تفاصيل مكالمة الاستغاثة فى كارثة الوراق

عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساء بينما يتجمع أكثر من 20 شخصًا وسط الزغاريد يستعدون لاستقلال مركب بالنيل احتفالا بحفل زفاف شاب من الوراق بينما تقف فتاة تدعى عبير تشترط على مالك المركب وجود «دى جى» للاحتفال فيبتسم مالك المركب ويقوم بتشغيل ال«دى جى» لإثبات الحالة ويبتسم الجميع ويبدأ المركب فى التحرك فى حدود التاسعة والنصف مساء بعد عدة مشاحنات لتخفيض السعر.
وسط الأغانى الشعبية يتراقص الجميع ويصفق الأطفال وتبدأ الرحلة النيلية وبعد نصف ساعة سيرًا وسط النهر وفى الظلام يسمع الجميع صوت ارتطام قوى يشبه الانفجار وينشطر جزء كبير من المركب وسط صراخ الجميع بما فيهم الاطفال وقتها سقط طفل يدعى محمد 4 سنوات فى المياه وحاول البعض إنقاذه ولكنهم فشلوا نتيجة الظلام الدامس فى النيل وانعدام الرؤية لانقطاع الإضاءة.
لحظات ويبدأ تساقط الجميع وغرق واحد تلو الآخر وكان أعلى صوت من ضحايا المركب صراخًا هى عبير عبدالحميد قبل أن تسقط بالماء ولكن باءت جميع محاولاتها بالفشل بسبب بعد المسافة عن «البر» ولكنها تمسك بهاتفها المحمول وتتصل بشخص يدعى محمد وتستغيث فى وقت قصير وتطلب منه المساعدة وهى تصرخ «الناس بتموت يا محمد» ألحقنا إحنا فى النيل بنغرق ولم تمر دقيقتان وهو معها على الهاتف يطلب منها أن تصف له المكان ولكنها تنظر حولها ولم تنطق بكلمة بسبب الظلام الدامس ثم تسقط فى المياه وتحاول السباحة ولكن لم تستطيع وتغرق مثل جيرانها بينما تحاول مجموعة أخرى تجيد السباحة أن تنقذ بعض الأطفال من الغرق يقوم محمد أحد اقارب «عبير» بالاتصال بشرطة النجدة وبعض اقاربه ليخبرهم بالأمر وبالفعل تجيبه شرطة النجدة ويقدم لها البلاغ ويتم اخطار اللواء طارق نصر مساعد الوزير لأمن الجيزة بالبلاغ ويتم التصعيد إلى وزير الداخلية وبعض المسئولين فى الحكومة.
دقائق معدودة ويتجمع اقارب الضحايا ويتجهون إلى منطقة المراكب للبحث عن الضحايا ولكن أصحاب المراكب يفر بعضهم خوفا من الأهالى ويتبرع رجل يتعدى ال50 من عمره برحلة البحث وبالفعل يصل بعض الأهالى وسط مشاحنات ومشاجرات ويبدأون رحلة البحث ولكن الظلام الدامس وغرق المركب يحول دون ذلك ودقائق معدودة أتت فرق الإنقاذ النهرى ولنشات المسطحات المائية وبدأوا فى البحث وسط كشافات إنارة قوية ويتمكنون من إنقاذ 3 اشخاص.
«وصول قيادات الداخلية والأهالى»
وصل اللواء طارق نصر مساعد الوزير لأمن الجيزة واللواء محمود فاروق مدير الادارة العامة للمباحث وسط حراسة أمنية وتم فرض كردون أمنى ومتابعة حالات الانتشال والإنقاذ وبعد ساعتين من البحث يتم اتخاذ قرار باستكمال عمليات البحث مع اول ضوء لنهار اليوم الثانى ووسط غضب الاهالى ومحاولة البعض نزول الماء والبحث بنفسه بزعم انه يجيد السباحة ولكن حنكة اللواء طارق نصر وهدوءه تجعله يسيطر على الموقف، رفعت وزارة الموارد المائية والرى حالة الطوارئ بإلغاء إجازات مهندسى حماية النيل بالقاهرة الكبرى لحين الانتهاء من أعمال انتشال مركب الوراق الغارق.
وفور علمه بحادث مركب الوراق الغارق، وجه الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى من الخرطوم حيث يشارك فى اجتماعات اللجنة الثلاثية لأعمال سد النهضة بتسخير كل إمكانيات ومعدات قطاع حماية النيل لمعاونة حملة الإنقاذ لانتشال المركب، والدفع بموقع الحادث بعدد 2 حفار عائم على صندل لانتشال المركب.
بينما الأهالى تفترش الارض وترفض مغادرة المكان وبالفعل تأتى المعدات ويتم انتشال المركب والجثث وسط صراخ الأهل والأقارب والجيران.
