حكاية تاريخية على الطراز الأندلسى فى المنيل

لم يكن أمراء الأسرة العلوية فى مصر يقيمون مجرد منشآت للسكن أو لأغراض أخرى، حيث كانوا حريصين على أن تكون تلك المنشآت غاية فى الروعة والجمال وممتلئة بالزخارف وكل عناصر الجمال والفن المعماري، وكان كل ركن فى تلك المنشآت التى تنوعت ما بين القصور والفيلات، بمثابة متحف قائم بذاته بما فيه من زخارف ونقوش وألوان.
ما سبق ليس مجرد كلام عن التاريخ، بل واقع رصدته جريدة «روز اليوسف» اليومية أثناء جولتها فى متحف قصر محمد على توفيق بالمنيل الذى بناه عام1901، حيث كان يسعى إلى إحياء العمارة الإسلامية التى عشقها، فبنى أول الأمر قصرا للإقامة ثم أكمل بعد ذلك باقى سرايا القصر، ومن فرط عشقه للعمارة الإسلامية قام الأمير بنفسه بوضع التصميمات الهندسية والزخرفية وأشرف على كل خطوات التنفيذ.
وخلال زيارتنا للقصر الأثرى والتاريخى رصدنا بهو النافورة الذى تقع فى الجهة الشرقية منه حجرة طعام القصر وهى الأخرى تحفة قائمة بذاتها، وأخبرنا الدكتور ولاء الدين بدوى مدير عام المتحف أن بهو النافورة سمى بهذا الاسم لوجود نافورة من الألبستر على الطراز الأندلسى تتوسط القاعة، وأرضيتها مغطاة بقطع الرخام الملون مكونة زخارف هندسية رائعة التنفيذ.
وتابع مدير عام القصر:جدران البهو بها وزرة مكسوة بنفس قطع الرخام الملون على شكل عقود متكررة على الطراز المملوكى، أما باقى الجدران فمغطاة ببلاطات القاشانى عليها زخارف نباتية باللونين الأبيض والأزرق يتخللها بلاطات فى شكل لوحات مستطيلة على بعضها رسم لشجرة السرو، ويرتفع البهو بمستوى طابقى السراى.
وقال إنه فى الجهة الشرقية من البهو يوجد صفان من العقود، صف يعلو الآخر والأسفل يتوسطه عقد كبير غطى افريزه ببلاطات قاشانى عليها «البسملة» وسورة «الفاتحة» محاطة بزخارف نباتية، وعلى جانبى العقد يوجد عقدان من الخشب المزخرف بالتفريغ، ويفصل العقود الثلاثة عمودان مزدوجان من المرمر بلون «البيج» ودرجاته.
وتابع: ويتدلى من العقد الأوسط مشكاة من الزجاج المموه (المطلى) بالمينا، ومن العقدين تتدلى مشكاتان من النحاس المزخرف بالتفريغ، والصف العلوى من العقود زينت أفاريزها بمستطيلات متبادلة مستطيل من الخشب بزخارف نباتية بالحفر البارز، ومستطيل ببلاطات قاشانى بزخارف نباتية ملونة، لتكون فى النهاية شكلا زخرفيا جميلا.
واستطرد: الجزء العلوى من الجدار الجنوبى علقت صورة كبيرة ل«محمدعلى» باشا مؤسس الأسرة العلوية، والصورة لها إطار مذهب ويعلوها قرص الشمس، كما يوجد بالبهو ساعة دولاب كبيرة الحجم ومصنوعة فى إنجلترا ويعود تاريخها إلى القرن 18م، كما يضم البهو طاقم جلوس من الخشب المطلى باللون الأسود والمشغول بالخرط الدقيق، وعلى الجدران علقت لوحات بداخل بعضها قطع نسيج من كسوة الكعبة الشريفة.
وأضاف: السقف محلى بسدائب من الخشب الرفيع تحصر بينها حشوات منفذة بزخارف هندسية يغلب عليها الألوان الحمراء والزرقاء والذهبية، ويتوسط السقف شخشيخة مثمنة الأضلاع محمولة على مقرنصات مذهبة بكل ضلع نافذة من الزجاج الملون المعشق بالجص.