رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    سعر الذهب الآن وعيار 21 بداية تعاملات اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    وزير التموين: المنطقة اللوجستية بالدقهلية تقام بتكلفة 2.4 مليار جنيه وتوفر 20 ألف فرصة عمل.. ويؤكد: مخزون القمح يكفى لأكثر من 6 شهور ونصف.. وسوق اليوم الواحد يُعد نموذجًا فعالًا لتقريب الخدمة من المواطنين    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 4 يونيو 2025    كامل الوزير يرد على منتقدي المونوريل: ليس في الصحراء.. وتذكرته 50% من تكلفة بنزين سيارتك    طفاطف جديدة وخطوط سير في رأس البرّ خلال عيد الأضحى بدمياط    "تنمية المشروعات" يواصل دعم الإسكندرية: تفقد مشروعات بنية أساسية وتوقيع عقد تمويل ب30 مليون جنيه    أول رد من الخارجية السورية على القصف الإسرائيلي الجديد    كندا تخطط لإزالة الرسوم الجمركية الصينية على منتجاتها الزراعية    رئيس جامعة أسيوط: الطبيب على سيد كان مخلصا فى خدمة المرضى ومحبوبا بين زملائه    الأمم المتحدة ترد على هجمات إيلون ماسك    2443 حاجًا من 100 دولة يصلون إلى مكة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج    مصطفى بكري: مسؤول كبير سيخلف أبو الغيط في قيادة الجامعة العربية قريبا    نجم الزمالك السابق يشدد على أهمية اللاعبين الكبار في نهائي كأس مصر    ريبيرو يضع خطة الأهلي: لا يوجد لاعب "ضامن" المشاركة.. والمنافسة هي الأساس    الهلال يسعى للتعاقد مع نجم الاتحاد (تفاصيل)    «شعار الأهلي لا يرفع إلا بالذهب».. رسالة وعد من تريزيجيه ل جماهير الأحمر    إنفانتينو يهنئ بيراميدز بالتتويج بدوري الأبطال ويؤكد مشاركته في مونديال الأندية 2029    موعد مباريات اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025.. إنفوجراف    الزمالك: رفع إيقاف القيد بعد سداد مستحقات ياسر حمد    رغم الظروف الصحية.. حسين لبيب يقدم العزاء في والدة «الجنايني»    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    «الطقس× أسبوع».. «مائل إلى شديد» الحرارة و«الأرصاد» تحذر من اضطراب الملاحة والرياح المثيرة (طقس العيد)    إصابة 11 شخصًا في حادث انقلاب ميكروباص بالمنيا    إصابة عامل كشري بجرح ذبحي في مشاجرة داخل المحل بالفيوم    حريق محدود بشقة سكنية بطهطا دون إصابات    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالمنوفية    اقتداءً بسنة النبي.. انطلاق تفويج حجاج دول العالم الإسلامي إلى منى لقضاء يوم التروية    تغييرات جوهرية.. توقعات برج الحمل اليوم 4 يونيو    ضيف مع خبر غير سار.. برج الجدي اليوم 4 يونيو    احترس من المبالغة في التفاعل المهني.. حظ برج القوس اليوم 4 يونيو    بعد العيد... بدء التشغيل الليلي ل«مطعم خوفو» داخل منطقة أهرامات الجيزة    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    دعاء يوم التروية مكتوب.. 10 أدعية مستجابة للحجاج وغير الحجاج لزيادة الرزق وتفريج الكروب    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    محافظ الإسكندرية يشدد على إزالة الإشغالات الحاجبة لرؤية البحر وتجهيز الشواطئ لعيد الأضحى    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    أوربان: انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي «صفقة خاسرة» ستستنزف اقتصاد أوروبا    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    «قبل ساعات من العيد».. الضأني والماعز يتصدران أسواق الأضاحي بالمنيا عام 2025    لتقديم التهنئة والمشاركة في صكوك الأضاحي: وزير الأوقاف يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية والوفد المرافق له.. صور    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الدقهلية: 1161 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    الأزهر للفتوى: الأضحية من الشاة تجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا    فرص عمل للمصريين بالأردن براتب يصل إلى 350 دينار.. اعرف التفاصيل    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفخرانى يودع ثياب الملوك ويرتدى ملابس الشحاتين فى «ليلة من ألف ليلة»

ارتبط ظهور النجم يحيى الفخرانى، وتواجده على خشبة المسرح بمسرحية «الملك لير» لسنوات طويلة، والتى شهدت إقبالا جماهيريا غير مسبوق، منذ عرضها الأول على المسرح القومى، ثم انتقالها فى الإعادة للمرة الثالثة، على خشبة مسرح ميامى، وحقق الفخرانى نجاحا كبيرا، بأدائه لشخصية « لير»، ومن شدة اندماجه وتوحده مع الشخصية، طبعت صورة «الملك لير» لوليم شكسبير الإنجليزى، فى أذهان الجميع بهيئة يحيى الفخرانى، الممثل المصرى الأصيل، وكأنها شخصية حية وحقيقية.
