البعض ينظر للاستفتاء القادم علي التعديلات الدستورية علي أنه مؤشر سوف يدلنا عملياً علي قوة الإخوان المسلمين في الشارع المصري.. فهم القوة الأساسية التي بادرت بإعلان تأييدها لهذه التعديلات وأعلنت جماعتهم علي لسان أكثر من مسئول فيها أنها لا تكتفي بدعوة أعضائها بالتصويت بنعم علي هذه التعديلات وإنما تحض المواطنين من غير أعضائها علي ذلك.. بالتالي - طبقا لأصحاب هذا الرأي - فإن التصويت بنعم علي هذه التعديلات سيعني أن الإخوان قوة مؤثرة في الشارع المصري. وقد يبدو لهذا الرأي وجاهته خاصة أنه في مقابل تأييد الإخوان للتعديلات الدستورية توجد تيارات وجماعات عديدة أعلنت رفضها لهذه التعديلات لأنها تراها مضيعة للوقت وتطالب بتغيير الدستور كله، وإعداد دستور جديد بدلاً من الدستور القديم، سواء الأحزاب السياسية القائمة أو القوي السياسية الجديدة التي خلقت من رحم ثورة 25 يناير أو الشخصيات السياسية البارزة ومنها من أعلن ترشيح أنفسهم. لكن رغم هذه الوجاهة لهذا الرأي فإنه قد لا يكون معيباً، فربما يكون الإخوان هم الجماعة المنظمة الوحيدة والأهم التي أعلنت تأييدها للتعديلات الدستورية.. وربما أيضاً كل القوي السياسية الجديدة وحتي القديمة غير الإخوان يعارضون هذه التعديلات إلي درجة أن من بين هذه القوي من وصل في معارضته إلي حد حث الناس علي مقاطعة الاستفتاء علي هذه التعديلات الدستورية، أو اعتبارها خدمة للثورة المضادة وتعطيلاً لحركة الثورة، غير أن قصر النظر إلي كل هؤلاء فقط يستبعد من الصورة المواطنين العاديين وهم الكتلة الكبيرة، بل الأكبر في مصر، فهذه الكتلة لا الإخوان أو القوي السياسية الأخري هي التي ستحدد نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، سواء بالموافقة أو الرفض علي هذه التعديلات. وترتيباً علي ذلك فإن نتيجة الاستفتاء سوف تكون مؤشراً علي الاتجاه الذي سوف تنتهجه هذه الكتلة من المواطنين التي كنا دائماً نسميها بالكتلة الصامتة، التي قاطعت الاستفتاءات والانتخابات، وليس مؤشراً علي قوة أو نفوذ وتأثير جماعة الإخوان في المجتمع، وثمة دلائل مختلفة عديدة تشير إلي أن كثيرين من أبناء هذه الكتلة سوف يذهبون للإدلاء بأصواتهم في هذا الاستفتاء القادم علي التعديلات الدستورية المقترحة. لذلك.. أعتقد أنه إذا جاءت نتيجة الاستفتاء تأييداً وموافقة علي التعديلات الدستورية المقترحة فإن ذلك سيعني أن الكتلة الصامتة، كتلة الأغلبية الحقيقية في هذا الوطن، قررت أن تتوقف عن الصمت أمام صناديق الاستفتاء وانحازت الفكرة تجاوز الفترة الانتقالية من خلال هذه التعديلات الدستورية. ولكن.. إذا لم تحظ هذه التعديلات الدستورية بموافقة الذين شاركوا في الاستفتاء قد يري آخرون أن ذلك يعد رفضاً لدعوة الإخوان المواطنين لتأييدها.