أكدت الكاتبة الصحفية الفرنسية ماريون توبول أن الحياة الثقافية المصرية اختلفت تمام الاختلاف بعد الثورة، حيث تحررت من القيود، وأصبحت تتعاطي السياسة جنبًا إلي جنب مع الحياة اليومية للمصريين. وتقول ماريون التي تعيش بالقاهرة منذ أكثر من ثلاث سنوات - تصريحًا لوكالة - إن الحياة الثقافية في مصر أصبحت الآن مرتبطة بقضية ما.. فحتي في مجال الغناء أصبحت الأغنيات تتحدث عن المشكلات وعن السياسة، لا عن الحب فقط، مشيرة إلي أنها استمتعت بمعرض الصور واللوحات الذي أقيم مؤخرا في محطة مترو "السادات" عن الثورة ، حيث إنها لم تتخيل يوما أن تري ذلك في مصر. وأعربت ماريون عن تقديرها البالغ لما يقوم به الشباب المصري حاليا من رسوم علي الحوائط، وهو ما يعرف بفن "الجرافيتي"، إلا أنها تري أنه يجب وضع أطر لهذا الفن حتي لا يصبح ما يرسم خاليا من الجماليات. وأوضحت أن المصريين كانوا، قبل الثورة، يعبرون عن غضبهم وضيقهم من أوضاعهم بإهمال شوارعهم، كنوع من الثقافة، إلا أنهم بعد الثورة عادوا إلي الاهتمام بأحيائهم ومدنهم، معتبرة ذلك ظاهرة صحية. وأبدت أملها في أن تبقي الثقافة حرة دون رقابة وبعيدة عن سيطرة الدولة، كما هو الحال حاليا، مشيرة إلي أن أفلاما مثل "عمارة يعقوبيان" أو "هي فوضي" أو "حين ميسرة" قد ساهمت في تنمية وعي الجماهير بمشكلات المجتمع قبل الثورة. وتري ماريون أن أكبر فارق في مصر ما قبل 25 يناير ومصر بعد الثورة هو رغبة الناس في التعبير عن آرائهم، موضحة أنها تلمس ذلك في عملها الصحفي. فقبل الثورة، كان أغلب المصريين يخافون من التحدث عن مشكلاتهم إلي الصحفيين، بخاصة الأجانب منهم، أو يختارون ما يقولونه بدقة خشية ردود أفعال جيرانهم أو أجهزة الدولة البوليسية حين يوافقون علي التحدث، خاصة للتليفزيون. أما الأن فقد زال حاجز الخوف وأصبحوا يبحثون عن وسائل الإعلام للتعبير عن آرائهم؛ وهو تغيير كبير يقدره كل من يتعامل مع المصريين. إلا أن الصحفية الفرنسية تري أن مصر تمر حاليا بحالة قلق فكري، فبعد الثورة مباشرة كان كل الناس متفائلين، وبمرور الوقت أصبح الكثيرون يرون أن الثورة علي وشك الفشل بسبب الأوضاع الاقتصادية، ما يعني أن مصر تتغير باستمرار في هذه اللحظة. وكانت الصحفية الفرنسية قد سبق أن نشرت- بمجلة "21" الفرنسية الفصلية، في عددها الأخير- مقالا عن بدو سيناء، والتجارة عبر الأنفاق، وتهريب الأفارقة إلي اسرائيل. وعرضت الكاتبة بشكل أدبي- أقرب إلي الرواية منه إلي المقالة- قصة واقعية لأحد قاطني منطقة الحدود المصرية-الفلسطينية-الإسرائيلية، وكيف تحول من مدرس بإحدي المدارس المصرية- يحصل علي دخل شهري لا يتعدي 500 جنيه شهريا- إلي أحد مسئولي تجارة الأنفاق في المنطقة مما حقق له ثراء كبيرا. وفي سردها لهذه القصة الواقعية، تستعرض الصحفية الفرنسية، الأحوال الاجتماعية والسياسية التي يعيشها سكان هذه المنطقة، والتعسف والتخوين الذي كانوا يواجهونه، من قبل النظام المصري السابق، والذي أدي بهم إلي اللجوء إلي تجارة الأنفاق حتي يستطيعوا العيش.