وكعادته فى البحث عن كل ما هو مختلف، ومثير للدهشة يعود الفخرانى على القومى بمسرحية جديدة، ورغم أنه يعلم جيدا صعوبة استيعابه، فى عمل مسرحى آخر بعد «لير» نظرا لتكرار إعادتها، إلا أنه قرر أن يخوض التجربة فى «ليلة من ألف ليلة» مع بيرم التونسى، وهنا تشاهده للمرة الثانية، وعلى نفس خشبة المسرح، بعد خلع ثياب الملك، مرتديا ثياب «الشحاتين»، فى شخصية شحاتة المتسول المحتال، فلم يكتف الفخرانى بإجادة التلون، فى أدائه بأعماله التليفزيونية، بل استطاع تحقيق نفس مستوى الكفاءة والعمق بأدائه الرشيق والبسيط، فى تناول هذه الشخصية الكوميدية الماكرة، ففى قالب كوميدى موسيقى غنائى واستعراضى، ومن خلال حوار ممتع عذب، كتبه الراحل بيرم التونسى منذ سنوات طويلة، قدم لنا الفخرانى عملا مسرحيا ضخما نفتقد لمثله اليوم، فلم نشاهد على مدار السنوات الماضية، عملا مسرحيا محكم الصنع، كما تحقق فى « ليلة من ألف ليلة»، على يد أبطاله ومخرجه محسن حلمى.
وعلى الرغم من الانتقادات التى قد يوجهها البعض، للمسرحية متسائلين، عن المنطق فى اختيار أوبريت عتيق، كتبه التونسى منذ 80 عاما، لتحقيق غرض سياسى معين وقتها، لذلك لابد هنا أن نتوقف ونتأمل المنطق فى الاختيار، فمن المؤكد أن هذا العمل منزه عن أى أغراض سياسية، تخص الواقع الحالى، وبالتالى لن يبقى أمامنا سوى الغرض الفنى البحت، فهذا الأوبريت الغنائى الممتع، يعتبر تحفة فنية سواء على مستوى الكتابة المسرحية أو المقاطع المغناة، كما أنه كشف مدى التراجع، فى فن الكتابة المغناة، بحرفة وعمق، فعندما تتأمل عرضا مثل «ليلة من ألف ليلة»، ستدرك أننا نعيش فى حالة من التحجر الفكرى والفنى، فى احتراف الكتابة المسرحية الشعرية، وبالتالى عند تقييم عمل بهذه القيمة، لابد من تجاوز التقييم الزمنى له، لأنه يضعك دون أن تدرى، فى حالة من التأمل والتفكير، فى وضع الحركة المسرحية الحالية، خاصة فى كتابة هذا النوع من الدراما، التى من الأجدر ألا نخرج عن حدود، التقييم الفنى لها، لأن هذه النوعية من الأعمال تحتاج إلى موهبة حقيقية، صادقة، محبة وعاشقة، بقدر احتياجها إلى إمكانيات مادية وميزانيات ضخمة.
وكان هذا هو حال الراحل بيرم التونسى والموسيقار أحمد صدقى، أثناء صناعتهم للأوبريت، فعندما تستمع إلى الكلمات والحوار المكتوب، تشعر بمدى صدق وحب صناع هذا العمل له، فهو مزيج ممتع بين الغناء والدراما، نسجها بيرم فى حدوتة بسيطة، تصلح لكل العصور ولكل الأعمار، ومن منطق الحب والفن اختار الفخرانى تقديم هذا العرض، على خشبة القومى اليوم، وكأنه أراد أن يعيد احياءه، بمسرحية محكمة فنيا، على كل المستويات سواء الممثلين، والذى تقاسم معهم البطولة، فالجميع اتحد لتقديم لوحة فنية جميلة، غير متكررة كثيرا، كما كان لافتا عدم استحواذ نجم العرض، على العمل من بدايته وحتى نهايته، فلم يكن الفخرانى حاضرا طوال العرض، بل يظهر فى مشاهد، ويختفى فى أخرى، وكأنه عمل جماعى، شاركه فى بطولته، كل من هبة مجدى ومحمد محسن وسلمى غريب وضياء عبد الخالق ومى حمدى وخالد جمال وهشام الشربينى وعماد العروسى وحسام الشربينى، وكذلك الفنان لطفى لبيب الذى لم يتعد ظهوره سوى ثلاثة أو أربعة مشاهد بالمسرحية، فبرغم أن عدد الفنانين المشاركين فى العرض ضخم، إلا أنك لا تشعر بهذا العدد الكبير، إلى جانب تصميم الأزياء ل«نعمية عجمي»، والذى كان من أكثر عناصر العرض ظهورا، فاستطاعت عجمى أن تخطف عيون الجمهور، بأزيائها المتقنة الصنع كعادتها دائما، وكذلك ديكور العرض لمحمد الغرباوى والاستعراضات، فلم يغفل المخرج محسن حلمى، ولم يتغاض عن أى تفصيلة ولو كانت صغيرة، بهذا العمل المسرحى المميز، الذى أعاد للمسرح هيبته ووقاره من جديد.
