إذا أردت أن تعرف بعضا من صدي الثورة المصرية علي بعض كتّاب ومحللي الدول الغربية السياسيين، فما عليك إذا سوي أن تقرأ كتاب "الثورة المصرية..25 يناير" الصادر حديثا عن "مطبوعات مجلة الكتابة الأخري"، من تأليف المنظّرين والمناضلين الماركسيين الفرنسيين آلان وودز وفريد ويستون. أهمية الكتاب تتعدي كونه يضم عددا من المقالات التي تعد بمثابة متابعة يومية لأحداث الثورة المصرية، قام الكاتبان بنشرها علي الموقع الألكتروني الذي يرأس وودز تحريره بعنوان( Marxist.com)، إلي كونه يحوي تحليلا "اشتراكيا" للثورتين التونسية والمصرية علي السواء، بالتركيز علي دور العمال، وضحده لأوهام الغرب المتخوفة من صعود الإخوان المسلمين والتيارات الدينية إلي الحكم. في الكتاب يحكي لنا آلان وودز حكاية بسيطة يصل بعدها لمبتغاه، فيخبرنا أنه علي مدي عقود كان يتم بعناية نشر فكرة أنه لا يوجد أساس للاشتراكية والماركسية بين الجماهير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن أية معارضة ستكون تحت راية الأصولية الإسلامية، لكن وودز يخبرنا أن تلك الحجة خاطئة بشكل كامل وأن الثورة التونسية شاهدة علي ذلك، ودلالاته هي أن النساء الشابات اللائي خرجن إلي الشوارع لمواجهة الشرطة لم يكن يرتدين البرقع، بل إنهن متعلمات وذكيات ويتكلمن الفرنسية والإنجليزية بشكل جيد، ويؤكد وودز أن "تصوير الأصوليين باعتبارهم تيارات ثورية هو خيانة لقضية الاشتراكية"، ويقولها لنا صراحة "إن الثورة العربية المستقبلية لن تندلع تحت راية الأصولية الإسلامية الظلامية، بل تحت علم الاشتراكية الأحمر". ويتنبأ وودز بحدوث إطاحة ثورية للرأسمالية في كل مكان تحاول فيه الطبقة الحاكمة وضع العبء الكامل علي أكتاف أفقر طبقات المجتمع بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية. ينتقل بنا المؤلف للتطبيق علي الحالة المصرية، ويخبرنا أن ثورة الشعب المصري أخذت الإخوان المسلمين كما أخذت الأحزاب السياسية علي حين غرة، وأن غالبية الثوّار من الشباب والطلاب الذين لم يقاتلوا لفرض الشريعة ولكن من أجل الحرية وفرص العمل، ويؤكد لنا أن إضرابات العمال المصريين المستمرة منذ عام 2004 وحتي أحداث المحلة الكبري يوم 6 إبريل عام 2008 وما بعدها، والتي وصلت ل1900 إضراب، كانت بمثابة تهيئة الأرض للثورة المصرية بكسر الخوف عند بقية الشعب المصري، وأن الطبقة العاملة اعتبرت الثورة وسيلة للنضال ليس فقط من أجل الديمقراطية الشكلية، بل من أجل تحسين الأجور وظروف العمل من أجل حياة أفضل. ولم ينس مؤلف الكتاب أن يخبرنا في النهاية بأهمية القطع مع الرأسمالية ومصادرة أملاك الرأسماليين والإمبرياليين وإنجاز التحول الاشتراكي للمجتمع.