قبل إجراء الاستفتاء علي التعديلات الدستورية أمس مارس المؤيدون والمعارضون لهذه التعديلات حقهم الكامل في شرح وجهات نظرهم وأسباب الموقف الذي اتخذوه سواء بالتأييد أو الرفض للتعديلات الدستورية.. حدث ذلك علي صفحات الصحف وشاشات التليفزيون، بل حتي في الشارع من خلال المظاهرات والمسيرات واللافتات والمنشورات التي تم توزيعها علي المواطنين والمواطنات في البيوت والتجمعات.. فضلا عن المواقع الإلكترونية أيضا. وخلال الأيام التي سبقت الاستفتاء ازدهرت المناقشات علي المقاهي وفي النوادي ومواقع العمل وأيضا المساجد حول هذه التعديلات الدستورية.. فلم تشهد مصر نقاشا سياسيا واسعا مثلا شهدت مؤخرا حول التعديلات الدستورية التي اقترحتها لجنة د.طارق البشري وعرضها المجلس الأعلي للقوات المسلحة للاستفتاء عليها.. ولم يترك أحد من المؤيدين أو المعارضين لهذه التعديلات الدستورية فرصة للدفاع عن رأيه ومحاولة إقناع المواطنين به لحثهم علي تبني هذا الرأي.. حتي الإعلانات استخدمت لحشد الناس سواء في هذا الاتجاه أو ذاك. والآن.. بعد أن تم الاستفتاء بالفعل الذي يعد أول اختبار حقيقي حر مارسه المصريون يتعين أن نحترم نتائج هذا الاستفتاء أيا كانت هذه النتائج، سواء بتأييد التعديلات الدستورية أو رفضها. وأنا لا أقصد هنا المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وإنما أقصد تحديدا النخبة السياسية النشطة التي خاضت صراعا سياسيا ساخنا.. وواسعا قبل الاستفتاء حول هذه التعديلات، نظرا لتعارض الرؤي والمواقف بين التأييد والرفض.. فالمجلس الأعلي للقوات المسلحة استبق إجراء الاستفتاء إعلان موقفه وهو أنه مستعد للقبول بأي نتيجة له سواء بالموافقة أو الرفض.. أي أنه مستعد للقبول بمشيئة الشعب، وأنه جاهز بالسيناريوهات المختلفة اللازمة لانجاز مهام المرحلة الانتقالية التي يتولي خلالها إدارة شئون البلاد، حتي يسلم البلاد إلي السلطة التي يرتضيها الشعب. لكن النخبة السياسية النشطة شهدت خلال الأيام التي سبقت الاستفتاء مشادات واشتباكات واتهامات لو حدث تمادي فيها لوقعت صدامات غير مأمونة العواقب وإذا كان التفسير الحسن النية لهذه الظواهر يعللها بالحماس الذي انتاب كلا من المعارضين والمؤيدين لهذه التعديلات الدستورية، فإنه من المفروض أن هذا الحماس يجب أن يتوجه بعد انتهاء الاستفتاء إلي المضي قدما في إنهاء المرحلة الانتقالية وبناء الشرعية الدستورية الجديدة، التي سوف تؤسس لنا الديمقراطية التي ننشدها والدولة المدنية العصرية العادلة التي نتطلع إليها. والديمقراطية التي ننشدها تلزمنا بأن نقبل رأي الأغلبية، سواء هذه الأغلبية أبدت أو عارضت التعديلات الدستورية المقترحة.. لذلك يتعين علينا أن نحترم نتائج الاستفتاء.. أيا كانت هذه النتائج.. وألا نخاصم بعضنا البعض إذا جاءت هذه النتائج علي غير هوانا!