائمة في حينها فكان ما كان من اختلاف ثم اتفاق ثم ابتعاد عن المناصب الإدارية في الجامعة. وبحكم أيضاً علاقتي التي تعددت مع الزملاء الذين تولوا حقائب تلك الوزارة ، وعلي رأسهم صديقي الأستاذ "عمرو عزت سلامة"، الوزير السابق (مرتين) فإنني أقدم مرة أخري رؤيتي للزميل الأستاذ الدكتور "معتز خورشيد" الذي رست عليه حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي ، في تلك الحقبة الزمنية الدقيقة!! ولا أقصد بدقة المرحلة، هي الثورة والمرحلة الانتقالية للوزارة الثانية أو الثانية والنصف للدكتور "عصام شرف" ولكن الدقة في الأمر أن هذا الشهر وبنهايته، سنجد أن المجتمع الجامعي ينتظر تغييراً جذرياً في القيادات الجامعية بدءاً من رؤساء الجامعات ونوابهم، وعمداء الكليات ووكلائهم، وربما رؤساء الأقسام العلمية، وإن كان المنصب الأخير لا يخضع كثيراً لهذه التغييرات، حيث حدد القانون القائم منصب رئيس القسم لأحد أقدم ثلاث أساتذه بالقسم العلمي، وهذا عليه اتفاق مبدئي من الجميع علي ما أعتقد، ولعلي كتبتُ عشرات المقالات في هذا الاتجاه، بل الأكثر من ذلك كتبتُ ضد تلك التعديلات في قانون تنظيم الجامعات في حينها خاصة عصر الدكتور "حسين كامل بهاء الدين عام 1994" حينما ألغي تعديله انتخاب العمداء، وتدخل (كوزير) في شئون الجامعات، واعتدي علي استقلالها بجرأة لا يحسد عليها أحد! ثم بعد تلك التعديلات التي تمت في عهد الدكتور " مفيد شهاب الدين عام 2004 " والتي اعتدي فيها علي كبار الأساتذة بعد السبعين وطردهم من قاعات التدريس في الجامعات المصرية، بل وإخلاء مراكزهم العلمية من كل أثر لخبراتهم وكتبهم وعلمهم، وبحكم طبيعة بعض المصريين، حينما يجدون فرصًا للنيل من كبارهم! فقد استكملت منظومة "هدر" كرامة كبار أساتذة الجامعات المصرية! وكان اقتراحي الأخير لصديقي الدكتور "عمرو عزت سلامة " هو إلغاء تلك التعديلات ولو مؤقتاً لحين مجيء برلمان منتخب من الشعب ، فيكون لهم الحق في إنتاج مشروع بقانون جديد للجامعات المصرية، يتواكب مع كل أحلامنا، أما الآن وفي ظل إدارة الأزمة، فيجب أن نعيد قانون تنظيم الجامعات إلي ما كان عليه قبل الاعتداءات الشهيرة من كل من (حسين، ومفيد شهاب الدين)! ولعل استجابة الدكتور "عمرو" للجزء الأخير، وهو إلغاء تعديل 2004، وإعداده لمشروع بقانون يسمح بعودة الأساتذه فوق السبعين إلي مدرجات الجامعات. وتم الموافقة علي ما قدمه الوزير السابق في مجلس الوزراء ، وأعلن عنه وقوبل بفرح وسعادة من المجتمع الجامعي، إلا أنه، وحتي اللحظة، لم يصدر بقرار من السلطة القانونية في البلاد المخول لها إصداره ، وهي "الهيئة العليا للقوات المسلحة"! وهذا أيضاً مثير للتساؤل ورسالتي للوزير "معتز خورشيد" هي أن يعيد نفس الطلب ، بل ويصر عليه إن اقتنع برأيي ، وأمام عدم التلبية فإن استقالته أشرف له من أن يرفضه المجتمع الجامعي خلال الشهر الكريم القادم!