بعد تلك النتائج المبهرة لاستفتاء 19 مارس 2011 وهذا الانبهار، بسلوك حضاري للشعب المصري حسدنا عليه دول العالم كله، هذا الشعب الذي اصطف رجاله ونساؤه وشبابه، كي يدلوا بنعم أو لا أمام تعديلات دستورية اختلفنا عليها من حيث المبدأ وليس من حيث تفاصيلها، بعد هذه النتائج التي أضافت إلي معالم شعب مصر، معلما جديدا. فشعب قام بثورة، وقام بتنظيف الميادين والشوارع التي نزل فيها معبرا عن غضبه، شعب قام بثورة فانسحبت قوات الأمن وتركت البلاد في فراغ أمني، فراح الشعب يشكل مجموعات حماية لمتاحفه، ومحلاته ومؤسساته قبل أن يشكل مجموعات لحماية منازله ومدارسه ومساجده وكنائسه، لأول مرة في تاريخ الثورات الشعبية تكون تلك المعالم للشخصية المصرية الفذة، التي اتهمت فيها قبل الثورة بأن شعب مصر انتهي- مش موجودن وليفعل به ما يريد حاكمه أو حكامه، يسرقونه، وينهبون ثرواته، ويعتدوا علي مقدساته، ولا يعبئون بكرامته ولا بمصالحه، وإذا منوا عليه بشيء عايروه بها، حيث عايرونا، بالشوارع والطرق والمترو والتليفونات والصرف الصحي، تلك المشروعات التي أنشئت من أموالنا، وليتها كلها أي أن جزءا من أموالنا، والباقي في حساباتهم بالبنوك المصرية والأجنبية، هكذا أعلن شعب مصر عن معدنه ومعلمه، وأنه قادر علي أن يظهر أمام العالم متفردا متميزا بخواص لا يمكن تكرارها في شعوب أخري تنشئي ثوراتها، لذلك فإن الأجندة السياسية التي أمامنا الآن، أن نفسح الطريق لإنشاء أحزاب جديدة، لمشاركة شباب ثورة 25 يناير. نحن في احتياج لأجهزة إعلام حرة، تسمح للجميع بتقديم وجهات نظرها دون قيد أو شرط. مطلوب إفساح المجال في الشارع المصري، لمناظرات وتهيئة مناخ الحرية والديمقراطية أمام الجميع لنشر أفكاره ومبادئه وبرامجه. مطلوب أيضا من الشعب المصري أن يتفرس الوجوه القادمة إليه وأن يفرق بين الغث والسمين. مطلوب أن نختار من يستطيع أن يحمل أمانة النيابة عن شعب مصر الحقيقي في البرلمان القادم. مطلوب من الشعب المصري الذي وقف بالملايين أمام صناديق الاستفتاء - أن يقرأ الخريطة السياسية في البلاد، وأن يقرأ المستقبل كيف يتشكل وهل الدولة المدنية التي نطمح في تأسيسها نحن فعلا في الطريق إليها؟ مجرد سؤال. هذه هي الأجندة السياسية الحالة اليوم أمام المصريين!