مجازفة فنية، قرر أن يخوضها الفنان يوسف إسماعيل مدير المسرح القومى، بمعاونة أبطال عرض «ليلة من ألف ليلة» التى سيعيد بها افتتاح واستلام القومى من جديد، بعد إغلاقه لاستكمال اجراءات الدفاع المدنى، وذلك فى النصف الثانى من شهر رمضان، وبالرغم من أن بعض العروض المسرحية تمت إعادتها خلال نفس الشهر. إلا أنه لم يتم افتتاح عرض بهذا الحجم خلال رمضان، خوفا من عزوف الجمهور، الذى ينجذب عادة للأعمال التليفزيونية، أكثر من المسرح فلم يعتد الجمهور المصرى، على مشاهدة عروض مسرحية ضخمة، خلال الشهر الكريم، لكن مدير القومى قال فى تصريحات خاصة، عن افتتاح العرض، وقضايا كثيرة تتعلق بالقومى فى هذا الحوار: ■ ألم تقلق من قرار افتتاح عرض بهذا الحجم خلال شهر رمضان؟ - لم نقلق من افتتاح العرض خلال رمضان، لكنها مجازفة بالتأكيد، وأعتقد اننا دائما لدينا حس فنى، ونستطيع جيدا تقدير علاقة الجمهور، بالمسرح القومى على وجه التحديد، لأنه كانت هناك عروض مسرحية، فى رمضان منذ سنوات قبل إغلاق المسرح، وكانت تلقى إقبالا جماهيريا كبيرا، وكانت أعمال شعرية أيضا، حيث سبق وقدمنا عرض «حى على بلدنا» للمخرج أحمد إسماعيل وتأليف للشاعر فؤاد حداد وبطولة محمود حميدة وشاركت بالتمثيل فيه، وكان عرضا يشبه الأمسية الشعرية، ولقى وقتها اقبالا كبيرا، وفى العام التالى قدمنا عرض «بالأحضان» لصلاح جاهين، بطولة ممدوح عبدالعليم وشاركت بالتمثيل فيه أيضا، و«ليلة من ألف ليلة» يحمل نفس التيمة الفنية، التى قدمت بها هذه الأعمال، فهى ليست عروضا كلاسيكية بالمعنى المسرحى أو المدرسى، بل هى عروض فرجة شعبية، وسهرة حميمية مع الجمهور، كما أن العمل تأليف الراحل بيرم التونسى، وبطولة الفخرانى الذى نراهن على نجوميته بالتأكيد، والرواية بها حالة من الفانتازيا والخيال والمتعة الفنية، لأنه أوبريت متكامل، والحوار الدرامى فيه قائم على الشعر، فليست هناك حوارات تمثيلية طويلة، بل معظمها حوارات مغناة، وهذه اللغة الشعرية تحقق حالة من المتعة الخاصة للمتفرج، فالعرض جرعة فنية راقية، يشارك فيها مجموعة من الفنانين المهمين، مثل الفنان لطفى لبيب ومحمد محسن وهبة مجدى، التى ستكون مفاجأة العرض كمطربة وممثلة فى نفس الوقت، وضياء عبد الخالق وسلمى غريب وإخراج محسن حلمى، الذى يعيد إخراج هذا العمل للمرة الثانية. ■ إذن فهذا العمل يعتبر من ريبرتوار المسرح القومى؟ - هذا العرض سبق وأن قدم عام 1994، على خشبة مسرح الجمهورية، وكان إخراج محسن حلمى، وقدمه الفنان يحيى الفخرانى بمشاركة على الحجار وأنغام، كما أن هذه ليست المرة الثانية التى يعاد فيها أوبريت «ليلة من ألف ليلة»، ولكنها تعتبر المرة الرابعة، التى يعاد فيها إنتاج نفس العرض، فقدم فى الخمسينينات وكان بطولة عزيز عيد وفاطمة رشدى، ثم أعيد مرة أخرى عام 1974 على مسرح محمد فريد، وكان بطولة كارم محمود ثم لعب دوره الفنان على الحجار، نظرا لإصابة كارم محمود وقتها بوعكة صحية. ■ فى رأيك كيف يتم ترسيخ ثقافة مشاهدة عروض مسرح فى رمضان؟ - هذه المشكلة ليست قديمة، لكن الأصل أنه كان يوجد دائما عروض مسرحية فى رمضان، وهذه الظاهرة، كانت مستمرة حتى أواخر التسعينيات فى القاهرة والأقاليم، حتى أن النشاط الرئيسى لمسرح الثقافة الجماهيرية، كان يعقد طوال شهر رمضان، فى جنينة الخالدين بالحسين، كانت الثقافية الجماهيرية، تقدم جنينة فنية بمسرح كبير، يقدم عليه النجوم أعمالهم، وكانت وزارة الثقافة بكل قطاعتها تعمل بحالة نشاط مكثفة، فى رمضان وتقدم نشاطا متنوعا مختلفا، لكن حتى نهاية التسعينيات، بدأت تنخفض هذه الأنشطة، لأن الدولة بدأت تسحب يدها من دعم الثقافة، بشكل عام خاصة خلال هذا الشهر، وبالتالى توقفت العروض، لكننا اليوم نريد أن يعود، الجمهور ونعيد هذه الحالة من جديد، لأن الناس عادة تستجيب لحضور الفعاليات الفنية والسهرات فى رمضان، والعرض سوف يتم افتتاحه فى النصف الثانى من الشهر ويستمر حتى عيد الأضحى المبارك طوال الموسم الصيفى لأنه عرض ضخم ومهم. ■ خلال الفترة الماضية، حدثت أزمة وأغلق المسرح، لاستكمال إجراءات الدفاع المدنى، فهل سيتم استلام المسرح بشكل كامل يوم افتتاح العرض؟ - كانت هناك مشاكل بالفعل، ولم يحدث استلام ابتدائى للقومى خلال افتتاحه فى ديسمبر الماضى، لذلك بعد قرار الحماية المدنية، تم إغلاق النشاط الفنى للمسرح، وتوقف عرض «وبحلم يا مصر»، وبدأنا خلال هذه الفترة، فى استكمال الأشياء التى قد تعوق الاستلام، حيث بدأت اللجان الفنية، لجنة العمارة، ولجنة الإنشاء، والإطفاء، والحماية المدنية، والكهرباء، كل هذه عبارة عن مكاتب استشارية، تقدم دراسة للشركة وتكتب ملاحظتها على المسرح، والشركة تقوم بتنفيذ هذه الملاحظات، ثم يتم استلام المسرح بشكل ابتدائى، وإذا كانت هناك أى ملاحظات جديدة، هناك اتفاق مع الشركة، أن تقوم بتنفيذ هذه الملاحظات فى خلال شهر، لكنها بالطبع لن تعوق العمل الفنى داخل المسرح، وما يتبقى مجرد أشياء بسيطة، خاصة بالمراقبة وزيادة التأمين، وخلال هذا الأسبوع سيتم الانتهاء، من إقامة السور الذى سبق وطلبته الحماية المدنية. ■ وماذا عن أزمة حصول الشركة على مستحقاتها المالية؟ - الشركة بالفعل حصلت، على جزء من هذه المستحقات، وبناء على ذلك، سيتم عمل اجراءات التسليم الابتدائى، لاستلام المسرح أما المستخلص الختامى الخاص بالشركة، فسيتم حله قريبا مع استلام المسرح نهائيا. ■ كيف ترى ما يشاع دائما أن هناك حالة فساد مالى تخص القومى وهو ما تسبب فى تعطيل استلامه طوال هذه الفترة؟ - مصر عادة تتمتع بجهاز بيروقراطى عتيق، وتأخير الأوراق شىء وارد، لكن فى رأيى إذا كانت هناك أزمة فساد، حقيقية فلماذا لم تظهر حتى الآن؟! فليس هناك سوء نية فى الموضوع على الإطلاق، وهناك استشاريون هندسيون موجودون، لا يتركون أى تفصيلة تخص المسرح ويدرسون كل شيء بدقة وعناية شديدة. ■ هل تسبب هذا اللغط فى تعطيل النشاط الفنى للمسرح؟ - بالطبع تعطلت الخطة الفنية، والإنتاج الفنى فترة طويلة، وإذا كان تم حل اشياء بعينها، أعتقد أننا كنا من الممكن أن ننجز، فى العمل الفنى بشكل أكبر، لكن فى النهاية هذه معوقات، لا أمتلك حلها بسهولة. ■ بعد افتتاح القومى تم تأسيس مجلس الأمناء واعترض البعض عليه، وقيل إنه سيكون عائقا لعمل مدير المسرح، ما رأيك؟ - اعتبر نفسى محظوظا، بوجود مجلس أمناء للقومى، ورأيى عكس كل الآراء، التى تقول بأن مجلس الأمناء يعيق عمل المدير، خاصة أن هذا المجلس، يضم اسماء كبيرة عملت، وأدارت المسرح القومى، فى وقت من الأوقات، مثل الفنانة الكبيرة سميحة أيوب والفنان محمود الحدينى والراحل محمد وفيق وعبد الرحمن أبو زهرة وعصام السيد وخالد جلال طارق الدويرى ومازن الغرباوى، لذلك أعتبر نفسى محظوظا، بالتواجد بينهم ومعاونتهم، وهذا شكل محترم، لإدارة المسرح القومى أو الأماكن المهمة بشكل عام، إلى جانب أن القرارات الإدراية بالكامل يتحملها المدير بمفرده، بينما يشترك المجلس فى وضع الخطة الفنية للمكان. ■ لكن هل من السهل إدارة مكان فنيا بوجهات نظر متعددة؟ - تعدد وجهات النظر، يأتى دائما مع تعارض المصالح الشخصية، لذلك قرر أعضاء المجلس من اليوم الأول، أنه من الشفافية ألا يقوم بالإخراج أو التمثيل أحد الأعضاء، على القومى، حتى لا تكون قرارات المجلس لصالح أى شخص من الموجودين لذلك لن تكون هناك اختلافات، والخلاف فى وجهات النظر، شىء وارد، وهؤلاء الأشخاص لديهم قدر كبير من الثقافة والقدرة على التحاور والإقناع حتى نصل جميعا إلى صيغة نهائية متفق عليها فى إدارة المكان. ■ ما هى الصيغة العامة التى تم الاتفاق عليها فى إدارة المسرح القومى؟ - نحن نتعامل مع المسرح القومى على وجه التحديد، على أن له دور رئيسى فى الحفاظ على الهوية والشخصية الثقافية المصرية، لذلك فكرنا فى تقسيم المسرح إلى شعبيتن، فلدينا شعبة للعروض الكلاسيكية، وأخرى للريبرتوار التى تعيد الأعمال الناجحة التى تم انتاجها على القومى، وهى أعمال لها قيمة فنية وثقافية، لأنها تحمل قيمة فنية كبيرة، حتى يرى الأجيال التراث الثقافى الذى نملكه ولدينا تراث ثرى وعالمى لذلك اتقفنا على إعادة بعض هذه العروض، منها عرض «ليلة من ألف ليلة»، أما الأعمال الكلاسيكية، فمنها الأعمال العالمية مثل أعمال شكسبير وموليير، وأعمال الكتاب الكبار مثل سعد الدين وهبة، ويوسف إدريس ونعمان عاشور وألفريد فرج، وفى نفس الوقت سيقوم المسرح باكتشاف مؤلفين جدد أو مخرجين كعهده دائما، لذلك حرصنا، على أن يكون هناك مؤلفون ومخرجون شباب، منهم أحمد الرافعى وسيقدم عرض «جنة الحشاشين» تأليف إبراهيم الحسينى، وسيتم انتاجه على مسرح صغير مثل ميامى، لكن بنفس أهداف وتوجهات القومى، وكذلك إسلام إمام سيقدم عرض «قضية أنوف» وهو نص إسبانى يتناول فكرة العلاقة بالآخر، ومن عروض الريبرتوار، سنقدم عرض «بير السلم» تأليف سعد الدين وهبة وإخراج سمير العصفورى، ثم «ساحرات سالم» .