محطة مار جرجس لها خصوصية وتميز مدهش، فهي تنقلك لعوالم مختلفة قادرة علي نزعك من واقعك المعيش، فكما أنها تأتي بك لمجمع الأديان، فهي أيضا تضعك علي بعد خطوات من "درب 1718"، ذلك المركز الثقافي المعاصر الذي اخترق مصر القديمة ليقدم أنماطا مختلفة من الفنون والثقافة التي لم يعتدها أهل المنطقة كما لم يعتد المتلقي القدوم لهذه المنطقة، السبت الماضي كان افتتاح أحد هذه المشاريع الثقافية الفنية وهو "عبر عن نفسك" عنوان ورشة الرسوم الإيضاحيةillustrations التي نسقتها الفنانة وئام المصري بين "الدرب" ومؤسسة بروهلفستيا السويسرية، لتقوم بالتدريب الفنانة السويسرية جويل فلومي. فكان من المهم لفت النظر لها هنا في مصر كأحد فروع الفنون البصرية، والتي تظلمها النظرة القاصرة علي أنها فن استهلاكي، ربما تكون ورشة "عبر عن نفسك" استطاعت من خلال معرض المنتج التجريبي الأخير للورشة والمعروض حاليا بدرب 1718، تغيير الفكرة المسبقة نظرا لمشاركة 22 فنان مختلفي الاتجاهات مابين الجرافيك والتصميم والتصوير الذين أرادوا مزيدا من التعبير عن أنفسهم. بمناقشة الفنانين حول صدي المشاركة بهذه الورشة، تشابهت الآراء بل وقد تكون قد اجتمعت في عدة نقاط وكان أولها تساؤلهم عن الهدف من أعمالهم الفنية ولمن ستوجه، أيضا طريقة تجهيز الأعمال للعرض والمساحة المناسبة للأعمال، لكنهم تخطوا كل هذه الأسئلة واهتموا أكثر بالتعبير عن أنفسهم فقط. في مدخل العرض نطالع كتاب ممدوح القصيفي المشارك بالحركة التشكيلية منذ 1991، أصر في كل صفحاته أن يتمرد علي كل ما يحيطه من جدران، في نصوصه التي دونها ورسوماته المائية لشخوصه الهلامية التي تسعي للفكاك والهروب من الأسر. تطالعنا علي اليمين نهي رضوان التي مثلت مصر في برلين 2008 وكانت طالبة بالسنة النهائية بالفنون التطبيقية، رسمت أنصاف شخوص في أربعة أوضاع مختلفة وكل منهم برأسه نتوء كبير يحقق له الاتزان رغم المتجهات المتغيرة، وهو ما يشعر المتلقي فيما بعد بحالة الاستقرار الداخلي رغم تنوع الأشكال والكتل. محمد شكري اهتم بتيمة "كنتاكي" التي كانت مثار ضحك المتظاهرين في ميدان التحرير، ليقدم وجه كنتاكي الشهير وضحكته البسيطة التي اعتبرها شكري ضحكة من كنتاكي علي سذاجة من اتهموا المتظاهرين بالتآمر مع الخارج. بينما تأتي ريم نعيم التي تعمل كمصمم جرافيك حرة منذ 2004، من خلال أعمالها حاولت التعبير عن ثورات العرب لكن بشكل مستوحي من ثورة "25يناير" ، عن ذلك تقول: " لقد تأثرت كثيرا بتلك الأيام العظيمة وشعرت بأنني كعربية الآن فخورة بنفسي، ورأيت أن العالم الآن عرف قيمة العرب والمصريين، بأنهم شعوب أرادت استرجاع كرامتها"، من أهم ملاحظاتها في تلك الفترة كان جرأة وشجاعة مشاركة الفتاة المصرية في الثورة، وهو ما اهتمت به نعيم في أعمالها. اقتحمت أعمال عمرو عكاشة الرصاصية أعمال المعرض، لما فيها من حيوية ناطقة بنبض الشارع وتحركاته المختلفة للشباب، فلقد تصدرت لوحته الملونة جدارة الذي يشعر المتلقي أنه قد دخل الغرفة الخاصة لعكاشة، ومن حولها ألصقت اسكتشاته المتنوعة مابين المنتهية المكتملة وما بين التخطيط السريع "الكروكي" التي لحقت بلحظة معينة.