تراثنا الشعرى.. ماذا بقى منه وماذا ننتظر منه؟ سؤال أطلقه المنتدى التراثى الأول للعام الجارى الذى يقيمه معهد المخطوطات العربية بالقاهرة التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) حاضر فيها د. محمود الربيعى نائب رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة الذى أعلن فى كلمته عن قرب إصدار المجمع لمعجم لغة الشعر العربى الذى طال انتظاره منذ زمن. ود. محمود الربيعى ناقد أدبى كبير من مؤلفاته: «فى نقد الشعر»، و«قراءة الرواية»، و«نصوص من النقد العربي»، و«قراءة الشعر»، و«فى حدود الأدب»، و«فى الخمسين عرفت طريقى»، و«بعد الخمسين» كلاهما سيرة ذاتية، ومن مترجماته «الصوت المنفرد لفرانك أوكونور»، و«تيار الوعى فى الرواية الحديثة لروبرت همفرى»، و«حاضر النقد الأدبى. أثيرت فى الندوة قضايا عدة أهمها هل لازال الشعر العربى يتبوأ مكانته كديوان العرب علاوة على علاقة الشعر بالحداثة والعولمة وزمن سطوة الرواية وما يطلق عليه بقصيدة النثر. أدار الندوة مدير المعهد د. فيصل الحفيان وأكد أن قضية الشعر العربى عامة، والتراث الشعرى خاصة قضية «ساخنة» لأن الشعر يمثل اللغة العربية بل خلاصتها، ولا يخفى ما تتعرض له العربية من تحديات فى عصرنا الحالي، وأكد د. الحفيان أن الشعر ليس صورًا وتراكيب وأوزان فقط لكنه مرآة للحضارة العربية، وأشار إلى أن معهد المخطوطات العربية طوال تاريخه مهموم بالمخطوطات والتراث العربى بوجه عام ويظل الشعر بالضرورة جزءًا محوريًا من تراثنا. وحرص د. محمود الربيعى فى بداية كلمته على التأكيد أنه فى إطار البحث عن حالة تراثنا الشعرى لا نجلد الذات وإنما نصف حالة الشعر العربى المعاصرة وننقد الممارسات الشعرية، وأشار إلى أن بداية التراث الشعرى العربى تعود إلى أكثر من 1500 عام فهو دليل حيوى على تاريخ اللغة العربية والحضارة العربية، وقدم د. الربيعى رؤيته فى دراسة الشعر العربى التى تعتمد على عدم أسر الشعر العربى فى أطر القواعد النقدية وما يعرف ب»التقعيد»، مشيرًا إلى أن الشعر بحر له ضفاف، وطالب د. محمود الربيعى بضرورة البحث عن مصطلح آخر لما يطلق عليه قصيدة النثر وشعر التفعلية لمنع الالتباس والارتباك النقدى وعدم ذوبان الشعر العربى فى طوفان الأشكال الأدبية الأخرى. وفى معرض إجابته عن السؤال ماذا بقى من تراث الشعر العربى، أوجز د. محمود الربيعى رده بالقول «إذا أردنا لا نبقى منه شيئًا، وإذا أردنا نبقيه كله» وأضاف أن الأمر يعود إلى إرادتنا الحضارية والفكرية التى تنقى الشعر العربى من الشوائب التى تعوق تدفق مسيرة الشعر العربى، ويبرز السؤال من الذى ينقى التراث الشعرى؟ يرى د. الربيعى أن المهمة يجب أن يضطلع بها من يتمتع بمقومات العلم والاكتراث بتراثنا وأن يتحلى أيضًا بالإرادة والرشد الفكرى و من يدرس التراث الشعرى فى جرأة محسوبة، وعن مستقبل الشعر العربى فى زمن العولمة وسيطرة الصورة، أوضح أن الشعر فى أصله لغة عالمية لأنه وليد للعاطفة الإنسانية شرقًا وغربًا، كما أن الشعر هو منبع التصوير، وفى ختام الندوة أعلن د. الربيعى عن مشروع ضخم يجرى حاليًا فى أروقة مجمع اللغة العربية وهو معجم لغة الشعر العربى.