أعادت اشتباكات ميدان التحرير، يوم الثلاثاء الماضي، إلي الأذهان أحداث 25 و28 يناير، التي تعامل فيهما الأمن المركزي مع المتظاهرين بقسوة وصلف مفرطين، بل إنه قام حسب ما يجري من تحقيقات حالياً في هذا الشأن، بقتل، وإصابة الكثيرين بعاهات مستديمة. «روزاليوسف» التقت اللواء صلاح الشربيني، مساعد أول وزير الداخلية، لقوات الأمن المركزي للتعرف علي ملابسات الثلاثاء الماضي، وحقيقة وطبيعة دور قوات الأمن المركزي خاصة بعد ثورة 25 يناير المجيدة. • ما ملابسات أحداث الثلاثاء الماضي؟ - فوجئنا بمجموعة كبيرة من المواطنين يتوجهون إلي وزارة الداخلية لمهاجمتها ومحاولة اقتحامها وكانوا يحملون زجاجات «مولوتوف» وأسلحة بيضاء، و«شوم»،ولهذا تحركت تشكيلات من الأمن المركزي للتصدي لهم. • كان هذا طبيعياً خاصة بعد القاء الشرطة القبض علي إحدي امهات الشهداء، ونجلها، لإصرارهما علي حضور حفل تكريم أسر الشهداء بمسرح البالون؟ - أياً كان السبب فإذا فكر كل فرد بهذا الأسلوب، وتصرف بتلك الطريقة، وهي أن يأخذ حقه بيد، فسيتحول المجتمع إلي غابة، ولا يمكن تبرير مهاجمة ومحاولة اقتحام الوزارة، لأن هناك قانوناً، وقضاء، هو الذي يفصل في المشاكل التي تواجه أفراد المجتمع، وهناك عدد كبير من رموز النظام السابق أمام القضاء، للفصل في قضايا فساد، وغيره، وهذا أبرز دليل علي ضرورة تفعيل القانون، والفصل في المشاكل، وأي معضلة تواجه الناس أمام القضاء. • لكن الاشتباكات أعادت إلي الأذهان أحداث الثورة، وبالتحديد يومي 25 و28 يناير، وما حدث بهما من قسوة مفرطة في التعامل مع المتظاهرين سلمياً؟ - الأمن المركزي تغيرت أهدافه بعد الثورة، وأصبح دوره الأساسي تحقيق الأمن للمواطن ومواجهة أعمال البلطجة والقضاء علي البؤر الإجرامية، وليس مواجهة المتظاهرين تحت أي مسميات، لأن التظاهر السلمي، حق مكفول لكل مواطن، والدليل علي ذلك أن قوات الأمن المركزي منذ 29 يناير الماضي، لم تتدخل لفض أي مظاهرات نهائياً، فيما عدا عند محاولة اقتحام بعض الأشخاص السفارة الإسرائيلية، وكان تدخلنا دفاعاً عن حرم السفارة وأيضاً عندما حاول بعض البلطجية الهجوم علي المعتصمين أمام ماسبيرو، وكانت تصرفاتنا في تلك الأحداث في حدود الموقف ولم يحدث تصعيد علي الإطلاق. لكن المظاهرات التي حدثت أمام ماسبيرو لم نتدخل فيها، رغم قطع المتظاهرين الطريق، وأيضاً المظاهرات التي حدثت في العياط وقنا كلها تم فضها بالحوار. وإذا عدنا لأحداث الثلاثاء الماضي، فأنا أعاود التأكيد أننا كنا في حالة دفاع شرعي عن النفس، وعن حرم الوزارة. • لكن قوات الأمن المركزي عادت لاستخدام القنابل المسيلة للدموع في تلك الأحداث، كما كانت هناك قسوة مفرطة في التعامل مع المتظاهرين بالتحرير؟ - استخدام القنابل المسيلة للدموع مسألة تقديرية، ترجع لظروف وتقديرات الموقف، والهدف الأساسي منها هو تفريق التجمعات وابعاد المتظاهرين عن المنشآت الحيوية، ومنع الاحتكاكات المباشرة بين الجمهور والشرطة، لتجنب حدوث إصابات أو خسائر فادحة، كما أن الغازات المسيلة للدموع ليست بدعة، وتستخدم في جميع دول العالم. وفي مثل تلك الأحداث من الوارد أن تحدث أخطاء فردية لأننا بشر، والخطأ الفردي استثناء، والاستثناء لا يقاس عليه، ونحن لا نسعي لمطاردة الناس. لكن الوضع العام أن الشرطة كانت في موقف الدفاع عن النفس ولم تطارد المواطنين. • لكن الذي حدث العكس فاستخدام قوات الأمن تلك الوسائل أدي إلي زيادة أعداد المتظاهرين وإصرارهم علي الاعتصام بالميدان فما تعليقك؟ - هذا يرجع إلي إصرارهم علي البقاء بالميدان، فالشرطة انسحبت منذ عدة أيام فلماذا يتواجد هؤلاء المواطنون هناك ولماذا واجهوا الشرطة وهي لم تسع لمواجهتهم ولم تتحرك سوي لحماية وزارة الداخلية. والدليل علي ذلك أنه منذ وقوع المشكلة أمام مسرح البالون وتحرك المتظاهرين إلي وزارة الداخلية لم يوجد عسكري أو ضابط بالأمن المركزي علي طول الطريق إلا أمام وزارة الداخلية والمناطق المحيطة بها عند مهاجمتها، ولم تخرج مطلقاً لميدان التحرير فكان هدفنا الأساسي هو تأمين الوزارة والمباني المهمة بالمنطقة وحدودنا تنتهي عند ذلك وغيره لا شأن لنا به، وليس من ضمن خططنا التدخل في التظاهرات أو فضها في الميدان والموقف الأخير فرض علينا فرضاً وتصرفنا في حدوده ولم نحاول التصعيد. • أشيع علي لسان الكثير أن قوات الأمن كانت تستخدم مجموعة من البلطجية لمواجهة المتظاهرين، ما حقيقة ذلك الأمر؟ - هذا كلام مرسل وليس له أساس من الصحة، في حقيقة أنه كان يوجد مواطنين متطوعين لمساعدتنا ومتعاطفون مع الشرطة للهجوم عليها بدون مبرر مقبول وأغلبهم من أصحاب المتاجر الموجودة بالمنطقة، وكانوا في حالة دفاع عن متاجرهم عندما حاول بعض البلطجية تكسيرها واقتحامها لسرقتها ونهبها مثلما حدث في كارفور وغيره من المتاجر في أحداث الثورة. بالإضافة إلي أنه في مثل تلك المواقف التي تشمل تجمعات وتظاهرات يندس خلالها البلطجية والخارجون عن القانون وفي أثناء مواجهات الشرطة لهم يحدث كر وفر لا تستطيع لحظتها التمييز بين البلطجية، والثوار وعندها تخرج الشائعات. • لماذا انسحبت قوات الأمن من ميدان التحرير؟ - أولاً القوات لم تنزل ميدان التحرير ولكن تواجدت في المناطق المحيطة به والمؤدية لوزارة الداخلية. والشرطة انسحبت لأنها لا تريد مواجهة المتظاهرين والاصطدام بهم، كما أن فكرة الانسحاب كانت قائمة من أول لحظة نزولنا ولكن المواجهات الدامية التي تعرضنا لها والعنف الشديد جداً الذي وقع علينا تسبب في تأخير قرار الانسحاب الذي أصدره الوزير فكان الهدف الأساسي لدينا هو ابعاد التجمعات من أمام الوزارة والمنشآت العامة وبمجرد تحقيق ذلك ننسحب بكل قواتنا، ولكن ما حدث أننا كلما قمنا بالانسحاب كنا نتعرض للهجوم بالحجارة والطوب وزجاجات المولوتوف التي ألقيت علينا وهذا الذي أضر عملية الانسحاب لأن الانسحاب له اجراء وتكتيك منظم حتي لا نتعرض لخسائر فادحة. • ما حجم الخسائر التي تعرضت لها قوات الأمن؟ - بالنسبة للإصابات أصيب 14 ضابطاً و115 مجنداً بينهم إصابات خطيرة تنوعت ما بين كدمات وكسور وحروق وبعض سيارات الشرطة تم تكسير زجاجها. وأود أن أؤكد أنني أبرئ الثوار الشرفاء من هذا الشغب الذي حدث لأن من يبغي الحرية والعدالة الاجتماعية ويحب مصر لا يفعل مثل تلك التصرفات.. فنحن مع الثورة، والشرطة مهما كانت قوتها لا تستطيع العمل بمفردها ودون معاونة ومساندة الشعب لها.