«المشكلة والصعوبة الحقيقية التي تواجه الثورة ليست فكرة الثورة المضادة كما يطلق عليها البعض، وإنما الوضع الاقتصادي علي الرغم من عدم إنكاره لحدوثها ولكنها أقل خطورة»، كان هذا رأي الكاتب الفرنسي الشهير برنار جيتا، في الندوة التي أقيمت الاثنين الماضي بالمعهد الثقافي الفرنسي بالقاهرة، بعنوان "الربيع العربي"، تحدث فيها وأدارتها الصحفية سمر الجمال. لفت جيتا، الذي يعد من أشهر المتخصصين الفرنسيين في شئون العلاقات الدولية، إلي أن المخاوف التي كان يتم تصديرها دائما إلي العالم، من نوعية أن الإسلاميين سيتصدرون المشهد السياسي في حالة وقوع الثورات، نوع من الغباء، ودليل علي أن هذه الأنظمة هشة تلفظ أنفاسها الأخيرة، وأن ذلك يحدث في إيران أيضا وليس في مصر وحدها. وأكد جيتا الذي عمل صحفيا في صحيفة "اللوموند" الفرنسية، أنه تنبأ بالأحداث الماضية والثورات التي عمت المنطقة العربية بأسرها، لكنه لم يكن يتخيل أن تبدأ هذه الثورات من تونس وليس من مصر. لفت جيتا إلي أن السعودية تمر بلحظة توتر، فهي تقوم بإرسال وحدات الجيش إلي البحرين، لأن الملوك أصبحوا في حالة خوف، ويتوقعون أن يحدث لهم ما حدث لغيرهم، وتأكيد ذلك ما قاله ملك البحرين من أنه لن توجد ملكية أخري في البحرين، فنري بذلك أن كل البلاد تحركت أو سوف تتحرك، ونجد أن سوريا سوف يحدث بها تغيير فظروفها كمجتمع مشابهة للمجتمع المصري. ونجد مثالا علي ذلك في دولتين، الأولي إيران وتحتل أخبارها نشرات الأخبار فقيامها بالثورة التي استمرت ستة أشهر وشارك فيها الشعب كله وليس الشباب فقط، وذلك بعد التزوير الذي حدث في الانتخابات والتي سمحت بتسليم نجاد السلطة مرة أخري، وأصبحت الشعوب هناك لا تطيق الموالي أو الشيوخ، أما الدولة الثانية فهي إسرائيل، فهي منذ سقوط نظام بن علي في تونس وهي تشعر بخوف شديد، ولا تعرف ما الذي يحدث في هذه الدول، والمبادرات التي دعا لها نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية في جزء من فلسطينالمحتلة هو نوع آخر من الالتفاف علي الأحداث، فالربيع العربي بدأ يضغط علي العزلة التي صنعتها إسرائيل. ونجد مثلا أنه في أوربا وبعد سقوط سور برلين، حدث بعد ذلك دعوات لتكوين الاتحاد الأوربي، وكان من متطلبات ذلك الانضمام للاتحاد إعطاء حرية أكبر للصحافة أن بدأت دول أوروبية في التراجع عن الاستمرار في تلك الخطوة علي الرغم من وجود موافقة مبدئية من قبل. ويري أن عملية التحول إلي الديمقراطية ستكون طويلة ولكنها ستحدث بقليل من الصبر، كما أن تلك الأحداث غيرت صورة العرب لدي الغرب، التي تكونت بعد أحداث يناير، لتبقي صورة ميدان التحرير للشباب المؤمنين بالتحرير، وبذلك يكتشف الغرب الوجه الآخر للعرب والمسلمين، ويقلب بذلك صفحة عشرين عاما من التفاهات.