الهروب من الخطأ أو الجريمة أمر طبيعي ومسلم به، إنما الهروب إلي الجريمة هذا هو ما يعرف في علم النفس ب "فوجا"..رواية عمرو الجندي الصادرة حديثا عن دار "الرواق" للنشر، يقدمها في قالب بوليسي مثير، من خلال عدد من الشخصيات النمطية التي ترتبط جميعها بالشخصية الرئيسية "حسين" هذه الشخصية المنطوية علي ذاتها، تخشي كل شيء حولها حتي أنها تعجز عن المواجهة المباشرة مع المجتمع، الذي تقوده قدماه يوما لمنزل جاره وصاحب العمارة في نفس الوقت، ليكتشف مقتله في غرفة نومه، وفي محاولة منه لإبلاغ الشرطة عن الجريمة يفاجأ بجاره الآخر صائحا متهما له بقتل صاحب العمارة، ليفقد السيطرة علي أعصابه ويقتله هو الآخر.. المدهش أن جثة الأول قد اختفت تماما قبل وصول الشرطة لمكان الجريمة، لتتشابك الأحداث وتصبح أكثر إثارة. ربما لم يأت الجندي بموضوع جديد، لكن تناوله لمفهوم الجريمة وتطورها وتنامي الأحداث بسرعة يظهرها من خلال المواقف القصيرة والمكثفة، كذلك رسمه للشخصيات رغم نمطيتها، إلا أنه قد منح بعضا منها ملامحها الأساسية الواضحة، وأفسح المجال أمام الشخصيات الفاعلة لمزيد من الدقة في الوصف والوقوف علي بعض التفاصيل، ليجعل القارئ يدور في دائرة محددة من الشخصيات التي قد يكون بينها القاتل.