«تجمهر الاهالى وقطع الطريق»
بعض عائلات الضحايا يتجمهرون أمام رئاسة حى الوارق ويقطعون طريق الكورنيش اعتراضا على الحادث الأليم وتتدخل مباحث الوارق وتستطيع اقناعهم بفتح الطريق واخبارهم انه تم القبض على سائق الصندل ومساعده ويتم التحقيق معهما فى النيابة العامة وان جثث الضحايا فى مستشفى امبابة العام وبعض المستشفيات فينتقل الأهالى إلى هناك وسط الدموع.
« كوارث المراكب»
رصدت «روزاليوسف» المراكب النيلية غير المرخصة والتى تعتبر ملجأ للفقراء لاقامة حفلات الزفاف بسعر زهيد يشمل الحلويات والمشروبات فيكفى لعائلة أن تقيم حفل زفاف ب3 آلاف جنيه شاملة المأكولات والمشروبات وهو سعر زهيد جدا، وفى التحرير أمام مبنى ماسبيرو يتمركز اكثر من 15 مركبًا مزينًا بالأضواء وسماعات «الدى.. جى» يستعدون لرحلات حفل الزفاف بدون توافر ادنى وسائل «الانقاذ» وبدون تصريح من الجهات المختصة ويعمل عليها ايضا بعض «الصبية» الذى لم يتجاوز عمرهم 18 عامًا.
وامام مستشفى معهد ناصر تجد اكثر من 10 مراكب ايضا تمتلئ بالمواطنين وتجد هذه المراكب مزينة بالكامل بالاضاءة، ايضا وعدد اكبر من السماعات وتجدها تبحر وسط الظلام بدون ادنى وسائل الامان والانقاذ فى غياب تام لرقابة الحكومة.
وفى شارع البحر الاعظم تجد بعض المراكب النيليه تنتظر « العشاق» من الشباب البنات لتأجيرها وارتكاب بعض الافعال الفاضحة وسط غياب الرقابة.
«جنازة مهيبة للضحايا»
خرجت جثامين الضحايا من المستشفيات وسط البكاء والعويل وحضور بعض قيادات الأمن ومباحث قسم شرطة الوراق لتقديم واجب العزاء وبدأت سيارات نقل الموتى فى حمل كل جثمان على حدة تمهيدًا لدفنهم فى مقابر كل عائلة.
فيما قررت غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى مضاعفة قيمة المساعدات إلإنسانية العاجلة لضحايا حادث غرق مركب بالوراق بواقع عشرة آلاف جنيه لأسرة المتوفى وألفين جنيه لكل مصاب ووجهت الوزيرة مدير مديرية التضامن الاجتماعى بالجيزة ومسئولى الإغاثة بسرعة التوجه لمكان وقوع الحادث فور حدوثه وحصر أعداد الضحايا من المصابين والمتوفين ووضع جميع الإمكانيات بالمديرية لصالح المنكوبين وأسرهم فى محاولة لإعادة التوازن لحياتهم الطبيعية ومساعدتهم على تجاوز الآثار الناجمة عن الحادث.
كما قرر الدكتور خالد زكريا العادلى محافظ الجيزة صرف مبلغ20 ألف جنيه لاسرة كل متوفى فى حادث غرق مركب الوراق ومبلغ 5 آلاف جنيه للمصاب.
وأكد الدكتور العادلى محافظ الجيزه أنه سيتم اتخاذ إجراءات مشددة حيال مراكز النزهة النيلية المخالفة للحمولة القانونية والطاقة الاستيعابية لها وذلك بالتنسيق مع أجهزة وزارة الرى والمسطحات المائية ووزارة النقل ومديرية أمن الجيزة ونائب المحافظ والسكرتير العام ووكيل وزارة الصحة ورئيس حى الوراق ورئيس الهيئة العامة للنظافة والتجميل ورئيس جهاز المتابعة الميدانية.
كما كلف المهندس هانى ضاحى وزير النقل رئيس هيئة النقل النهرى بوضع خطة عاجلة للتفتيش على جميع الوحدات النهرية والتأكد من سلامتها فنيا والتحقق من بقائها على حالتها الفنية وقت السماح لها بالحصول على الرخصة.
وقال اللواء سمير سلامة رئيس الهيئة العامة للنقل النهرى فى تصريح خاص إنه يتم تشكيل لجان لتبدأ المراجعة والتفتيش على جميع الوحدات النهرية لنقل الافراد والبضائع فنيا موضحًا أنه يتم تجديد الترخيص كل عامين لوحدات نقل الافراد وكل 3 سنوات لنقل البضائع.
وقد أمر المستشار أحمد البقلى المحامى العام الأول لنيابات شمال الجيزة الكلية بحبس سائق الصندل ومساعدية لمدة 4 أيام احتياطيًا