من المعروف أن أوبريت «ليلة من ألف ليلة»، سبق وأن قدمه الفنان يحيى الفخرانى عام 1994، على خشبة مسرح الجمهورية مع المخرج محسن حلمى وبطولة أنغام وعلى الحجار، كما قدمه عزيز عيد وفاطمة رشدى فى الخمسينيات، ثم أعيد تقديمه عام 1974، ولعب بطولته وقتها الفنان كارم محمود لكن نظرا لإصابته بوعكة صحية، قدمه الفنان على الحجار بدلا منه، وبالتالى تعتبر هذه هى المرة الرابعة، التى يعاد فيها تقديم عرض «ليلة من ألف ليلة».
كتب بيرم التونسى «ليلة من ألف ليلة»، عندما قابله عزيز عيد فى فرنسا وطلب منه، أن يكتب له مسرحية مقتبسة، من نص أجنبى وسيمنحه 20 جنيها، وبالفعل وجد بيرم النص الأجنبى وهو «لو كنت ملكا»، واقتبس منه أحداث مسرحية «ليلة من ألف ليلة»، وقدم عزيز عيد الأوبريت فى القاهرة، ونجح نجاحا كبيرا، ثم طلب بعدها من بيرم التونسى، أن يتفرغ للكتابة له ولفرقته المسرحية وسوف يستمر فى إرسال النقود له دون انقطاع.
من المعروف أنه كان قد صدر قرار، بنفى الراحل بيرم التونسى عام 1920، وعودته إلى بلدة أجداده تونس، وكان سبب الإبعاد غضب الملك فؤاد وقتها عليه، بسبب قصيدته «البامية الملوكى والقرع السلطاني»، لكن الإدارة التونسية ظلت تضعه تحت المراقبة منذ وصوله، فقد أشيع عنه وقتها، أنه أحد الثائرين فى مصر ضد إنجلترا، وبالتالى لم يستطع ممارسة أى نشاط صحفى أو سياسى طوال فترة إقامته هناك، لذلك بدأ فى البحث عن الأعمال التى تحتاج إلى قوة بدنية، وعمل فى بعض المحلات التجارية، لكن نظرا لأن البوليس فى تونس، أفرط فى تضييق الخناق عليه، قرر المغادرة إلى فرنسا، وما أن وصل ميناء مرسيليا، حتى انتقل إلى باريس التى شعر فيها، بقسوة الغربة ولسعة البرد الشديد، والتحق هناك بأحد مصانع الحديد والصلب، لكنه تركه بعد أن تعرض لحادث سقوط حديدة على فخذه، ولم يستطع الحصول بعدها على عمل بسهولة، وواجه أزمة فى تقليص عدد وجباته اليومية، حتى أصبحت وجبة واحدة، بسبب شدة تأزم وضعه المالى بفرنسا، وبعد فشله فى العودة إلى مصر من جديد وإصرار السلطات على طرده، عاد إلى فرنسا للمرة الثانية، وعمل شيالا لصناديق البيرة وحقائب المسافرين!!
لكن رغم هذه المعاناة النفسية والبدنية، التى تعرض لها بيرم التونسى طوال حياته، وحتى وفاته عام 1961، إلا أنه كتب أوبريت «ليلة من ألف ليلة»، بهذا الشكل الممتع والمبهج، وغيره الكثير من الأعمال مثل منولوجاته «هاتجنن ياريت يا اخونا مارحتش لندن ولا روحت باريس»، «يا أهل المغنى دماغنا وجعنا»، «يا حلاوة الدنيا يا حلاوة»، «ياللى تحب الفن وغاوى»، وأوبريت «شهر زاد»، و«عزيزة ويونس»، و«سيرة الظاهر بيبرس»، وأوبريت «يوم القيامة»، و«حكايات السيرة الهلالية»، ومن أشهر أقواله.. «الأغنية مدرسة، تستطيع أن تعطينا قيما سليمة، أو تدس لنا سموما خبيثة، فهى أخطر أداة للنشر فى هذا العصر، والمحزن أنه لا أحد يدرك أو يقدر خطر الأغنية على الناس، لا المؤلف ولا الملحن ولا المطرب»!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.